لم يتوقف التهديد الإيراني للخليج والعرب يوماً، وفي الذاكرة الرسمية-كما الشعبية لازالت أحداث سيئة متفرقة شهدتها المنطقة مرتبطة بالتدخل الإيراني، عبر ما عرف ب» تصدير الثورة الإسلامية» وزرع قوى ظاهرة أو مستترة. سيرة إيران لم تكن أبداً في صالح استقرار وأمن المنطقة وتنميتها وازدهار اقتصاديتها، بل ظلت سبباً للحروب وللقلاقل، والفتن، وبشكل متواصل التهديد بإحراق الخليج وإيقاف الملاحة فيه، وتحريك خلاياها النائمة، طبقاً لتصريحات إيرانية رسمية متواترة. آخرها من أعلى هرمه -خاميني- الذي هدد الأول من أكتوبر الجاري دول المنطقة بقصفها بالصواريخ. كما أن نظرة سريعة للخريطة العربية، تؤكد المسار الإيراني الساعي لخلق المزيد من الاضطرابات المستمرة: حيث لم تستخدم دولة أو نظام الحج -مثلاً- سياسياً، وتقوم وبافتعال أحداث متفاوتة بين الإجرام والإرهاب والفوضى والعبث، كما فعل نظام الملالي لنحو ثلاثة عقود مضت. ثم الحوثية - اليمن، ومساندة قوى معارضة محددة في البحرين لتفجير وضع الجزيرة الهادئة، والتدخل في العراق منذ الحرب العراقية الإيرانية، والحضور الاستخباراتي والاقتصادي التدميري في التركيبة العامة للدولة العراقية الراهنة واختراقها الكامل، مرور بحماس وتغذية الانشقاق الفلسطيني، وزرع حزب الله وسلاحه في لبنان، وفي أكثر من بلد عربي، واحتواء المتبقين من قادة القاعدة، مروراً ببداية عهد شراكة مريب مع حكومة الخرطوم، وطبعاً الحليف الأهم - السوري ممثل في نظام الأسد الحالي والمترهل. وهذا الأخير تحديداً هو الباب أو الحلقة الإيرانية الأهم في نفوذها داخل المحيط العربي. وجاء الكشف عن مخطط الإيراني لاغتيال السفير السعودي في واشنطن، وهو في إطار حملة تتزايد قوتها تطالب نظام بشار الأسد بإيقاف آلة التصفية النظامية التي تزداد شراسة يوماً بعد آخر، ووضع حد سريع للطموح النووي الإيراني المدمر. فقد كان السفير السعودي يلتقي يومياً أعضاء بالكونجرس الأمريكي والخارجية والأمن القومي لإطلاعهم على القلق العربي مما يحدث في سوريا، وما يرتكبه النظام. قصة أخرى تعكس التوافق السوري-الإيراني لتعطيل النشاطات المعارضة للنظام السوري، فقد اتهمت المباحث الفيدرالية -الأربعاء- سورياً مقيماً بأمريكا بالمشاركة بجمع معلومات عن تحرّكات المعارضين للنظام السوري. الحقيقة أن مؤامرة الاغتيال برمتها يصعب فصلها عن هدفها الرامي إلى إيقاف نشاط مضاد لوضع حد دولي لممارسات الحليف السوري ضد شعبه وصدور قرار أممي، لتأتي المساعدة على الطريقة الإيرانية، في ظل خشية طهران من فقدان نظام هو قاعدة نفوذه بالشرق الأوسط برمته. لذا قد نكون أمام مخطط أوسع نحو مرحلة تصدير إرهاب جديد للعالم، وهو أمر يمكن استنتاجه من حجم الاستنفار والاهتمام الدولي في مواجهة المخطط الإيراني الإرهابي.