تجوب الشوارع مثقلة بأطنان من المخلفات البشرية، تقطع الطرقات بلا هوادة، تنفث الروائح الكريهة أينما اتجهت، فضلا عن تسببها في الازدحام والاختناقات المرورية وتعطيل حركة السير وقت الذروة، إنها شاحنات الصرف الصحي المعروفة في محافظة جدة بلونها الأصفر، ورغم إزعاجها المستمر ومظهرها غير الحضاري إلا أن وجودها بات أمرا واقعا لا يمكن تجاهله باعتبارها المنقذ والمخلص من الطفح المتكرر لمياه الصرف في شوارع وطرقات الأحياء الراقية والعشوائية على حد سواء، حيث تشكل بؤرا دائمة لتكاثر البعوض والقوارض، الناتجة عن افتقار المدينة لشبكة الصرف الصحي، ما جعل بعض الأحياء تستنشق هوائها الملوث صباح مساء رغم تذمر السكان ووعود المسؤولين باجتثاث المشكلة من جذورها عبر تنفيذ مشروع ضخم يغطي كافة أرجاء المحافظة الساحلية وهو المشروع الذي بدأ تنفيذه منذ سنوات وبتوقع الانتهاء منه قريبا. آليات عمل وأبدى عدد من المواطنين في جدة عن استياءهم الشديد من مزاحمة هذه الشاحنات وإعاقتها لسير المركبات الخاصة والعامة في الطرقات، وطالبوا بوضع ضوابط ينظم تحركاتها والتقليل من أخطارها، وهنا بين ل «عكاظ» أحمد الغامدي، مدى الأضرار الذي تشكله هذه الشاحنات التي تحمل صهاريج صفراء وتجوب الطرقات. وأضاف: نريد وضع آليات تحدد عمل هذه المركبات التي تشكل خطورة على قائدي المركبات بعشوائيتها، خصوصا عند مرورها في الجسور الواقعة في جنوبجدة وبالقرب من الاستاد الرياضي باتجاه المنطقة الصناعية، حيث المنعطف الخطير ونتج عنه حوادث مرورية وأسفرت عن وفيات. جشع ومغالاة من جهته، قال صالح محمد: تعالت أصواتنا وأبدينا تذمرنا وقلقنا العميق فيما يتعلق بمخاطر شاحنات الصرف الصحي، إلا أن شكوانا لم تلق صدى لدى المسؤولين، علاوة عن جشع ملاك ناقلات الصهاريج الذين يبالغون في أسعار شفط المجاري الذي يصل 300 ريال أو أكثر أحيانا. وأضاف بالقول: ثقل الناقلات يتسبب في تلف الطبقة الأسفلتية للشوارع وتآكلها وبالتالي هبوط مستوى الأرض وتشكيل حفر كبيرة تعد أفخاخا ومصائد للمركبات العابرة، فضلا عن طفح المجاري المستمر وتشكيله للمستنقعات المائية الجاذبة للبعوض والحشرات الضارة. روائح كريهة بدوره، أشار ماجد بن عبدالرحمن، إلى أنه يعاني من مرض الربو المزمن، وأضاف: عند مرور ناقلات الصرف الصحي بالقرب من سيارتي أو مجرد التوقف بمحاذاتها عند إشارات المرور فإن منظرها القذر والروائح الكريهة النفاذة تصيبني بنوبة سعال شديد، فضلا عن منظره المتسخ الذي يصيب السائح والزائر بالاشمئزاز والتقزز وكل هذا في مدينة مرشحة للسياحة العالمية وتعد بوابة الحرمين. وخلص إلى القول «طفح المجاري لا يقتصر على الأحياء القديمة، الوايتات الصفراء تجوب أيضا شوارع الأحياء الجديدة». مشروع حيوي وأبدت فاطمة جراح أملها في سرعة إنجاز مشروع شبكة الصرف الصحي في جدة، وأضافت: نقرأ كثيرا عن قرب الانتهاء من هذه المشروع الحيوي الذي سيقلص بلا شك أعداد الناقلات الصفراء التي تشوه المنظر الحضاري للمدينة. وزادت: اقترح تحديد أوقات عمل الوايتات واقتصار أوقات تحركها بين الثانية عشرة ليلا والسادسة صباحا، والالتزام بطرق محددة داخل المدينة وليس كافة الطرق. واختتمت حديثها بالقول: منذ سنوات كان دوار الدراجة واجهة، بل من المعالم الحضارية لأهالي العروس والآن تحول مرتعا لهذه الوايتات القذرة. مضايقات وازدحام من جانبه، ذكر ساري عبدالله، أنه يعمل في مطار الملك عبدالعزيز، ويمر بجسر المطار للوصول إلى مقر عمله، حيث توجد بالقرب منه محطة تكرير مياه الصرف الصحي. وأضاف: نعاني كثيرا من مضايقات النقالات الصفراء التي تزاحم السيارات على الجسر، مبينا أن مثل هذه المحطات مكانها خارج النطاق العمراني، خصوصا أن الروائح الكريهة المنبعثة من هذه المحطات تعد السبب في كثير من الأمراض. تلوث بيئي انتقد أبو فالح، تفريغ مياه الصرف الصحي جنوبيجدة، وقال: كانت منطقة الخمرة المنتزه الوحيد لأسرتي، حيث كنا ننصب خيمتنا هناك في كل جمعة حيث الهواء العليل، واستمر هذا الوضع لمدة عامين ونيف، ولكن قبل ستة أشهر تغير الوضع وبات هناك تلوث بيئي وانبعاث الروائح الكريهة بعد تفاقم مشكلة تفريغ مخلفات الصرف الصحي. من جانبها، ترى نورة حامد أن مشروع شبكة الصرف الصحي في جدة أخذ الكثير من الوقت والجهد والمال. وأضافت: عدم تنفيذ الشبكة حتى الآن أدى على انتشار ظاهرة وايتات الشفط التي تجول الشوارع وتشوه المنظر الحضاري للمدينة وتتسبب في ازدحام واختناقات الحركة المرورية. أمراض خطيرة ويعاني سائقو ناقلات الصرف الصحي أيضا من مشاكل ومعاناة وفق رأيهم، وهنا ذكر سائق شاحنة (فضل عدم الكشف عن اسمه)، أنه ينفذ ما بين ثلاثة إلى سبعة ردود في اليوم. وأضاف: هناك أحياء كاملة بلا شبكة تصريف، خاصة في أحياء الصفا والفيصلية، حيث يعتمد السكان في وايتات الشفط للتخلص من طفوحات المجاري. وخلص إلى القول «بعض السائقين يصابون بأمراض صدرية ووبائية خطيرة تجبرهم على ترك العمل ومغادرة المملكة إلى بلادهم بصفة نهائية». رأي إدارة المرور إلى ذلك، أكد ل«عكاظ» العميد محمد القحطاني مدير مرور جدة، منع دخول جميع الشاحنات في أوقات الذروة، أي من الساعة السادسة وحتى التاسعة صباحا، ومن الثانية عشرة وحتى الثالثة ظهرا ومن الخامسة وحتى الحادية عشرة طيلة أيام السنة، مبينا منع تحرك هذه الشاحنات في شهر رمضان، خاصة في أوقات الذروة من التاسعة صباحا حتى الثانية عشرة ظهرا 12 ومن الثامنة مساء وحتى الثالثة فجرا، مبينا تطبيق الغرامات والجزاءات بحق وايتات الصرف الصحي المخالفة وفق أنظمة المرور أسوة بالسيارات الأخرى. حجم المخالفات وأظهرت إحصائية عن حجم المخالفات المرورية المرتكبة من قبل نقالات الصرف الصحي في مدينة جدة خلال عام 1432ه 3377 مخالفة، منها 726 القيادة بدون رخصة، 302 وقوف غير نظامي، 814 عدم تجديد رخصة القيادة، 44 «دوران غير نظامي»، 846 دخول وقت الذروة، 316 عدم ربط حزام الأمان، 329 استخدام الجوال أثناء القيادة.