وقف على كثيب من الرمل أشرقت ذراته بضياء القمر، والليل مرخ سدوله على غصون خضر مهدلة تسمو بها نسمات الليل وتشم الأرض أحيانا. والطير من حوله تنادت بألحان تبعث في نفسه أفراحا وسرورا، إنه واحد من آلاف الجنود السعوديين، يجوبون المدن والقرى والقفار في الوطن المبارك، أماجد مباركون، أسرار سعادتهم تمثلت في يقينهم بوعد رسول الله عليه الصلاة والسلام للمحتسبين رباطهم في سبيل الله، قال الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام في الحديث الثابت عنه «عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله» رواه الترمذي في سننه. ما أحلاها من بشرى وما أشرفه من عمل وما أنفسها من وظيفة، إن مما يحتسبون ثوابه أن رباطهم هو من النصرة لولاة الأمر بالحق، وقد قال عليه الصلاة والسلام «ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم الإخلاص لله ومناصحة ولاة الأمور ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم فإن دعوتهم تحيط من وراءهم» رواه الترمذي في سننه ورواه أحمد في مسنده وغيرهما وهو حديث صحيح. ولا ريب أن من النصيحة لولاة الأمر نصرتهم بالحق كما قرر ذلك أهل العلم. إن كل ثانية يقضيها أولئك الضباط والجنود في كل قطاع عسكري تقربهم إلى الله سبحانه وتزلف لهم بها الجنة إذا كانوا محتسبين ثواب الآخرة وهذا ظننا بهم. إن متاع الدنيا قليل فالعطاء المالي الذي يتقاضاه هؤلاء البواسل جزاء رباطهم لن يسمو في نفوسهم إلى منافسة لذة وحلاوة العبادة التي يجدونها باحتسابهم. فمنهم من يرابطون على حدود ديارنا السعودية حرسها الله وآخرون يسهرون حفظا للأمن في مدن البلاد وقراها وطرقها وصحاريها، وربما قضى الكثير منهم شهورا لم ير والديه وأهله وذريته ولم يهنأ بإجازة، وربما هاتفه أبناؤه بأعذب الأشواق للقياه وهو يجد شوقا متجددا لهم وذكراهم لا تفارق قلبه َلكن مطالعته لجزيل الثواب في الآخرة وما يجد من روح السعادة في مهمته الإيمانية الوطنية يهون عليه مشاق الدنيا. أحبتي القراء هل نتذكر رجالات أوفياء يسهرون على أمننا وأموالنا وأهلينا، وإذا تذكرناهم فكم منا من يخصهم بدعوات صالحات لهم جزاء تحملهم شرف حفظ أمن البلاد بحرا وبرا وجوا. إنهم سياج مجيد يحفظ الله به الديار والعباد والمقدسات والمكتسبات والمقدرات. لقد تميز المجتمع السعودي ولله الحمد بتوقيره لمن تقلد شرف حفظ الأمن، ثم إن كل منتسب للقطاعات العسكرية يستشعر علو مقامه في مجتمع تعددت وشائج التعاضد فيه. جدير بنا كسعوديين في هذا اليوم الوطني الذي نجدد شكرنا لله سبحانه على ما أنعم به من قيام هذه الدولة على الدين القويم أن نشكر من كان ساهم في بناء وطن التوحيد وأول من نشكر من الخلق ولاة أمرنا زادهم الله توفيقا ثم نشكر علماءنا والمفكرين الذين ساهموا في نهضة الوطن ثقافة وعلما وحضارة، ونتذكر لمنسوبي القطاعات العسكرية جميعا إسهامهم في حفظ حدود الوطن وأمنه. * المشرف العام على الدعوة والإرشاد في المدينةالمنورة. [email protected]