من الأغنيات التي تعتبر من علامات ومنعطفات تاريخ محمد عبده الغنائي أغنية «يا صاح» التي تكتسب وصف المنحنى المهم في حياة محمد عبده لأسباب كثيرة لعل في مقدمتها أنها أول مجرور يقدم بشكل مرتب وحديث في شكل الأغنية الحديثة المرتبطة بالجذور والتراث، وهذا شأن محمد عبده في بحثه دوما عن الجديد والمختلف. الجديد في هذا العمل كان مختلفا قد لا يعرفه كثيرون ويتمثل في أن التسجيل الأول والأساسي لها كان في خرجة «خارجة» الشقة التي كان يسكنها محمد عبده في عمارة سفر في شارع الميناء في الهنداوية في النصف الأول من سبعينيات القرن العشرين، الغريب في مرحلة التنفيذ لهذه الأغنية كانت الأكثر اختلافا من غيرها، إذ إن تسجبلها الأساسي المسموع حتى الآن كان في هذه «الخرجة» في الشقة رغم المؤثرات الصوتية في الهواء الطلق وكانت النتيجة كما وجدها المتلقي، بعدها استحدثت مجموعة العمل التي نفذت هذا العمل اسما للتسجيل في هذا المكان، كما يقول رئيس الفرقة الموسيقية: بعد نجاح التسجيل في هذا المكان اسميناه «ستوديو رقم واحد» وبعد انتقال محمد عبده إلى عمارته الجديدة يومها في حي النزلة وقبل أن يؤسس الاستوديو فيها كنا نسجل في صالون الاستقبال، ومن أهم هذه الأغنيات التي سجلت في الصالون «إلى مني نسيت الهم ساعة، أيوه، أواه، من ألحان محمد عبده و «مع التقدير» من ألحاني. أما عن تسجيل «يا صاح» تحديدا فيقول سامي إحسان: كانت خارجة «العلية كما يقول اللبنانيون» شقة محمد عبده كبيرة وكأنها «سطح» وكنت من كلفه محمد عبده مايسترو للفرقة، أما القصة فكانت كما يلي: كنا في البيت، فجأة طلب محمد عبده من عبده مزيد كتابة نوتة للحنه الجديد ساعتها «يا صاح» وبالفعل انتهى عبده من كتابة النوتة إلا المعتاد وطلب محمد عبده أن نسجلها ويومها كنا أنا وعبده مزيد وعبدالله ماجد وأحمد عنبر على الكمان وأميل حداد على القانون وتواب عبيد على الناي ولم يكن لدينا يومها إلا جهاز تسجيل قديم شارب 400d ومايكروفوناته الأربعة التي علقتها في حبل الغسيل وإيقاعيين من الطقاقات ومعهم على الإيقاع عمر شلاح فقط «مايكروفون لمحمد عبده» مدلدل «من حبل الغسيل ومثله» للقانون والناي وثالث للكمنجات، أما الرابع للإيقاع والكورال الذي كان مكونا من الطقاقات أيضا.