كان في إحدى القنوات الفضائية يخبر بمعاناته في صناعة الأناشيد ويذكر ما لازم مسيرته من عوائق تغلب عليها بعد تعثر مرير، وكان من حديثه إن الإنشاد مر في تطوره بثلاث مراحل، الأولى الإنشاد بدون مؤثرات صوتية ثم الإنشاد بمؤثرات صوتية بشرية ثم الإنشاد بمؤثرات صوتية مصدرها آلات موسيقية، وقال إنني اكتفيت بالمرحلة الثانية تورعا، وذكر أن أناسا من المنشدين زلت أقدامهم وآثروا طلب الشهرة فاستخدموا المؤثرات القائمة على الأصوات الصادرة من آلات موسيقية. أحبتي القراء لعلكم لاحظتم أن القنوات الدعوية التي قاربت خمسين قناة تعتني باستضافة المنشدين وإتحاف المشاهدين بإنشادهم وتعتمد على بث الإنشاد كجالب للجماهير، وصار هذا مسارا إعلاميا ومكونا أساسيا ومقوما لنجاح قنوات ما يسميه الكثير «القنوات الدينية» وأسميه القنوات الدعوية. وهنا يجب أن نقف مع ظاهرة الأناشيد متناولين محاور لا غنى لأهل الفضل والصلاح عن الحوار حولها. 1 ما حكم ما يوصف اليوم بالأناشيد الإسلامي، إنه يجب أن نتحاكم إلى هدي النبي عليه الصلاة والسلام ونطرح جانبا أهواء النفوس ورغباتها، إن الناظر في سيرته عليه الصلاة والسلام يجد في صفحاتها أنه عليه الصلاة والسلام سمع بعض الصحابة رضي الله عنهم وهو يرتجز وكان ذلك في حرم الله فعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة في عمرة القضاء وابن رواحة يمشي بين يديه وهو يقول (آآ خلوا بني الكفار عن سبيله إلى آخر الأبيات فقال له عمر يا ابن رواحة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي حرم الله تقول الشعر فقال النبي صلى الله عليه وسلم خل عنه يا عمر فلهي أسرع فيهم من نضح النبل)، قلت وهذا حديث صحيح أخرجه الترمذي في سننه والنسائي. وعن عائشة رضي الله عنها (قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع لحسان بن ثابت منبرا في المسجد يقوم عليه قائما يفاخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى يؤيد حسان بروح القدس ما ينافح أو يفاخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وهذا حديث حسن أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح غريب. ورواه أبو داوود والحاكم في المستدرك وصححه ووافقه الذهبي ورواه أحمد في مسنده. وقد كان البعض من الصحابة رضي الله عنهم ينشد الشعر بصوت حسن في أسفاره ورسول الله يسمع منه ذلك ويدعو له. روى الشيخان عن سلمة بن الأكوع قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فسرنا ليلا فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع ألا تسمعنا من هنيهاتك أو قال هنياتك «يعني أراجيزك» قال وكان عامر رجلا شاعرا فنزل يحدو بالقوم يقول آآاللهم لولا أنت ما اهتدينا ** ولا تصدقنا ولا صلينا إلى آخر الأبيات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا السائق قالوا عامر بن الأكوع فقال «يرحمه الله وفي رواية مسلم قال غفر لك ربك» فقال رجل من القوم وجبت يا نبي الله لو أو قال لولا أمتعتنا به «في رواية مسلم أن القائل عمر» رضي الله عنه. أخي القارئ كل هذه الأحاديث دالة على جواز الإنشاد. وللحديث بقية حول الضوابط الشرعية الواجب أن يأخذ به من أراد أن ينشد أو يستمع للإنشاد. * المشرف العام على الدعوة والإرشاد وخطيب جامع الخندق بالمدينة المنورة. [email protected]