مجرد التفكير في سيناريو يتمكن فيه بشار الأسد من قمع انتفاضة الشعب السوري وإخماد ثورته يثير الكثير من الإحباط. فلا أحد يريد أن يتخيل أن تفشل هذه الثورة بعد أن قدمت الآلاف من الشهداء من خيرة أبناء سوريا. قرارات الجامعة العربية الأخيرة أعطت دفعة من الأمل للشعب السوري ولكن يظل احتمال انتصار نظام الأسد قائما حتى ولو كان هذا الانتصار مؤقتا. ففي الذاكرة مشاهد مماثلة لانتفاضات شعبية تم وأدها بسبب محدودية خيارات الحسم في الداخل و تلكؤ المجتمع الدولي كما حصل في انتفاضة جنوب العراق عام 1991م. فشل الثورة السورية سيؤدي إلى نتائج كارثية على جميع الأصعدة. السوريون في الداخل سيتعرضون لحملات ستالينية من التنكيل والاستئصال على يد النظام ومن ينجو من بطش النظام لن ينجو من مأساة إنسانية تشبه ما حصل للعراقيين في التسعينات الميلادية جراء العزلة الاقتصادية والسياسية وربما الشعبية التي ستعيشها سوريا في حال استمرار نظام الأسد. والدول العربية لن تسمح بتعرض سياساتها الخارجية لأزمة مصداقية وهزيمة أمام المشروع الإيراني وستسعى لإغراء روسيا والصين اقتصاديا لوقف دعم الأسد مثلما حصل مع العراق بعد غزو الكويت وهذا سيحول معدات الجيش السوري إلى «خردة» على المدى البعيد. أما أبشع هذه النتائج فهو العار الذي سيلتصق للأبد بالبندقية السورية التي لم تنحز إلى شعبها وهو يذبح. خيار التدخل العسكري الخارجي الذي طالب به الثوار السوريون في جمعة «الحظر الجوي» قبل 3 أسابيع، لا يبدو أنه خيار وارد اليوم. فالنظام السوري ليس كنظام القذافي الذي لم يكن يملك حلفاء مؤثرين وهذا الشيء الذي سهل مهمة الناتو في ليبيا. وتدخل عسكري تركي بغطاء دولي لخلق منطقة عازلة لن يكون كافيا لإسقاط نظام الأسد بل إن هذا الخيار قد ينتج سوريا مقسمة. وحدهم قادة الجيش السوري ورموز النظام من خارج أسرة الأسد يدركون بأن الأسد بإمكانه أن يؤخر النهاية ولكنه لا يمكن أن يفلت منها للأبد وأن الحليف الإيراني نفسه ليس بمنأى من الثورات الشعبية. العدالة ستأخذ مجراها عاجلا أو آجلا فصدام حسين أفلت عام 1991 ولكنه عاد فانتهى في حفرة بعد 13 سنة وانتهى قادة جيشه وحزب البعث العراقي مجرد صور لمطاريد على أوراق كوتشينة أمريكية رخيصة. وحده الجيش السوري بإمكانه تصحيح مسار التاريخ وإسقاط الأسد لتفادي نهاية شبيهة ولإعادة الكرامة إلى البندقية السورية التي لم تطلق رصاصة واحدة تجاه تحرير الجولان منذ 38 عاما.