«مكة بلد الله الأمين وهي في هرم أولويات خادم الحرمين الشريفين لأنها ارتبطت به تطويرا وارتبط بها وجدانا».. هكذا اختزل المدير العام لشركة الأفكار السعودية للتنمية يوسف بن عواض الأحمدي عناية واهتمام الملك عبدالله بن عبدالعزيز بأطهر البقاع على وجه البسيطة وحرصه على إطلاق مشاريع تطويرية بها في كل موسم، حيث توقع الشيخ الأحمدي أن يكون العقد المقبل في تاريخ مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة العقد الذهبي الذي ستتحول فيه إلى مدينة عصرية ذات طابع خاص لما لها من مكانة مرموقة في العالم الإسلامي، وكشف الشيخ الأحمدي في حوار مع «عكاظ» عن ضرورة مشاركة القطاع الخاص مع الحكومة في تسريع وتيرة العمل في المشاريع المعتمدة والجاري تنفيذها لأن المرحلة المقبلة تتطلب انصهار كافة الجهود في بوتقة واحدة لتخرج مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة في ثوب قشيب كما هو حلم خادم الحرمين الشريفين وكما يجب أن تكون عليه لكونها العاصمة المقدسة وقبلة العالم الإسلامي، فإلي نص الحوار: • يطلق خادم الحرمين الشريفين مشاريع تطويرية في مكةالمكرمة ويضع حجر الأساس لمشروع الساحات الشمالية، بصفتكم أحد المهتمين بالشأن العمراني كيف ترون العناية بمكةالمكرمة والمشاعر المقدسة؟ عمارة الحرمين الشريفين واحدة من أهم أجندة خادم الحرمين الشريفين، حيث أولى حفظه الله مكةالمكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة عناية خاصة واهتماما كبيرا، وتمثلت تلك العناية في إطلاق العديد من مشاريع التطوير والنماء في المدينتين المقدستين، فخلال الخمس سنوات الماضية شهدت مكة نقلة نوعية في المشاريع التطويرية المتعلقة في خدمة ضيوف الرحمن، حيث أنجزت منشأة الجمرات كحل جذري لأزمة التدافع والزحام بتكلفة تجاوزت أربعة مليارات ريال وانتهت توسعة المسعى في المسجد الحرام ليتحول الآن إلى أداور ذات سعات ضخمة ومريحة لضيوف الرحمن، وكذلك يضع حفظه الله حجر الأساس لأكبر توسعة في تاريخ المسجد الحرام وهي توسعة الملك عبدالله للساحات الشمالية وهي توسعة ضخمة تجاوزت قيمة التعويضات العقارية فيها قرابة 33 مليار ريال وستكون توسعة تستوعب ما يربو عن مليون و200 ألف مصل وهذا المشروع الجبار يعكس إيمان خادم الحرمين الشريفين المطلق في ضرورة العمل على خدمة الحرمين الشريفين، وكذلك شهدنا رمضان الماضي إطلاق مشروع عمارة سقيا زمزم وهو المشروع الذي تجاوزت تكلفته 70 مليون ريال من نفقة خادم الحرمين الشريفين الخاصة، فأعاد تنظيم السقيا في هذه البئر المباركة وإطلاقه أيضا لمشروع حيوي ورمزي يستحق الإشادة ويحمل أبعادا كبيرة وهو مشروع الساعة وكأنما أراد الملك به أن يعيد ربط الزمان بمكةالمكرمة قلب الأرض إلى جانب مشروع قطار المشاعر الذي أثبت نجاحا في موسم العام الماضي من الحج، كل هذه المشاريع تعكس مدى الاهتمام والعناية بهذه البقعة المقدسة. • تحولت مكةالمكرمة إلى ورشة عمل كبرى مع هذه المشاريع التطويرية، كيف تقرأ مستقبل مكة العمراني والعقاري؟ مكة تشهد نهضة عقارية كبيرة، خصوصا عقب المشاريع التي أعلن عنها خادم الحرمين الشريفين لتطوير المنطقة المركزية للحرم وكذلك قطار الحرمين وقطار المشاعر، وهناك قوة طلب كبيرة من قبل المستثمرين على أراضي مكةالمكرمة، خصوصا في المواقع المجاورة للمنطقة المركزية للحرم، فكما تعلم فإن هناك إقبالا كبيرا على سكن الحجاج والمعتمرين يقابلها إحجام من قبل المستثمرين عن التوجه لبناء الوحدات المجهزة للإسكان الدائم، وإن الإسكان الموسمي يحظى بنسبة 80 في المائة من حجم المشاريع القائمة والجاري تنفيذها في مكة خلال الوقت الراهن، وهناك عزوف عن البناء من قبل المستثمرين من أجل التأجير الدائم لعدم وضوح القوانين الاستثمارية المحددة للعلاقة بين المستثمر والمستأجر، وعدم وجود ضوابط تنفيذية لضمان حقوق الطرفين. • كأن قولك يقود إلى دق الجرس فيما يخص أزمة إسكانية فبحكم وجودكم عضوا في العديد من الشركات العاملة في مجال تملك المساكن، كيف يمكن إيجاد حلول لهذه الأزمة؟ سبق أن حذرت أنا وغيري من المهتمين من تفاقم أزمة الإسكان في المدن السعودية والنتائج الخطيرة المترتبة على ذلك، بعد تقلص الفرص بشكل كبير في الحصول على مسكن بنظام الإيجار أو الشراء وارتفاع أسعارها إلى أرقام فلكية، في ظل محدودية العرض في الوقت الحالي التي يقابلها زيادة كبيرة في الطلب. وإدارة الأزمة الإسكانية التي تشهدها البلاد في الفترة الحالية هي مسؤولية مشتركة بين القطاعين العام والخاص، خاصة أن لدى المملكة ثروة عقارية كبرى تحتاج إلى استثمار لو تم استغلالها بالشكل المطلوب ستوفر السكن الملائم لكل مواطن سعودي وبأقل التكاليف ونحن نشدد على ضرورة تضامن الجهود بين القطاعين العام والخاص في سبيل خدمة المجتمع المحلي، وتوفير فرص النمو والتطور لجميع أفراده، والارتقاء بهم إلى أعلى درجات التنمية والازدهار، حيث يرى أن الشراكة سيكون لها مساهمة فاعلة في تنفيذ رؤية المسؤولين من توفير مساكن للمواطنين في وقت وجيز وبأسعار تلائم جميع الشرائح، وقد دعوت إلى دراسة مقترح الاستفادة من الأراضي الفضاء التي تملكها الدولة من خلال تشكيل شراكة مع القطاع الخاص، بحيث يتم تخصيص مساحة لا تقل عن عشرة ملايين متر مربع للشركة المطورة على أن تأخذ من 30 إلى 40 في المائة من مساحة الأرض نظير تخطيطها ورصفها وإنارتها وبعدها تسلم للدولة التي تقوم بدورها من تكليف لجنة رفيعة المستوى من وزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة المالية ووزارة التخطيط ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة العدل ووزارة التجارة ومن مجلس القضاء الأعلى ومن الغرف التجارية ومن صندوق التنمية العقاري لبيعها على المواطنين بأسعار رمزية مناسبة، وهي أنواع من العقار مثال مساكن خاصة ومساكن استثمارية واستراحات خاصة ومواقع خدمية استثمارية وتجربة الصندوق في مكةالمكرمة خير دليل، حيث تولى بناء أكثر من ثلاثة آلاف وحدة سكنية، وتم توزيعها على المواطنين بديلا للقروض. فكل الأراضي الفضاء التي تملكها الدولة وهي مساحات شاسعة وفضاء ممكن معالجتها بهذا المقترح فلو تم التعامل معها على هذا الأساس فإننا سنوفر مساكن جيدة للموطنين، إضافة إلى التخفيف على المدن وفك التكدس السكاني الذي بدأت تعاني منه بعض المدن الكبرى وعلى رأسها الرياضومكةالمكرمةوجدة والدمام والخبر، كما أن التنظيم الراقي للمخططات المستقبلية سينقلنا للعالم الأول وأنه سيحد من الاعتداء على أملاك الدولة بطريقة حضارية ويوفر لها الكثير من الأموال لأننا بهذا المقترح أوجدنا الكفاية لعامة المواطنين عن طريق القطاع الخاص بمشاركة الدولة، وسيكون هذا المقترح بديلا للمنح بجميع أشكالها، إضافة إلى قضائها على جميع حجج الاستحكامات الوهمية. • شاركت كعضو في لجنة التقديرات الحكومية للساحات الشمالية للحرم فكيف استطاعت اللجنة تحقيق العدالة في التعويضات دون جدل واختلاف مع الملاك؟ كان توفيق الله هو الضامن لتحقيق العدالة إلى جانب التوجيهات الواضحة من خادم الحرمين الشريفين بإعطاء كل ذي حق حقه في هذا المشروع المبارك فكانت اللجنة مكونة من عدد من الجهات الحكومية وعضوين من القطاع الخاص وقبل بدء العمل تم وضع أسس وقواعد لعملية التقييم للمباني، حسب قربها وبعدها من المسجد الحرام، ووضع سعر عادل يرضي ملاك العقارات، حيث وضعت اللجنة معايير مشددة في تقدير العقارات، بحيث يؤخذ في الحسبان قرب العقار وبعده عن المسجد الحرام، وذلك لكل العقارات على مختلف مستوياتها ودرجاتها، وكذلك بالنسبة للعقارات التي تطل على المسجد الحرام مباشرة، إضافة إلى العقارات التي تقع على الشوارع الرئيسة في المنطقة المعنية بنزع ملكياتها لمصلحة التوسعة والأراضي الداخلية ورعت اللجنة في تقدير العقارات عدد الطوابق المسموح بها في حالة حصولها على تصريح بناء والنظر في توزيع بلوكات سعرية حسب استراتيجية الموقع وعملت اللجنة على أداء عملها بحكم الأمانة التي تحملتها وسعى جميع أعضاء اللجنة إلى تحقيق العدالة في عملية التقديرات. • كيف تنظر إلى خطة الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة العشرية للتطوير، لا سيما أن ملامح هذه الخطة بدأت تتضح على أرض الواقع؟ استراتيجية تطوير مكةالمكرمة هي خطوة إيجابية للارتقاء بمستوى العاصمة المقدسة بشكل عام والمنطقة المركزية بشكل خاص، فنحن كرجال أعمال ومستثمرين وقبل كل ذلك مواطنين معنيين بتنفيذ هذه الخطة والمشاركة في نجاحها، حيث ربط الأمير خالد نجاح الخطة بتفاعل المجتمع، ونحن جزء من هذا المجتمع، فالعديد من المبادرات التي أطلقها الأمير خالد الفيصل في خطته تحققت وننتظر نتائجها فبدأت عمليات الهدم لعدد من الأحياء العشوائية في جدة وقريبا البدء في مكة أنا أعتقد أن هذه الخطة هي نقلة نوعية وغير مسبوقة للمنطقة. • شاركتم في العديد من المعارض والمناسبات بطرح آراء تطويرية لمكة والمشاعر المقدسة في طرح متزن، هل ترتكزون في ذلك على دراسات هندسية شاملة وما مدى إمكانية تنفيذ تلك الخطط من وجهة نظركم؟ إيماني المطلق بضرورة خدمة هذا الكيان الشامخ وتجاوبا مع مبادرات قائد الأمة خادم الحرمين الشريفين وحرصه الدائم على تطوير مكةالمكرمة أنفقت 18 مليون ريال على هذه الدراسات والرؤى، نحمد الله أن من علينا أننا من سكان وجيران بيته الحرام وهذا يتطلب منا كل في مجاله لبذل الجهد والإنفاق للمشاركة مع الدولة لتطوير هذه البقعة الطاهرة وبخصوص الأفكار التي طرحت فقد وجدت صدى كبيرا ولله الحمد لدى عديد من المسؤولين، ولعل ما يثلج الصدور قرب إعلان المخطط الشامل لمكةالمكرمة وهذا بلا شك سيعيد التخطيط لعديد من المشاريع التي ما زالت تحت الدراسة ونأمل أن تخرج توصيات هذه الدراسة بما يخدم الأهداف التي حددت لها، فمكةالمكرمة تحظى برعاية واهتمام كبيرين من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين والنائب الثاني الأمير نايف بن عبدالعزيز والأمير خالد الفيصل والذي أعلن عن خطته العشرية لتكون مكة نحو العالم الأول تنمية الإنسان والمكان، ونحن عندما نطرح هذه الأفكار فهي تأتي وفق تطلعات القيادة وبناء على دعوة الأمير خالد الفيصل تقدمت بمقترحات وخطط مستقبلية لتطوير المنطقة المركزية تهدف لتلبية احتياجات المنطقة الفريدة من نوعها ومواكبة المتغيرات لترفع من قدرتها الاستيعابية وبلورة أوجه التعاون بين القطاعين العام والخاص قدر المستطاع لتطوير شامل ومستقبلي حول المسجد الحرام يعطي الأولوية للتوقير الروحاني لمكانة وهيبة المسجد الحرام، فوجود ثمانية طرق رئيسة على الطبيعة وجميعها موصلة إلى المنطقة المركزية ولفتح طرق جديدة وطرق مشاة ووسائل نقل متطورة بمعايير عالمية، إضافة إلى وجود مجموعة كبيرة من المباني المستهلكة وذات الطاقة الاستيعابية المحدودة وغير القادرة على مواجهة الزيادة المطردة في أعداد الحجاج والمعتمرين كل هذا يجعل من إعادة تأهيل هذه المناطق وتطويرها من جديد أمرا ملحا لا يمكن الاستغناء عنه تحت أي ظرف من الظروف لمواجهة تحديات كبرى متمثلة في زيادة أعداد الحجاج والمعتمرين والارتقاء بمستوى خدمتهم وتوفير كل وسائل الراحة لهم، ولا شك أن مشروع توسعة الساحات الشمالية التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين التي تقدر مساحتها الإجمالية ب400 ألف متر مربع تقريبا، وهي توسعة تاريخية يشار إليها بالبنان ونسأل الله، سبحانه وتعالى، أن يثيبه وينفع بها المسلمين. • هل لك أن تضعنا في قلب المرتكزات التي انطلقت من خلالها أفكاركم وألا ترون أنها صعبة التنفيذ لا سيما في طبوغرافية مكةالمكرمة؟ نحرص في شركة الأفكار السعودية في تقديم رؤيتنا على التصاميم الهندسية المتوافقة مع طبيعة الواقع في مكةالمكرمة ولعل لنا رؤية خاصة تكمن في شق الطرق، لذا نعمل مجسمات تحاكي الواقع ولنا العبرة في مشروع أجياد المصافي، واعتبر أن هذا المشروع نموذج يجب أن يحتذى به في المشاريع التطويرية، حيث تم استعراض دقيق لمراحل المشروع، فمنذ البداية أنا مؤسس في عدد من الشركات القائمة حاليا في المنطقة المركزية ولم أشاهد المراحل الأولى من المشروع من طرق وبنية تحتية، فالشركات تركز على المجسمات في حين أن مشروع تطوير «أجياد المصافي» ركز على الطرق بالدرجة الأولى، وهذا الأمر في غاية الأهمية لأن مكة تعيش أزمة طرق ولا بد أن تركز المشاريع التطويرية على الطرق والبنية التحتية قبل المشاريع العمرانية، أما بخصوص الأفكار التي طرحت ومن الصعب تحقيقها فاستشهد بمقولة أمير المنطقة الذي أعلن أنه لا بد من مواجهة ثقافة الإحباط، هذه المقوله أعطتني دافعا كبيرا كي أمضي قدما في تطوير هذه الأفكار وفق المراحل الحالية والمستقبلية، فمن يعمل ويريد أن يطور لا بد أن يواجه عراقيل المحبطين، ولكن نحن نعمل وفق رؤية أمير المنطقة الذي منحنا مساحة كبيرة للنقاش والحوار.