المرء مجبول على المخالطة، فهو اجتماعي بطبيعته، يحتاج إلى من يأنس به ويفضي إليه، هذا يحملنا على الحديث والتذكير بأهمية اختيار الجليس والصديق، لأن الجليس الصالح يبصرك بعيوبك، ويدعوك إلى الخير، ويحذرك من المعاصي، و يحفظ وقتك ودينك وعرضك ويعينك على البر والتقوى. وهو لك ذخر في وقت البلاء. ولو لم يكن في مجالسة الأخيار إلا أنهم يرفعون من قدرك، لهذا وجهنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا الأمر المهم، عندما قال «إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك و إما أن تبتاع منه ريحا طيبة، و نافخ الكير إما أن يحرق ثيابك و إما أن تجد منه ريحا منتنه»، وعن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل» . فآثار مجالسة الصالحين والأخيار تتحقق في الدنيا والآخرة، ولهذا اعتنى السلف الصالح باختيار الجليس, يقول ابن القيم رحمه الله : «الجلساء ثلاثة: داء لاتحتاج إليه قط، ودواء تحتاج إليه بعض الأوقات، و غذاء لابد منه» . وقد أرشد الله نبيه صلى الله عليه وسلم إلى أوصاف من يختارهم المرء لصحبته فقال تعالى: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشي يريدون وجهه ولا تعدو عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا و اتبع هواه وكان أمره فرطا). أما جليس السوء ففي مجالسته غفلة عن أوامر الله، وتثبيط عن العمل الصالح فمن يجالس أهل السوء لا يكون قدوة في عيون أبنائه ولاتلاميذه وجيرانه وإخوانه، وقد بين القرآن حال من يجالس أهل الزيغ والضلال من الحسرة والندامة يوم القيامة، قال تعالى: (ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا * لقذ أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان لربه خذولا) كما نهى الله عز وجل عن مجالسة الظالمين فقال تعالى (فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين). وأكبر ضرر في مجالسة صديق السوء إلقاؤه الشبهات في قلب جليسه، مثل عمل الشيطان، والشبهة أشد ضررا وخطرا من الشهوة قال تعال: (يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا)، والمرء يحشر يوم القيامة مع من أحب فمن جالس الصالحين حشر معهم، و من جالس الأشرار حشر معهم، قال صلى الله عليه وسلم: «يحشر المرء مع من أحب». والواجب على الأب أن يسارع إلى الاهتمام بأبنائه ويرعاهم في هذه الإجازة، ولا يهملهم يقوم على تنظيم أوقاتهم، وتزويدهم بالخبرات المفيدة، وتأصيل العلم في نفوسهم مما يثمر في زيادة تحصيلهم العلمي، ويعود عليهم بالنفع والفائدة، وحفظ أوقاتهم من الضياع وحمايتهم من مجالس السوء. د. عزام بن محمد الشويعر مدير عام الإشراف التربوي جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية