حرم مفتي عام المملكة وأعضاء هيئة كبار العلماء مساومة الرجال للنساء على حقوقهن في الميراث للتنازل عنها، واصفين ذلك بأنه خلق جاهلي، واعتبروا تنازل المرأة عن حقها حياء منها لاغيا وغير معتد به شرعا. ووصف المفتي العام الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ حرمان المرأة من الميراث وتهديدها للتنازل عنه بأنه «ظلم وأكل لمال حرام وتعطيل لحكم من أحكام الله»، كما وصف الحيلولة بين المرأة وبين إرثها من أبيها أو أمها أو أبنائها بأنها من «الجهل»؛ لأن الله عز وجل أعطى المرأة حقها من الميراث، وحصولها على إرثها «واجب» فرضه الشرع، وقال إن اعتقاد البعض أن توريث المرأة خطأ أو نقص يعتبر «ردة عن الإسلام». أما عضو هيئة كبار العلماء وعضو المجلس الأعلى للقضاء الدكتور علي بن عباس الحكمي فاعتبر أن هذه التصرفات نزعة جاهلية نهى الإسلام عنها، وقال «لا يجوز لمسلم أن يفرط أو يتحايل للاستيلاء على ميراث النساء؛ لأن ذلك مصادمة لشرع الله وأمره». وبين أن الرفع للمحاكم من قبل المتضررة إذا لم يفلح الود والصلح ولو ببعض التنازلات، أمر مشروع ولا يجوز لأحد أن يلومها في ذلك، لكنه قال «لو تم الاتفاق مع رضا النفوس لكان أولى لأن القضاء يجلب العداوات». وأشار إلى أن من واجب القاضي حين ينظر في خصومات حقوقية وغيرها، أن يبدي نصيحة قبل البت فيها؛ لتقريب النفوس والإصلاح لأخذ الحق بنفس راضية. عضو هيئة كبار العلماء الدكتور محمد بن محمد المختار الشنقيطي ألقى بالمسؤولية في توعية الناس وتحذيرهم من هذا السلوك على العلماء وطلاب العلم فائلا إن المسؤولية على العلماء عظيمة، وعلى أئمة المساجد، وعلى طلاب العلم بيان أنه لا يجوز ظلم المرأة في أي شيء خاصة في هذه الحقوق التي هي المال، فإن الله جل وعلا أخبر عن المال أن النفوس تحبه ومجبولة عليه (وأحضرت الأنفس الشح). وأضاف «هذا ظلم للمرأة، ولا يجوز ظلم المرأة في الميراث، وكذلك احتقار المرأة وأذيتها واحتقارها وانتقاصها، وكون كثير من الناس يرى أن المرأة أشبه بسقط المتاع حتى يشبهها بعضهم بالحذاء». وزاد «كون بعض العادات والتقاليد تحتقر المرأة وتمتهنها وتنتقصها هذه من بقايا الجاهلية، ومن تخلف العقول، فالله يزن الناس ذكرهم وأنثاهم بالعمل الصالح (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة)». وفيما يتعلق بتنازل المرأة عن نصيبها حال خروجها إلى القاضي وكان ذلك بالإكراه، قال الدكتور محمد «إن ذلك لا يحل نصيبها البتة، فإن الإكراه لا يحل حراما ولا يحرم حلالا، فالإكراه لا يوجب حرمة الحلال ويعتبر لاغيا». عضو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء الدكتور صالح بن فوزان الفوزان استشهد بقوله تعالى (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا)، وقال «فصل الله وبين في ختام الآيات نصيب كل وارث فقال (تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار وذلك الفوز العظيم* ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين)».