هلل الإيرانيون لاندلاع الثورة الشعبية في تونس على اعتبار أنها انتصار لإرادة الشعب وتوجه مبارك للتحرر حسب المفهوم الإيراني، ثم كالوا المديح للثورة المصرية ووصفوها بالانعتاق التاريخي من ربقة التبعية للغرب وبالثورة المشروعة على النظام التعسفي الذي جثم طويلا على صدور المصريين ثم أثنوا على ما تلاها من ثورات عربية أخرى واجتهد إعلامهم في ربط ما يحدث في العالم العربي بتأثير الثورة الإيرانية ومدها المزعوم، لكنهم توقفوا حين تعلق الأمر بالثورة الشعبية ضد النظام الذي تربطهم به الأحلاف في سورية ولم يروها بذات العين رغم تشابه أو تطابق الظروف والمعطيات بل أدانوا خروج المواطنين العزل في تظاهرات سلمية تطالب بتغيير النظام الذي يحكمهم رغم إرادتهم، ولم يعتبر الإيرانيون ذلك ثورة مشروعة مع كل ما لها من مقومات الثورة الشعبية، إنما بادروا بوصفها مؤامرة خارجية تسعى لتقويض أسس الدولة الوحيدة التي ما زالت تقف في وجه المخططات الأمريكية الإسرائيلية وتحمل لواء المقاومة والتحرير مع أننا لم نشاهد مقاومة حقيقية ولا تحريراً خلال خمسين سنة من عمر النظام حتى أن الجبهة السورية ظلت أهدأ الجبهات فلم تشهد إطلاق رصاصة واحدة منذ حرب أكتوبر 73، راح النظام الإيراني يكيل التهم للدول التي تململت من تزايد عمليات العنف والقتل الممنهج وحصار واقتحام المدن واتهمها بالسعي لخدمة المخططات الصهيونية، سالت أنهار الدماء في شوارع المدن والقرى السورية وتساقط آلاف القتلى والجرحى بنيران أمن النظام وعصابات الشبيحة وتتابعت قوافل الشهداء وانتهكت حرمات البيوت والمساجد، ومع ذلك لم ير الإيرانيون سوى عصابات المخربين والإرهابيين الذين لم ترصد وجودهم أجهزة استخبارات العالم ولا تقارير وكاميرات الإعلام الفضائي، وحده النظام السوري وحلفاؤه شاهدوا تلك العصابات وتحققوا من وجودها في استغباء واضح لشعوبهم وللمجتمع الدولي الذي سئم مراوغتهم وتضليلهم، وحقيقة الأمر أن إيران تحاول الإبقاء على النظام السوري الآيل للسقوط بكل وسيلة ممكنة فترفد خزينته بالمال رغم حاجتها وعوزها وتمده بالخبراء وبالمعدات العسكرية التي تمكنه من قمع شعبه للحفاظ على بذور الطائفية المذهبية التي ظلت تغرسها في الأرض السورية على مدى عقود وتتشبث بالحلف المشبوه الذي أدارت به سورية ظهرها لمحيطها وعمقها العربي وشرعت الأبواب لقوافل الإمدادات التي طالما أشعلت الفتن وغذت النزاعات الطائفية في لبنان وفي غيره من بلاد العرب. [email protected]