يبدو أننا على موعد مع مجموعة ليست قليلة من الروايات التي تتناول مرحلة الربيع العربي وأحداثه المثيرة والمفاجئة، كما أن كتاب الرواية أمام مادة ضخمة وغزيرة لكتابة أعمال روائية من النوع الذي يسمى الثلاثيات أو الخماسيات وربما يكون المجال مفتوحًا لأجزاء أخرى من الرواية الكبرى لهذا الربيع الذي تتساقط فيه الأوراق، وبقية من أفراد الشعب تنتظر أحلامها في ثمار الربيع وأزهاره التي قد تأتي وقد لا تأتي في زحمة ضجيج الكلمات وطلقات البنادق وإيقاع أحذية الثوار والعسكر. إنها مرحلة ثرية وملهمة على المستوى الإبداعي، وهناك روائيون كثيرون سوف يكتبون في موضوع واحد ولكن الأحداث شتى والشخصيات متعددة وزوايا النظر واسعة، على نحو ما كتب الدكتور (مرعي مدكور) روايته الجديدة الصادرة ضمن روايات الهلال واستوحى فيها الربيع العربي السياسي وكانت الرواية بعنوان (ما فهمتكم). أما الروائي السوداني (معتصم الشاعر) فقد ألف رواية تنفتح على شخصية العقيد معمر القذافي في تصوير لحالته النفسية واستشراف نهايته المأساوية وهي بعنوان (أهزوجة الرحيل) وهي عن ثورة الشباب في العام 2011م، وتحكي قصة شاب ظل يتذمر لمدة طويلة وهو في مقعد عجزه ويرى الواقع مهرجانًا للركل، وكل يركل من هو أصغر منه، ويركل آخرهم طبلاً كبيرًا، يضبط صوته إيقاع الركل للجميع، ومن هذه الروايات التي تستوحي وتستشرف الحالة العربية، الرواية التي صدرت مؤخرًا للكاتب السوري (عدنان فرزات) والتي عنوانها (رأس الرجل الكبير) ومع أن الرواية التي تدور أحداثها في حلب وتتناول موضوع الثراء المفاجئ وغير المشروع فإنها تستحضر تزوير التاريخ وفساد شخصيات حزبية نافذة، وهي تنظر للحراك الدائر حاليًا في سوريا وهشاشة الأحزاب وتعرض لتلون الشخصيات وتبديل المواقف حسب المصالح وتقدير ظروف الخطر القادم. إن الروائيين العرب وغير العرب اليوم أمام كنز لا يفنى من الأحداث والمعلومات التي توفرت من خلال هذا الحراك في عدد من البلدان العربية وذلك لكتابة أعمال روائية تنفتح على الفن والتاريخ، ومن المؤكد أن الدراسات النقدية والاجتماعية التي سوف تعرض لهذه الأعمال بعد ذلك سوف تتوقف طويلاً وعميقا أمام مشاهد الحكمة والتعقل لشخصيات قد لا تكون مؤثرة في نسيج الأحداث ضمن عوالم الرواية التي تركز على المشهد دون أن تستحضر الفضاء الواسع.