المملكة تتسلم رسمياً استضافة منتدى الأمم المتحدة العالمي للبيانات 2026 في الرياض    العضوية الذهبية لاتحاد القدم    سباليتي يثني على الروح الجماعية لمنتخب إيطاليا    ضبط يمني في الدمام سكب الأسيد على آخر وطعنه حتى الموت    الزفير يكشف سرطان الرئة    تطوير الطباعة ثلاثية الأبعاد لعلاج القلب    المملكة وتونس توقعان مذكرة تفاهم في مجال تشجيع الاستثمار المباشر    اليابان تعد بحزمة مساعدات إضافية لأوكرانيا    الشرطة الفرنسية تحرر رهائن المطعم قرب باريس    ضبط شخصين في الشرقية لترويجهما الحشيش و(18,104) أقراص خاضعة لتنظيم التداول الطبي    الأزياء النسائية في منطقة جازان.. هوية تجمع بين الأصالة والجمال    الربيعة يتسلم جائزة القيادة العالمية    قوافل إغاثية سعودية جديدة تصل غزة    التزام دولي بإعلان جدة بشأن مقاومة مضادات الميكروبات    المملكة تستضيف الاجتماع ال 39 لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا    نصف مليون طالب وطالبة في 2455 مدرسة يحتفون باليوم العالمي للتسامح بتعليم مكة    أمير الباحة يكلف " العضيلة" محافظاً لمحافظة الحجرة    الأحساء وجهة سياحية ب5 مواقع مميزة    حسن آل الشيخ يعطّر «قيصرية الكتاب» بإنجازاته الوطنيّة    إعصار قوي جديد يضرب الفلبين هو السادس في خلال شهر    خطأ في قائمة بولندا يحرم شفيدرسكي من المشاركة أمام البرتغال بدوري الأمم    «هلال نجران» ينفذ فرضية الإصابات الخطيرة    برامج تثقيفية وتوعوية بمناسبة اليوم العالمي للسكري    إعلان أسماء 60 مشاركاً من 18 دولة في احتفال "نور الرياض 2024"    المواصفات السعودية تنظم غدا المؤتمر الوطني التاسع للجودة    الليث يتزعم بطولتي جازان    الهدى يسيطر على بطولة المبارزة    بيان سعودي فرنسي عن الاجتماع الثاني بشأن العُلا    تطبيق الدوام الشتوي للمدارس في المناطق بدءا من الغد    الأربعاء المقبل.. أدبي جازان يدشن المرحلة الأولى من أمسيات الشتاء    التواصل الحضاري ينظم ملتقى التسامح السنوي "    وزير التجارة: منع الاستخدام التجاري لرموز وشعارات الدول والرموز والشعارات الدينية والطائفية    «الداخلية»: ضبط 20124 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    إسرائيل تعترض صواريخ ومسيّرات وتكثّف الغارات على ضاحية بيروت    ضيف الرأي: الفنانة التشكيلية مروة النجار    المربع الجديد استعرض مستقبل التطوير العمراني في معرض سيتي سكيب العالمي 2024    «سلمان للإغاثة» يوزّع 175 ألف ربطة خبز في شمال لبنان خلال أسبوع    مصرع 10 أطفال حديثي الولادة جراء حريق بمستشفى في الهند    استمرار تشكل السحب الممطرة على جازان وعسير والباحة ومكة    مهرجان صبيا.. عروض ترفيهية فريدة في "شتاء جازان"    وظائف للأذكياء فقط في إدارة ترمب !    تركيا.. طبيب «مزيف» يحول سيارة متنقلة ل«بوتوكس وفيلر» !    "أخضر الشاطئية" يتغلب على ألمانيا في نيوم    لجنة وزارية سعودية - فرنسية تناقش منجزات العلا    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    اختتام مزاد نادي الصقور السعودي 2024 بمبيعات قاربت 6 ملايين ريال    "الشؤون الإسلامية" تختتم مسابقة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في غانا    منتخب مصر يعلن إصابة لاعبه محمد شحاتة    الأمير محمد بن سلمان.. رؤية شاملة لبناء دولة حديثة    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    قادة الصحة العالمية يجتمعون في المملكة لضمان بقاء "الكنز الثمين" للمضادات الحيوية للأجيال القادمة    خطيب المسجد النبوي : سنة الله في الخلق أنه لا يغير حال قوم إلا بسبب من أنفسهم    خطيب المسجد الحرام: من ملك لسانه فقد ملك أمرَه وأحكمَه وضبَطَه    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المدوّنات في قبضة المهرجين
نشر في الحياة يوم 04 - 05 - 2011

التشهير والقدح من سمات ضعاف النفوس، وضعاف الحجة، ممن ينطلق بهم عنان الانحطاط خارج المألوف والمقبول منطقياً وأخلاقياً، ظناً منهم أنهم يسترون عورة طرف هو غالباً الطرف الأقوى في نزاع سلمي أو عنفي، وظناً منهم أيضاً أنهم «ينشرون عِرض وأخلاق» طرف هو المتضرر من الطرف الأقوى عنفياً لا سلمياً على الأغلب.
واليوم، بات الإعلام السوري الرسمي الكاريكاتوري جداً بحاجة على ما يبدو إلى مِخيال يُغني قنواته الأرضية والفضائية، أضف إليها فضائية «الدنيا» التي تدور بدورها في فلك السلطة، فعاد إلى مسرح التهريج مؤخراً مسلسل سوري كنا قد شهدنا حلقات منه قبل حوالى عامين أو ثلاثة، ليعود اليوم في جزئه الثاني منذ بدء الاحتجاجات المطالبة بالحرية في سورية، وبنفس الحلة التي عرفناه بها سابقاً.
هذا المسلسل الجيمس بوندي عبارة عن مدونة إلكترونية اسمها «فيلَكا إسرائيل»، وهي مدونة دأب الإعلام الممانع على تلقف أخبارها ونقلها لمعلومات وأخبار عن شخصيات سورية ولبنانية معارضة للنظام السوري. إن نَسب هذه المدونة إلى العدو الإسرائيلي واستخباراته يحاول إضفاء صدقية على الاتهامات التي كيلت لتلك الشخصيات وتسويق فكرة ارتباطها الاستخباراتي بإسرائيل، على ما جرى مثلاً لا حصراً مع حازم صاغيّة وياسين الحاج صالح وزياد ماجد وحسام عيتاني وبلال خبيز ووسام سعادة وآخرين. يحاول التهريج الفيلَكاوي عبر أخباره الركيكة منطقياً ولغوياً نشر فكرة تستند إلى ما مفاده «شهد شاهد من أهله». فهؤلاء الأشخاص وغيرهم «عملاء ومرتبطون بالاستخبارات الإسرائيلية وليس لإسرائيل ومخابراتها غرض أو نفع قد يعود عليها من اتهام عملاء ومرتبطين بها كذباً وبمعلومات غير دقيقة». المعلومات صحيحة إذاً! وإذا ما سَأل القارئ محرك البحث غوغل عن هذه المدونة، وجد أمامه ما معناه «نحن الصهاينة نجد أنفسنا مضطرين لأن ننشر على مدونتنا مقالة لصديقنا الدكتور والأكاديمي (...) وهو صهيوني مثلنا...».
لنلاحظ درجة استغباء البشر، العرب والإسرائيليين منهم على حد سواء، والاستخفاف بقدرتهم على تمييز الغث من السمين. واللافت أن تهمة الارتباط بالعدو الإسرائيلي هي أخطر ما قد يوجه إلى كاتب أو مثقف أو حتى مواطن عادي بعيد عن السياسة ومنصرف إلى همومه وحياته اليومية، وما أكثر تلك الهموم. ونتيجة الاتهام ذاك هي الحكم عليه بالموت، سواء ثبت عليه الارتباط هذا أم لم يثبت.
كان الأحرى بإسرائيل واستخباراتها أن لا تذيع ارتباط هؤلاء وغيرهم بها لو كانت هي من يقف وراء مدونة فيلَكا، على الأقل لكي تستفيد أكثر في حال بقي هؤلاء على «ارتباطهم» معها، لا أن تذيع أسماءهم عبر مدونة تكشّف لاحقاً أنها تنتمي إلى التيار الجارف الذي يهيمن على الساحتين السورية واللبنانية، وهو تيار حاول التشهير بمثقفين ومعارضين له، حتى بعد أن بدأت الاحتجاجات المطالبة بالحرية والإصلاحات ورفع قوانين الطوارئ في سورية. فها هي فيلكا إسرائيل تطل عبر نشرة وُزعت في سورية ولبنان دونما تحفظ وبسهولة وتسهيلات رسمية منافية لتحفظ أو منع يتعلق بكون معلوماتها صادرة عن العدو الإسرائيلي والصهاينة، وقد حملت تلك النشرة عنوان «من اجل أن نعرف ماذا يخطط لسورية وليكون الشعب السوري يداً واحدة». وبمقدمة هوليودية تقول: «كشف موقع فيلكا إسرائيل الاستخباراتي الإسرائيلي عن تفاصيل خطة محكمة قال إن بندر بن سلطان وضعها بالتعاون مع السفير الأميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان... لتحويل سوريا إلى العصر الحجري».
لا يعني دحض الادعاءات الفيلكاوية أنه ليس ثمة مؤامرة أو استهداف لسورية وبلدان عربية ومشرقية عديدة، بل لا بد من التأكيد على وجوب وقوف جميع الوطنيين والشرفاء من سائر شرائح المجتمع السوري ضد أي مخطط تقسيمي أو طائفي في سورية، لكن الخلفية الاتهامية لدى فيلكا وشاشات التلفزة الرسمية في سورية والصحف السورية الرسمية، البعث وتشرين والثورة، «وهي الصحف التي لا تخالف إحداها الأخرى إلا مخالفة المبتدأ للخبر في الجملة الاسمية» لا تنطلق من هذا المنطلق بقدر محاولتها (وهي مسيَّرة ومرسوم خطها مسبقاً) اتهام كل من يرفع الصوت منادياً بالحرية والإصلاح والسِّلمية في التظاهر وحرية التعبير، بالارتباط بالعدو. وغني عن القول إن الشعب السوري ونخبه المعارضة لم ترفع يوماً راية التدخل الخارجي أو الاستعانة بالعدو الإسرائيلي، بل كان الجولان في صلب اهتماماتها ودعواتها على ما نشاهد اليوم من مطالبات في التظاهرات السِّلمية التي يقوم بها أبناء سورية الصابرة بحرية الجولان والتراب السوري بأسره.
يبدو أن الاتهام والتخوين والتشكيك بوطنية وشرعية المطالب التي يرفعها الشعب السوري اليوم هو المسيطر كالعادة على خطاب النظام ونهجه في التعامل مع الراهن السوري. ففي حين تتاح المنابر العربية والأجنبية لكتّاب ومنظّرين ومحللين سياسيين من داخل النظام، تتهم المنابر ذاتها بالانحياز والتصهين لدى استقبالها أي معارض سوري أو كاتب أو مثقف من خارج النسق السلطوي، أو حتى شاهد العيان.
واستطراداً، أطرح سؤالاً برسم حزب ولاية الفقيه في لبنان: منذ متى هذه الثقة المطلقة بإسرائيل لكي تقوم قناة المنار وفضائية العالم الإيرانية بتداول أخبار مدونة فيلكا إسرائيل، وحزبكم الإلهي على قطيعة مطلقة مع إسرائيل ولن يرضى كما نعرف بأقل من تحرير فلسطين من البحر إلى النهر؟
إذاً، المعارضون والمثقفون السوريون مشهَّر بهم من قبل فيلكا إسرائيل، وآخرهم الكاتبة والروائية المحترمة سمر يزبك، وهي ممن تعتز الساحة الثقافية والفكرية السورية بانتمائهم لها، وتهمة السيدة سمر هي قيادة مجموعة مسلحة، كما يشهّر اليوم بالشعب السوري السلمي والمطالب بالإصلاح والحرية، وبحبكة متهافتة تحاول عبثاً أن تقول إن كل من يصيح اليوم في سورية «حرية حرية... سِلمية سِلمية» مرتبط بمؤامرة خارجية.
الإعلام السوري لا يزال يمارس التعتيم وخنق الأصوات المعارضة وتقديم رؤية بيضاء ومشرقة لواقع سورية رغم الآلام، وهذا امتداد لإعلام الثمانينات والتسعينات، قبل بزوغ فجر الصحون اللاقطة والإنترنت وخدمات الموبايل والفايسبوك، في حين لا يزال البعض يتوهم وسط كل هذه الثورة المعلوماتية والإعلامية أنه يستطيع «أن يحبس الشمس في يده، أو يسكب البحر في فنجان».
* كاتب سوري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.