تنازلت أسرة سعودية عن قاتل فقيدها في محكمة تبوك الكبرى أمس الأول، بعد رفضها للعفو لأكثر من 21 سنة قضاها الجاني في السجن في انتظار تنفيذ الحكم الصادر بحقه. وفاجأت بدرية جديع الجديع وابناها فاطمة وسعود عسكر النزال رئيس محكمة تبوك العامة الشيخ سعود اليوسف وذوي القاتل بإعلانهم العفو عن دم قاتل مورثهم ابتغاء لمرضاة الله. ولخصت ل «عكاظ» زوجة القتيل بدرية الجديع أسباب العفو بعد هذه المدة الطويلة في رغبتهم «احتساب الأجر والمثوبة من عند الله سبحانه وتعالى، وعودة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد إلى أرض الوطن سالما معافى، وحلول يوم عاشوراء». وذكرت الجديع التي تعمل معلمة في الروضة الأولى أن الهدف من التنازل هو ابتغاء الأجر من عند الله وتوجيه رسالة إلى ذوي الدم، مشيرة إلى أن تفاصيل القضية بدأت عام 1410 ه بمقتل زوجها الذي كان يعمل ضابطا للخفر في المدينة العسكرية في تبوك، وتم قتله على يد زميل له هو عطا الله الصقر الذي لم يكن بينه وبين زوجها أي خلافات سابقة، وظل ينفي التهمة طوال العشرين سنة الماضية وحتى بعد تنازلنا عنه. وأضافت الجديع: «برغم المحاولات المتكررة من عدة جهات من داخل المنطقة وخارجها وعرضها لمبالغ كبيرة، إلا أننا كنا متمسكين بالقصاص»، مشيرة إلى أن النية لديهم كانت تميل إلى التنازل منذ خمس سنوات، بالرغم من محاولات تلك الجهات والعروض المالية التي كانت تقدر بالملايين. من جهتها، قالت الابنة الكبرى للقتيل والطالبة في جامعة تبوك، وهي صاحبة المبادرة بالعفو، إن العفو كان يخالج نفسي منذ فترة طويلة وهو ما حصل بالفعل، مبينة أنها كانت تبلغ من العمر وقت مقتل والدها ثمانية أشهر فقط، وكانت والدتها حاملا بشقيقها سعود. وعن تفاصيل العفو تقول: «ذهبت مع عمي إلى المحكمة وأعلنت تنازلي لوجه الله ووقتها كان خصمنا حاضرا في الجلسة». وتلقى رئيس محكمة تبوك الشيخ سعود اليوسف والحضور، تنازل الزوجة والبنت بفرحة غامرة، خصوصا أن جهود الوساطة السابقة لإبعاد حد سيف القصاص عن القاتل لم تتكلل بالنجاح خلال ال 20 سنة الماضية، وقال إن هذه القضية تنظر في المحكمة الشرعية باستقلالية تامة، كما هو الحال في جميع قضايا المحاكم في المملكة، وأنها عرضت على المحكمة عام 1412 ه وبذل القضاة فيها جهدا كبير وحاولوا بالصلح فيها ولكن الله سبحانه وتعالى لم ييسر هذا الأمر. وتحدث ل «عكاظ» المعفو عنه عطا الله هلهول الصقر وقال «أشكر ابنتي فاطمة على تنازلها هي ووالدتها وأدعو للقتيل بالرحمة الواسعة». ويضيف «أنتظر خروجي من السجن لإظهار الحقائق التي سأثبتها بمجرد خروجي»، في إشارة إلى حكم القصاص بحقه الصادر من المحكمة العليا باعتباره لم يقر بالجريمة طوال مدة حبسه. واعتبر مدير إدارة سجون منطقة تبوك العقيد منصور المطلق السجين عطا الله أقدم سجين في سجن تبوك العام، وقال أطلب من ذوي الدم أن يحذوا أسرة القتيل لأن ما عند الله خير وأبقى. من جهتها، ثمنت شريفة الفهاد المعلمة في مدرسة الأبناء الثالثة وزوجة المعفو عنه الموقف الإنساني لعائلة المقتول وتنازلهم عن عائلهم وقالت الفهاد إنها صبرت وتحملت جميع هذه السنين من أجل زوجها وأبنائها وبناتها الستة ( أربع بنات وولدان) رغم الضغوط النفسية التي تعرضت لها من التحقيقات التي أجريت معها مرورا بسجن زوجها وكان أبناؤها وقتها ما زالوا صغارا في السن. وثمنت الفهاد الموقف الإنساني من قبل ولي العهد حينما سجن زوجها في هذه القضية، بعد أن طُلب منها أن تخلي منزلها في السكن الجاهز في المدينة العسكرية ورفعت تظلما إلى ولي العهد وأمر صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء والمفتش العام ببقائهم في منزلهم، كما ثمنت الموقف الإنساني لصاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن فهد عندما أمر لهم بمبلغ مالي مجز لمساعدتهم على تخطي هذه الظروف.