•• ذات زمن مضى.. شاهدت في أحد الأنفاق في مدينة لندن فحلا أفريقيا أسود.. يقرع طبلا ضخما بكلتا يديه.. ويصفع الأرض أو يركلها بقدميه. •• وما بين الصفع.. والركل.. كان يصدر همهمات مبهمة وأصواتا كفحيح الأفعى. •• لم تكن لغة ذلك الأفريقي الذي يحتج بطريقة غريبة علي.. فقد جئت من شرق تصهره الشمس وكل ما فيه يحتج.. هكذا خلقنا الله من المهد إلى اللحد. •• وعندما حاولت أن أتحضر قليلا.. وأخضر.. وأبتهج وأفرح والمرارة في حلقي.. اتهمت بالخروج والعقوق عن دائرة الحزن العظيم المباح.. لماذا أضحك والناس من غلبهم يبكون؟ ولماذا لا أسقط معهم في الطريق وأنتعل الشوك والحريق؟!! وأرى ما أرى ولا أفعل مثما يفعلون؟ •• نعم لقد تركت لهم النواح والبكاء.. اخترت أن أزين وجه القبح بطريقتي.. •• ومثلما أوجع ذلك الأفريقي الطبل بكفيه.. كما يرى الشاعر النابه الأمير بدر بن عبد المحسن «يا موجع الطار بالكف» ها أنا أوجع كل هذه الأوراق السوداء منذ نصف قرن.. ولم أتعب!! •• كان ذلك الأفريقي.. الذي يغرق في صخب الطبول ويغني ويزأر.. ويركل الأرض.. ينتهي به الأمر في نهاية النهار إلى جمع القليل من القطع المعدنية التي يقدمها أمامه المارة والتي يسمونها نقودا.. ويبصق عليها ويضعها في جيبه.. ولم تكن تسد رمقه.. إنه بالكاد يشبع . •• ومثله اجتزت النهار بالقليل من النقود.. برغم أن كلانا كان يصرخ ويحتج ويقرع الطبل. •• نعم كنت أمر من هنا ومن هناك وأجتاز الطريق.. وأضحك والدمع في عيني.. وأركض في الاتجاهات الأربع مبتهجا وفرحا.. ومع الريح أرتفع إلى جبال السراة لأقف ما بين الصخر وقبر أمي مادا كلتا يدي ومعهما قلبي لأخي الشاعر المبدع أحمد عسيري الذي يأتي بكل وفائه إلا أن يدفعني، إلى السطح حيا برغم كل العناء .. ولا أزيد. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 254 مسافة ثم الرسالة