عندما وفقني الله إلى الارتباط بابنة العم الفاضل د. عباس المرزوقي، وكما هو معتاد في مثل هذه الأحوال، قمت بالسؤال عن العائلة، ويشهد الله أنني لم أسمع حينها إلا كل ثناء ومديح لهذا الرجل الفاضل، وبالفعل طيلة عشرتي معه يرحمه الله وجدت أن ما قيل لي في حقه هو أقل مما يتمتع به من صفات حميدة، حسن الخلق، طيب العشرة، دماثة الخلق، والنظرة الثاقبة البعيدة للأمور. عند زواجي من (علا) ابنة المغفور له بإذن الله د. عباس، كان لي ولدان يبلغان من العمر (7 8 سنوات) وبفضل الله وتوفيقه لم يشعرا يوما بغير المحبة والألفة، حيث أنه يرحمه الله كان يحبهما ويعتبرهما كأحفاده، حتى أنه كان يعتبر أن ابنته علا هي أمهما، ولقيا منه يرحمه الله كل المحبة والحنان والنصح والدعاء لهما بالتوفيق والنجاح والخير كأي جد محب لأحفاده. كان رحمه الله نعم (العم) لي، حيث أنه طيلة سنوات زواجي من ابنته لم يتدخل قط في حياتنا معا، لا في صغيرة ولا كبيرة، وكان ينصحني بآيات من القرآن الكريم من سورة فصلت: قال الله تعالى (ولاتستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم (24) وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم). وكان ينصحني دائما بالصبر ومعالجة الأمور بالحكمة، وتعلمت الكثير والكثير من العم د. عباس سواء في الحياة الشخصية أو العملية، حيث كان يرحمه الله ذو خبرة إدارية واسعة فهو من أوائل الأطباء الجراحين الذين عملوا في مستشفى (أجياد) في مكةالمكرمة، وعين مديرا عاما للشؤون الصحية في منطقة مكةالمكرمة، ثم انتدب للعمل كمندوب المملكة في منظمة الهلال والصليب الأحمر الدولي في جنيف، ثم عين مديرا تنفيذيا لمركز الأبحاث في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض لمدة 15عاما ليعود مرة أخرى إلى مسقط رأسه ومنطقته التي طالما أحبها وخدمها بكل ما يملك من جهد كمدير عام للشؤون الصحية في منطقة مكةالمكرمة حتى أحيل رحمه الله إلى التقاعد. ونظرا لكفاءته المميزة فقد عرض عليه القطاع الخاص ليكون أحد قياداته، وحظيت مستشفيات جدة الوطني بأن يكون أحد قادتها كنائب للمدير العام للمستشفيات، وتشرفت بالعمل تحت إدارته لمدة خمس سنوات حتى اشتد عليه المرض رحمه الله فاضطر إلى ترك العمل للعلاج والراحة. رحل العم عباس عن دنيانا، ولكن ذكراه العطرة الطيبة ستبقى للأبد في قلوبنا وقلوب محبيه، وعزائي لكل عائلته الكريمة ولزوجتي الفاضلة علا، وللأخوات مها وسنية ولزوجته الفاضلة النبيلة زينات السيد أبو حسين، ولكل من أحبه وصاحبه بالمعروف. رحمك الله ياعم عباس رحمة واسعة وأسكنك الله الفردوس الأعلى مع الشهداء والصديقين وإنا لله وإنا إليه راجعون. محمد صلاح مطبقاني