منذ أعوام قالت لي سيدة مسنة ورثت عن والديها: «أكبر عيب» عندنا في الجنوب أن تطالب المرأة بإرثها، المجتمع لا يحترمها والقبيلة ستلفظها..! استغربت ما قالته، لكوني من منطقة يتفاوت فيها ظلم المرأة فيما يتعلق بقضايا المواريث وغيرها، ولكن القاسم المشترك بين كل نساء بلادي أن الأنثى مرتهنة لذكور الأسرة والعشيرة، فإن كانوا رجالا بمعنى الكلمة أنصفوها وحصلت على حقوقها، وإن كانوا أشباه رجال فستلتهمها سياسات الإفقار وروتين ما تنتجه لنا العادات والتقاليد البالية.. في ظل غياب تطبيق صارم لقوانين وتشريعات ما عاد من المقبول التساهل فيها وتركها خيارا للوكيل الشرعي يرتع كيفما شاء، فإن كانت رغبته في الاستغلال هي الغالبة تضيع المرأة ويتم الإجهاز على حقوقها..! المهم أن قضية إرث المرأة وحقها الذي لا يجب أن تصل إلى المحاكم للحصول عليه لمجرد أن عادات أهل المنطقة أو القبيلة تتخذ سياسة معاكسة لما أتى به الدين في مخالفة صارخة للشريعة وإشاعة للظلم، واستمرار هذه العادات المتوارثة في بعض المناطق والصمت المريب يحتاج منا صحوة دينية تحفظ للمرأة حقوقها. نشرت «عكاظ» قصة المسنة السبعينية جبعة الزيادي، التي أدركت أن لها حقا واستعانت بالقضاء، بعض النصوص البصرية تصيب المتابع في مقتل، صورتها والصك منسدل على الأرض، إبراز.. إصرارها وإرادتها، صنفت على أنها أول امرأة من (تهامة عسير) تتحرر من قبضة العادات القبلية التي تحرم المرأة من الإرث بحجة أنها تورث نصيبها لزوجها وأبنائها، لتثبت حقها في نصيبها من ورث والدها الذي تحصلت عليه عبر المحكمة، وهو حق حرمت منه نساء (المنطقة)..!! هنا علامة استغراب نضعها، إذ استعان أشقاؤها بمحامين للتشكيك في صحة الصك وشهوده والطعن في شهادتهم، وصدر حكم آخر من المحكمة العليا بنقض الحكم الشرعي..! لماذا التناقض في تربية المرأة والازدواجية، دينها يمنحها حقوقا لا حدود لها، والعادات والتقاليد لا ترى بأسا في تحويلها من سيدة وارثة ولديها ما يسترها من جحيم العوز، إلى فقيرة مصطفة في طابور المستفيدات من (ملاليم) الضمان الاجتماعي.. هل فات على القاضي دراسة حالتها وهي التي تقول «من سلبني حقي في الميراث لم يراع مرضي وشيخوختي وقلة حيلتي»..! لاجتثاث هذه الممارسات من جذورها إذا تحدثنا عن التمكين الاقتصادي علينا أن نعمل طويلا لتحجيم سياسات الإفقار الممارسة على المرأة بداية من ترسيخ مبدأ العدالة الاجتماعية وتنمية البنى التشريعية بما يواكب مراحل الإصلاح والتطوير. [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 239 مسافة ثم الرسالة