أكد الدكتور مصطفى البرغوثي الأمين العام للمبادرة الوطنية، وزير الإعلام في حكومة الوحدة الوطنية السابقة، وعضو المجلس التشريعي الفلسطيني، أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ستخسر كثيرا من مصالحها إذا استخدمت حق النقض «الفيتو» ضد مشروع الدولة الفلسطينية في مجلس الأمن. وأكد في حوار أجرته «عكاظ» أن اللجنة الرباعية المعنية بعملية السلام في الشرق الأوسط التي تسيطر على قراراتها الولاياتالمتحدة منحازة للموقف الإسرائيلي، وأن ممثلها الشخصي توني بلير غير مؤهل للقيام بعملية السلام في المنطقة.. وهنا نص الحوار : • تقدمت اللجنة الرباعية بمشروع لإعادة المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي دون شروط حسب بيانها .. هل ترون أن اللجنة وممثلها توني بلير مؤهلان لقيادة عملية السلام؟ أولا نحن نعتبر أن بلير غير مؤهل على الإطلاق لقيادة عملية السلام لسببين: الأول: انحيازه الأعمى للجانب الإسرائيلي، ومحاولته تمرير المطالب الإسرائيلية في أعمال اللجنة الرباعية؛ مما جعل الفلسطينيين يفقدون الثقة به تماما. السبب الثاني: يتعلق بتضارب المصالح فيما يتعلق بعمله وارتباطاته الاقتصادية بمؤسسات أخرى مما يخلق نوعا من تضارب المصالح، ويؤثر على عمله وحياديته. أما فيما يتعلق ببيان الرباعية الأخير فهو برأينا لم يكن كافيا لأنه لم يحدد بشكل واضح وصريح ضرورة تجميد شامل ومطلق للاستيطان، وضرورة اعتراف إسرائيل بمرجعية عملية التفاوض وهو أن تعترف بضرورة إنهاء الاحتلال عام 1967 ، وهذا هو جوهر الموقف الفلسطيني الذي يطالب باعتماد هذين الأمرين كأساس لأي عملية تفاوض. باختصار ما زلنا بحاجة إلى أن تتخذ اللجنة الرباعية موقفا واضحا وصريحا من إسرائيل. كيف توقف النشاط الاستيطاني الذي أعلن عن جزء كبير منه بعد إعلان بيان الرباعية، رغم أن بيان الرباعية دعا إلى التوقف عن أية أعمال استفزازية، والدليل على مانقول الأزمة التي نشأت بين ألمانيا وإسرائيل. رغم أن ألمانيا دولة مؤيدة لإسرائيل، إلا أن الجميع رأى أن ما قام به نتنياهو من إقرار بناء 1100 وحدة سكنية في مستوطنة جيلو دليل على أنه لا ينوي السلام . ولذلك أنا أقول بصراحة إن أية مراهنة على أية مفاوضات مع نتنياهو هي وهم وسراب. ما نحتاجه هو التوقف عن المراهنة على أية مفاوضات استخدمت وتستخدم كغطاء استيطاني، وما نحتاجه هو العمل السريع لتغيير ميزان القوى على الأرض. فما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة. وتغيير ميزان القوى يكون عبر المقاومة الشعبية الجماهيرية الواسعة واستنهاض حملة دولية. • يبدو أن دولة المستوطنين قادمة في الضفة الغربية مثلما حدث لدولة الكولونيال في الجزائر، كيف يمكن التعامل مع هذا الموضوع ؟ أولا ما تقوم به إسرائيل في الضفة الغربية لا يختلف عما قامت به في الأراضي المحتلة عام 1948، الآن أصبحت الصورة واضحة، الحديث يدور عن الدعوة لمفاوضات سلام. بينما جرافات إسرائيل تقتلع الأشجار، وتبني جدار الفصل العنصري على قدم وساق وتحاصر المدن والقرى الفلسطينية. وإسرائيل الآن علنا تقوم بالاستيلاء على أكثر من 60 % من أراضي الضفة الغربية، ولذلك الرد عليهم يجب أن يكون كما قلت استراتيجيا لتغيير ميزان القوى على الأرض، وباستنهاض واسع للقوى الشعبية باستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتشكيل قيادة وطنية موحدة وباستنهاض حملة دولية لفرض عقوبات على إسرائيل. • هناك مشروع للمستوطنين يسمى «جباية الثمن» تقوم به مجموعات متطرفة يهودية في الضفة الغربية. كيف تتم مقاومة المستوطنين في المنطقة؟ هذه المجموعات تؤكد أن المستوطنين هم في الواقع حركات إرهابية، وهم يستخدمون بتنسيق كامل مع الحكومة الإسرائيلية كمخلب ورأس حربة للاعتداء على الفلسطينيين، والرد عليهم هو تكرار التجربة الناجحة التي نفذت في قرى قصرة ونعلين وبلعين وغيرها من المناطق المحاذية للمستوطنات والجدار الفاصل؛ بتشكيل لجان حماية شعبية موحدة في كل قرية من القرى الفلسطينية. • كنتم دائما من أصحاب المبادرة للمقاومة الشعبية السلمية، هل تعتقدون أن ذلك كاف حتى الآن، أم أن هناك أشكالا أخرى للمقاومة يجب أن ترفد المقاومة الشعبية ؟ نحن مع كل أشكال المقاومة التي يقرها القانون الدولي للشعوب التي تناضل ضد الاحتلال، ولكن قناعتنا أن المقاومة الشعبية الجماهيرية هي الشكل الأمثل والأقوى فاعلية ضد الاحتلال، وحتى الآن نحن لا زلنا بحاجة إلى مشاركة واسعة من الجمهور الفلسطيني، والقوى الفلسطينية. لايكفي أن تتحدث بعض القوى عن المقاومة في البيانات الصحفية، بل يجب أن تشارك فيها. وما زال أمامنا أفق واسع لتوسيع هذه المقاومة الشعبية سواء بالتظاهرات، أو بالحركة التي سنبدأها بعد أسبوع باستنهاض أوسع حملة شاملة لمقاطعة البضائع الإسرائيلية. نحن نؤمن أن المقاومة الشعبية ستجعل خسائر الاحتلال أكبر من مكاسبه، وهذا ما سيغير السلوك الإسرائيلي في نهاية المطاف. والحل يكون باعتماد استراتيجية وطنية، ترتكز على المقاومة الشعبية الواسعة في كافة أرجاء الوطن، وباستنهاض حملة دولية مؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني، واستعادة الوحدة الوطنية عبر إتمام المصالحة، وبناء قيادة فلسطينية موحدة تحت مظلة منظمة التحرير. • يبدو أن طلب القيادة الفلسطينية للعضوية الكاملة في الأممالمتحدة يواجه صعوبات كبيرة. من بينها الحصول على تسعة أصوات والفيتو الأمريكي، ما المطلوب للوصول إلى هذا الهدف ؟ اقترحنا على الإخوان في مؤسسات منظمة التحرير أن يبدأوا بالإعداد لمبادرة للتوجه للجمعية العمومية؛ لانتزاع قرار ليس بعضوية مراقبة أو عضوية منقوصة كما يقترح البعض، ولكن للمطالبة بقرار من الجمعية العمومية يضغط على مجلس الأمن لإصدار العضوية الدائمة والكاملة لفلسطين. ونعتقد أن حشد الجمعية العمومية في مواجهة مجلس الأمن يمكن أن يكون له تأثير إيجابي. هذا على الصعيد السياسي الدبلوماسي. ولكن يجب إدراك أن الدبلوماسية والجهد المبذول في الأممالمتحدة لا يغني عن الصورة الأوسع والأكبر. وهي استنهاض المقاومة الشعبية، ما تزال هناك حاجة للإجابة على سؤال، هل التوجه للأمم المتحدة هو خطوة تكتيكية للعودة إلى نفس المفاوضات العقيمة التي لم تفرز شيئا؟ أم أنه بداية لاستراتيجية جديدة تعتمد المقاومة الشعبية وتوحيد الصف الفلسطيني؟ • في رأيكم، لماذا هذا الانقلاب في إدارة الرئيس باراك أوباما في أمريكا بعد زيارته للمنطقة وخطاب القاهرة، ودعوته لإقامة الدولة الفلسطينية؟ لأن الكونجرس الأمريكي يخضع لإرادة اللوبي الإسرائيلي، وثانيا لأن الولاياتالمتحدة ومؤسساتها تتعامل مع المنطقة من منطلقات السياسة الداخلية الأمريكية، ولأن هناك تحالفا استراتيجيا بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل للأسف الشديد على حساب العلاقات مع كل دول المنطقة، رغم أن الولاياتالمتحدة لديها مصالح حيوية جدا مع دول المنطقة، وخاصة دول الخليج العربي، ومع ذلك تعطي الأولوية للعلاقات مع إسرائيل وللتحالف الاستراتيجي مع إسرائيل وتسمح للوبي الإسرائيلي بالعبث في داخل الكونجرس، وفي التأثير على قرارات الإدارة الأمريكية. وثالثا لاعتبارات انتخابية يسعى إليها الرئيس أوباما لتجديد انتخابه، وانتخاب الحزب الديمقراطي بعد الخسارة التي مني بها. • وصل الضغط إلى ابتزاز الشعب الفلسطيني بالأموال، وكان قرار الكونغرس الأمريكي بحجب 200 مليون دولار عن السلطة الوطنية، كيف سيكون الموقف من ذلك ؟ نقول إنه لا أحد يستطيع أن يشتري إرادة الشعب الفلسطيني بالأموال؛ فليأخذوا مساعداتهم. على كل حال هذه المساعدات لم تكن تؤدي لفوائد كبيرة للشعب الفلسطيني، ولكن من يظن أنه بالابتزاز المالي يستطيع أن يسلب الشعب الفلسطيني حقه في النضال من أجل حريته واستقلاله يكون مخطئا، ولكن أنا برأيي أن هذا درس يجب الاستفادة منه، أولا: يجب تغيير السياسة الاقتصادية الداخلية الفلسطينية، واعتمادها على المساعدات الخارجية، ويجب إعادة النظر بالموازنة الفلسطينية لدعم الصمود على الأرض، ويجب أيضا التوجه إلى العالم العربي كبديل، وليس فقط كبديل لأنه هو الأكثر ضمانة لدعم الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل حقوقه الوطنية. أما بالنسبة للولايات المتحدة فإن قرار الكونغرس الأمريكي الأخير يؤكد مرة أخرى عجز الولاياتالمتحدة أن تلعب دور الوسيط في عملية السلام، وتكون منحازة لإسرائيل