يمثل التعليم العالي العسكري بمختلف تخصصاته رافدا وطنيا يعنى بإعداد وتأهيل حماة الوطن تأهيلا عاليا لأداء المهمات المناطة بهم، وذلك من خلال تدريبهم وتأهيلهم علميا وعمليا وعسكريا وقياديا، ويشارك العديد من الأكاديميين زملاؤهم المتخصصون من العسكريين في ذلك البناء والإعداد من خلال المشاركة العلمية والإضافة المعرفية في التخصصات الأساسية التي يحتاجها الطالب العسكري. وهي بدون شك مهمة موسومة بشرف خدمة الوطن، إلا أن واقع أعضاء هيئة التدريس المدنيين في تلك الكليات يكاد يبعث على الأسى، فبالaبرعم من عزلتهم عن المجتمع الأكاديمي، إضافة إلى انعدام اللوائح الداخلية بتلك الكليات التي تنظم عملهم وبما يتناسب مع القرار المتضمن تطبيق لائحة أعضاء هيئة التدريس بالجامعات السعودية على الهيئة التدريسية من المدنيين بالكليات العسكرية، فإن حرمان الكثير منهم من الفرص الأكاديمية والنشاط البحثي، وكذلك فرص الاستفادة من حزمة البدلات والحوافز التي يحصل عليها نظراؤهم في مؤسسات التعليم العالي، فضلا عن استثنائهم من المخصصات المالية للإسكان، والتي أقرت لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات، قد أضاف مزيدا من العبء النفسي عليهم. ولعل طبيعة التعليم العسكري واختلاف متطلباته ساهم أيضا في فقدانهم فرص الاستفادة من بدلات القياديين الأكاديميين وفرص الإشراف البحثي داخل المؤسسات التعليمية العسكرية، وهي متطلبات نظامية لنموه وتدرجه مهنيا. أن الأمر الذي لا يمكن تجاهله أن الأكاديمي أينما وجد فإن النزعة نحو البحث والتطوير المهني، وكذلك الشعور بروح المشاركة في مجتمع المعرفة بالنسبة له أمرا ضروريا ومحركا فاعلا لتميزه، و يزيد من تجربته وإنجازاته، فهو ينخرط في تشكيلة من النشاطات المتنوعة، من تجارب المختبرات والإشراف على أبحاث الطلاب، إلى المشاركة في المؤتمرات واللقاءات والندوات العلمية، وتأليف الكتب والمراجع الدراسية، إضافة إلى أداء الساعات التدريسية المحددة لهم ودرجة مساهمته المجتمعية. أن الأمر يحتاج إلى وقفة قد تستدعي دراسة عاجلة للنظر في احتياجات تلك الفئة، وتقدير مدى حاجة تلك الكليات لأعضاء هيئة تدريس وبمؤهلات عليا قد تفوق حاجتها ودراسة نتائجها بشكل يضمن حقوق جميع الأطراف، على أن تكون المصلحة العامة وتقدير خصوصية تلك المؤسسات التعليمية هي الأساس لاتخاذ القرار المناسب، ولعل نزع وظائفهم ونقلها إلى الجامعات السعودية، يمثل حلا أخيرا ربما يكفل لهؤلاء الأكاديميين حقوقهم. فهد حمدان العبيري أكاديمي سعودي