أوصت دراسة علمية بدعم وتشجيع المؤسسات العلمية كالجامعات ومراكز البحوث لإنشاء مواقع كبيرة من شأنها استقطاب الشباب من خلال تقديم الحوافز والمسابقات، فضلا عن تعزيز جهود تأسيس مشاريع فكرية وسطية لاستيعاب هموم الأجيال الجديدة وبناء حوارات وندوات لمناقشة الأصول الفكرية للتشدد الاجتماعي المبني على فكر القبيلة والعشيرة الملتبس مع الدين، كانت هذه خلاصة الدراسة التي أعدها الباحث المتخصص في الإنترنت والصحافة الإلكترونية الدكتور فايز الشهري. واقترح الشهري في توصياته، دعم جهود ترشيد الخطاب الديني غير المؤسسي وإعادة الهدوء الفكري للشباب للحد من مظاهر صراع التيارات الفكرية والانقسام والتجاذب، إعداد سلاسل إعلامية «كتيبات، أفلام، مواقع إنترنت، برامج إذاعية» توضح وتفسر المفاهيم الشرعية التي شوش عليها المتطرفون، مشيرا إلى أن السنوات ال10 الماضية شهدت إنشاء كيانات افتراضية تحت مسمى مراكز أو مؤسسات إعلامية لا يكلف تأسيسها سوى إعلان جذاب يقود متصفح الإنترنت إلى موقع أنشأه صاحبه لإعادة بث وترويج المواد والفتاوى التي تحمل فكر الغلو والتطرف، مشيرا إلى أن مجموعات التطرف الإلكتروني تتميز بالحيوية الفائقة في النشر والتخفي والظهور، محذرا من انتشار المواقع المتطرفة. دور العلماء وبين الشهري في بحثه، أن بدايات تفشي ظاهرة الفتاوى الإلكترونية كانت منذ عام 2001، مبينا الدور الكبير للعلماء السعوديين في التحذير من خطورة ما تحويه مواقع ومنتديات الحوار الإلكتروني من شبه وأخبار مغلوطة وشائعات مضللة وإساءات لعلماء الدين والحكام، راصدا بعض خواص ثقافة التطرف والعنف على المشهد الإلكتروني إذ أن تلك المواقع تعتمد التطرف والغلو منهجا في كل أمر، ولا تتيح الفرصة للحوار مع الرأي المخالف بل تقمعه وتخونه وتكفره أحيانا، إضافة إلى الاستعداء والتأليب على المخالف وتشويه سيرته وتتبع أسراره ونشرها. وبين الباحث، أن من خواص تلك المواقع، عسف النصوص وإنزال الحوادث القديمة على حوادث جديدة مع عدم مراعاة تغير الزمان والمكان، الكراهية والتشاحن بين اتباع التيارات المتطرفة داخل المذهب الواحد وتبادل تهم التفسيق والتمييع وعبارات العزل والإقصاء، وخلق صور براقة لمجتمعات وشخصيات مثالية تنتسب للفكر المتشدد ومن ثم الانقلاب عليها حال تغير مواقفها للاعتدال، خصوصا وأن الشبكة العنكبوتية أضحت عالما مستقلا قائما بذاته وتأثيره في حياة الإنسان المعاصر كبير جدا. رصد حديث ووفق دراسة حديثة أجراها مركز الدين والسياسة، فإن الرصد أوضح مبادرات فاعلة سعت إلى استثمار الشبكة العنكبوتية وتطويعها في التعريف بالإسلام وخدمة الدعوة إلى الله وفتح آفاق جديدة من العمل الدعوي منذ وقت مبكر؛ فالمستخدم العربي منذ أن تعرف على شبكة المعلومات العالمية (الإنترنت) أواخر التسعينات الميلادية يلحظ ظهور مواقع دعوية عديدة سواء التي تتبع للمؤسسات الرسمية المعنية بالدعوة في العالم العربي أو غير الرسمية. ومع تنامي شبكة الإنترنت والتزايد المستمر لأعداد المستخدمين في العالم تتسع الساحة الدعوية في العالم الافتراضي وتظهر الحاجة الملحة لتنويع الوسائل وتكثيف الجهود والابتكار والتجديد في الأساليب المتبعة بما يتواكب مع حجم العمل فهناك المئات من المواقع الدعوية المتميزة والعشرات من المشروعات الدعوية الكبرى على الإنترنت مثل موقع الإسلام والذي تشرف عليه وزارة الشؤون الإسلامية في المملكة العربية السعودية وموقع إسلام ويب التابع لوزارة الأوقاف القطرية وموقع الإسلام اليوم وموقع رسالة الإسلام وغيره من المواقع. تحرك الوزارة والمتابع للساحة عن كثب يلحظ تحرك وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة للاهتمام بالعمل الدعوي الإلكتروني من خلال رعايتها وإشرافها على مجموعة واسعة ومهمة من المواقع الدعوية المتخصصة توجتها بالدعوة إلى الندوة الأولى للمواقع الدعوية السعودية الإلكترونية تحت عنوان «نحو مستقبل أكثر تأثيرا» بمشاركة جميع المواقع والجهود الدعوية السعودية الإلكترونية، ونخبة من الباحثين والمختصين في العمل الدعوي لتطوير هذه المواقع، وزيادة تكاملها وفعاليتها، انطلاقا من توجيهات خادم الحرمين الشريفين لخدمة الدعوة إلى الله ونشر الدين الإسلامي عبر مختلف وسائل الإعلام والاتصال المتطورة، ومنها المواقع الإلكترونية بهدف تشجيع العمل الدعوي على الإنترنت وتحفيز القادرين على الإسهام فيه ودراسة واقع الدعوة على الشبكة العالمية للمعلومات «الإنترنت» وتنسيق الجهود في محاربة الفقر والإرهاب. مشاريع دعوية ووسط المشاريع الدعوية الإلكترونية يبرز موقع الإسلام الدعوي والإرشادي تحت إشراف وزارة الأوقاف، والذي يقدم محتواه بسبع لغات هي: العربية، الإنجليزية، الفرنسية، الألمانية، التركية، المالاوية والإندونيسية. ويمثل الموقع موسوعة إلكترونية إسلامية لافتة، ويظهر العمل المبذول فيه بوضوح من خلال المحتوى الموسوعي، إذ يضم الموقع أكثر من نصف مليون صفحة في علوم الشريعة والمعارف الإسلامية (القرآن، الحديث، الفقه، السيرة، العقيدة)، وأكثر من 40 ألف فتوى معاصرة في شتى الموضوعات الإسلامية، كما يحتوي الموقع على مكتبة صوتية تضم أكثر من خمسة آلاف ساعة من المحاضرات والدروس والخطب والندوات العلمية والدعوية، لنخبة من كبار العلماء والدعاة والمفكرين، بالإضافة إلى نوافذ تفاعلية تحتوي على مقالات ودراسات وأبحاث مثل: ملفات خاصة، قضية وحوار، الأسرة، ملتقى الخطباء، ملتقى الدعوة والدعاة، الثقافة والفكر الإسلامي، العلم، تزكية النفس، المحراب، ومدخل للاستشارات الدعوية وآخر للاستشارات الأسرية، وقسم آخر للمنتديات التفاعلية. بوابات ضخمة وينفرد الموقع بعدد من البوابات الضخمة المتخصصة وهي كبوابة القرآن الكريم، وتعتني بخدمة القرآن الكريم وعرض تفاسيره وأحكامه، وأخرى للحديث الشريف وتحتوي على الكتب التسعة وشروح الأحاديث وفقهها، وتضم بوابة الفقه مجموعة منتقاة من أهم كتب الفقه المعاصرة متاحة للتحميل، بالإضافة إلى موسوعة السيرة النبوية وهي عمل جبار آخر وعرض شامل يعتني بعرض سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال أهم كتب السيرة، تتضمن الموسوعة الخدمات الآتية: خطا زمنيا لجميع أحداث السيرة النبوية يسهل الوصول إلى أي حدث من خلال خريطة زمنية لأحداث السيرة النبوية، وفهرسة علمية تشمل: (الآيات، الأحاديث، الآثار، الأماكن، الإعلام، المعارك، الغزوات، الشعر، الكتب، الجماعات، القبائل). مع إمكانية البحث بأحد عناصر الفهارس حيث يمكن البحث بآية، أو حديث أو غيرهما من أنواع الفهارس، مع إتاحة البحث الموضوعي من خلال كشاف موضوعي لموضوعات السيرة النبوية، وتخصيص مكتبة للخرائط التاريخية تضم مجموعة من الخرائط لشبه الجزيرة العربية تبين الطرق التي سلكها الرسول صلى الله عليه وسلم، ومكتبة للصور تضم مجموعة من المعالم الجغرافية الهامة، وصورا لرسائله صلى الله عليه وسلم، بالإضافة إلى معجم للأماكن يقدم شرحا موجزا لأهم الأماكن التي ورد ذكرها بكتب السيرة النبوية. إزالة الشبهات ويهم الموقع الباحثين والمختصين بقضايا الإرهاب والوسطية والأمن الفكري والتنظيمات الإسلامية المرتبطة بالعنف، كما يستهدف معتنقي هذه الأفكار الذين هم في الأساس محور عمل الحملة بهدف محاورتهم وإزالة الشبهات العالقة في أذهانهم وإعادتهم إلى الطريق القويم، ويعمل على رصد أخبار مكافحة الإرهاب والغلو ورصد التنظيمات الإسلامية المرتبطة بالعنف وتقديم التحليلات والدراسات وإبراز آراء وفتاوى العلماء لتعزيز الوسطية والقضاء على كل أشكال الغلو من خلال أرشيف ضخم من المواد التي يتم تحديثها يوميا وفق التالي: الركن الإعلامي: ويختص بمتابعة أخبار التنظيمات الإرهابية وقضايا الوسطية والاعتدال عن طريق رصد الأخبار والمقالات من وسائل الإعلام المختلفة ويحتوي هذا القسم على أربعة أقسام فرعية هي: متابعات وتحليلات: ويحتوي على تحليلات خاصة بالموقع من قبل خبراء ومختصين وكذلك إبراز أهم الملفات المطروحة على الساحة، فيما يهتم قسم آخر ويعرف باسم (حصاد الأخبار) بالأخبار العامة فيما يتعلق بمحور اهتمام الموقع، وأيضا السكينة في الإعلام: والذي يعنى بمتابعة كل ما يكتب وينشر عن حملة السكينة وموقعها الإلكتروني في كافة وسائل الإعلام، والتي يشرف عليها عبد المنعم المشوح، وآخر باسم ندوات ومؤتمرات: ويختص بمتابعة أخبار الفعاليات والمؤتمرات والندوات المتخصصة في نشر الوسطية ومحاربة الغلو والتطرف والإرهاب، وركن للتأصيل الشرعي، وركن لفتاوى كبار العلماء: ويشمل عددا من فتاوى كبار العلماء في القضايا المصيرية للأمة. ركن الخطب فيما يضم أيضا ركن الخطب: والذي يحتوي على مجموعة كبيرة من الخطب المقروءة 160 خطبة، لكنها تفتقد للفهرسة والتصنيف والتقسيم، وهناك أقسام أخرى كمركز البحوث والدراسات الذي يختص بنشر الدراسات والأبحاث المتخصصة في رصد وتحليل وقراءة فكر الجماعات الجهادية والتنظيمات الإرهابية والحركات الإرهابية، ويهدف أيضا إلى مناقشة الشبهات: ويتناول شبهات أصحاب الأفكار الغالية والرد عليها ردا علميا منهجيا وتفنيدها ويضم قسمين فرعيين هما: شبهات في السياسة الشرعية، وشبهات في التكفير والحسبة والجهاد. ويحتوي الموقع أيضا على مكتبة صوتية: وتضم: فتاوى، ومراجعات، وخطبا، ومحاضرات، وكذلك مكتبة رقمية: وتضم مجموعة من الكتب الإلكترونية متاحة للتصفح والتحميل بصيغتي وورد وpdf. وثالث هذه المواقع المهمة وصاحبة المضمون المختلف والمتخصص هو موقع (برنامج التبادل المعرفي) والذي يعد جزءا لمبادرة الملك عبدالله لحوار الثقافات والأديان وهدفه إيضاح الصورة الحقيقية للإسلام وموقفه من الأديان والثقافات، وتعزيز التواصل الثقافي بين المهتمين بالدراسات الدينية في الغرب خصوصا والعالم عموما. ندوة علمية إلى ذلك، توقع وكيل الوزارة لشؤون المساجد والدعوة والإرشاد رئيس اللجنة التحضيرية لندوة المواقع الإلكترونية الدعوية الدكتور توفيق بن عبدالعزيز السديري، أن يتجاوز عدد الجهات والمؤسسات الحكومية والرسمية والمكاتب والجمعيات والمؤسسات العلمية الخيرية والدعوية المشاركة في الندوة التي تنظم في ذي القعدة المقبل، 110 جهات، مشيرا إلى تصنيف اللجنة التحضيرية للندوة هذه الجهات على النحو التالي: 26 جهة حكومية ورسمية، 15 موقعا للمواقع الإسلامية العامة، المؤسسات الدعوية، أربع موسوعات ومواقع شاملة وعلمية، أربع جمعيات لتحفيظ القرآن الكريم، تسعة مكاتب تعاونية، 10 ملتقيات ومواقع علمية متخصصة، سبعة للمرأة والأسرة والتربية، 18 موقعا للعلماء وطلبة العلم والدعاة، سبعة مواقع للوسائط الإسلامية، ستة مواقع للمجموعات البريدية والاجتماعية ومحركات البحث والمجلات، إلى جانب الوزارة وأربع جهات تابعة لها وهي: (موقع الوزارة الدعوي «الإسلام» وموقع الوزارة الإداري، ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، وموقع السكينة، وموقع التبادل المعرفي. جسور تواصل من جانبه، أوضح المشرف العام على برنامج التبادل المعرفي على شبكة الإنترنت في وزارة الشؤون الإسلامية الدكتور عبدالله اللحيدان، أن الموقع رغم عدم مرور أكثر من أربعة أشهر على تأسيسه، فإنه أسهم في مد جسور التواصل والتعاون بين أتباع الديانات المختلفة خصوصا من أهل الكتاب والتعريف بجهود المملكة ونشر الإسلام ومحاربة التطرف والإرهاب، مشيرا إلى سعي البرنامج لتحقيق التعاون مع أتباع الديانات وخصوصا من أهل الكتاب، لتحقيق التعاون في المشتركات التي جاءت بها الأديان السماوية، كاشفا عن تحديث شامل للموقع سيتم خلال الأيام المقبلة، سعيا لإبراز المواضيع والأهداف والحوار الخاصة بالبرنامج وتعزيز التفاهم مع الجميع، مبينا عزم البرنامج في الفترة المقبلة عقد ورشة عمل في الرياض، للتعريف بمنهج المملكة في نشر الإسلام المعتدل، يحضرها أعضاء هيئة التدريس في بعض الجامعات وأجانب مقيمون في المملكة.