ثمة أناس يجبرونك على الوقوف لهم، احتراما وإعجابا.. أناس لا يستسلمون للإعاقة الجسدية، بل يضيئون شمعة الأمل والطموح ويصنعون واقعا لحياتهم مكتوبا بمداد النجاح، ويعد عبد الرزاق عمر قطب البالغ من العمر 53 عاما، (أصم وأبكم) أنموذجا حيا لقوة الإرادة بعد أن صنع نفسه وتحلل من أساور إعاقة السمع والنطق، وواصل مشواره بعزيمة وإصرار، حتى التحق بوظيفة في جامعة الملك عبد العزيز وتدرج في عدة وظائف بدأها بإدارة شؤون الموظفين ثم إدارة المستودعات وأخيرا في عمادة القبول والتسجيل كمسجل بيانات الطلاب في الجامعة. بكل تحد ينطلق عبد الرزاق نحو النجاح، والإسهام في مسيرة البناء والتنمية في الوطن، هذا ما أكده بإشارة من يده التي كانت تتحرك في كل الاتجاهات للرد على استفسارات الطلاب في غرفة تسجيل البيانات في عمادة القبول والتسجيل: ويضيف عبر الإشارة أيضا: «لا تستغرب إن قلت أنني أتحدث واستمع بيدي.. ولغتي مع الطلاب هي الإشارة»، وزاد: «منذ طفولتي لم استسلم لقدري، تولد في داخلي الإصرار الشديد على مواصلة الحياة، والدخول في معتركها وأصبح التفاؤل هو سيد الموقف في حياتي». وتابع: «رغم أنني أصم وأبكم إلا أنني أنطق بطموحاتي في الحياة، لذا قررت مواصلة الدراسة والبحث عن الوظيفة والاستقرار، وكانت البداية في إدارة شؤون الموظفين في الجامعة التي اكتسبت من خلالها الكثير من الخبرات في مجال الإدارة، وكانت الخطوة الثانية في إدارة المستودعات حيث تدرجت وظيفيا، والآن أعمل في وظيفة مسجل بيانات طلاب الانتظام والانتساب في عمادة القبول والتسجيل، وأنجز 90 في المائة من بطاقات الطلاب الجامعية. واستطرد بالقول: «لم أجد صعوبات تذكر في تعاملي مع الطلاب الذين يراجعون العمادة لإنهاء إجراءاتهم، لأننا نتواصل بلغة الإشارة وأحيانا بلغة الحروف»، مضيفا: بعد أن استقرت أموري، فكرت في إكمال نصف ديني فوجدت من ترضى بظروفي فتزوجتها ورزقني الله ثلاثة أبناء، مشيرا إلى أن في الجامعة أشخاصا يمرون بنفس الظروف وربما أصعب، ويواصلون حياتهم العملية بكل اجتهاد. وخلص إلى القول: «الطموح يصنع عجينة الحلم والنجاح، وإن الإنسان إذا أراد إبهار الآخرين عليه أن يكون واثقا من نفسه، وأن لا يستسلم لإعاقته، بل يصنع نفسه ويتغلب على مشاكله، لأن ذلك ليس صعبا .. وأسالوا مجربا».