لم يعد مستغربا اليوم مشاهدة جحافل ناقلات الصرف الصحي ذات اللون الأصفر الشهير وهي تجوب شوارع جدة قاطعة طرقاتها من شمالها إلى جنوبها في مشهد غير حضاري.. لكن الأمر المستغرب هنا هو تحول بعض ساحات الأحياء السكنية إلى مواقف ونقاط تجمع لتلك الناقلات. وبات من الملاحظ اليوم وجود أكثر من ساحة على امتداد العروس تتجمع بها الناقلات مشكلة خطرا حقيقا على الأهالي والسكان كونها مصدرا للأوبئة والتلوث وتكاثر الحشرات الأمر الذي دفع عددا من السكان إلى إغلاق النوافذ وتحرجهم من استقبال الضيوف في الأفراح والأتراح كون تلك الناقلات المجاورة لسكنهم تصدر روائح كريهة. يصف المهندس إبراهيم عبدالرحمن معاناته مع ناقلات الصرف الصحي الصفراء وهو من سكان حي الروابي حيث يتجمع بالقرب منهم عدد كبير من تلك بقوله: «بعد العصر تبدأ تلك الناقلات بالتجمع في الحي ومن ثم يقوم السائقون بفتح أغطية الناقلة ومن ثم تتسرب الروائح الكريهة الأمر الذي جعل الناموس والبعوض يأخذ طريقه في الانتشار مما جعلنا نغلق نوافذ شققنا المطلة على صهاريج الصرف الصحي وتارة يحرجنا أمام ضيوفنا. أما أحمد الشامي وهو معلم في مدرسة لا تفصل سوى أمتار بسيطة عن موقع تلك الناقلات فقد أطلق تنهيدة عندما علم بأننا نسلط الضوء على هذه المشكلة التي وصفها بالعويصة إذ يقول: «المشكلة الأساسية هي أن سائقي تلك الناقلات يسكنون في الحي وهذا السبب الرئيسي لتجمعهم في المكان ومن المفترض أن تُخصص مساحة كافية لإيقاف تلك الصهاريج بعيدا عن المباني السكنية وتكون بمثابة نقطة توزيع». وتابع: «الحل برأيي يكمن في تغريم أولئك السائقين ومنحهم قسائم مخالفة بمبلغ معين حتى تكون رادعا لهم في عدم الوقوف في الأحياء» مشيرا إلى أن السكان رفعوا شكوى منذ فترة إلى البلدية ولكن دون جدوى. وبعد تعقب ناقلات الصرف وجدنا أنها تتمركز في عدد من الأحياء على امتداد المدينة، حيث من أبرز مواقعها: حي الروابي في ساحة على شكل مثلث تطل على الخط السريع وتشرف على قاعة احتفالات وتجاور مدرسة حكومية هناك, أما الموقع الثاني لها فهو في حي الصفا في شارع الأربعين بعد مستشفى الجدعاني وبجوار عمائر سكنية حديثة, والموقع الثالث هو بالقرب من ميدان الدراجة في ساحة تطل على شارع الستين ومقابل مدرسة أهلية وتحيط بعمائر سكنية. ومن أشهر المواقع أيضا حي بريمان الشعبي حيث تقوم تلك الناقلات بإفراغ حمولتها هناك ومن ثم تصطف في طابور طويل على الشارع العام بشكل لافت الأمر الذي يسبب خناقا مروريا ملحوظا. لا توجد مواقف مخصصة من جهتهم تحجج سائقو تلك الناقلات بالوقوف داخل الأحياء بعدم وجود مواقف مخصصة لهم إضافة لقرب سكنهم من تلك الساحات. وعندما هممت بمقابلة بعض سائقي تلك الناقلات وأوقفت سيارتي بجوارهم إلا وقاموا بالالتفاف حولي بشكل قوسي حيث ظنوا أنني مراقِب من شركة المياه الوطنية وأخذوا يتذمرون من تعقب مندوبيها لهم ومنحهم بشكل يومي إشعارات مخالفات قالوا بأنهم لا يستحقونها. وقال سراج سعيد وهو أحد السائقين: «للأسف يأتي مراقب شركة المياه بشكل شبه يومي ويمنحنا مخالفات لا نستحقها تارة بحجة عدم تركيب أغطية بالرغم من وجودها وتارة يطالبنا بتغيير لون الناقلة بحجة أن لونها قديم» مشيرا إلى أن «البلدية تطلب منهم وجود مثلث مركب في أعلى السيارة, وعدم وجود أي تهريب في أنبوب الشفط إضافة إلى وجود (سفتي) يضيء باللون الأحمر عند مباشرة الشفط فقط». وأضاف أحدهم: «ليت الأمر كذلك فبعض المخالفات تتراوح من مائتين إلى ألف ريال وإن لم تسدد خلال 15 يوما فقط فإنها تضاعف». رأي أمانة جدة من جهته أوضح مدير الإدارة العامة للمرادم وتدوير النفايات بأمانة محافظة جدة المهندس عادل المرواني أن الأمانة تقوم بتعقب أولئك السائقين وتغريم المخالفين منهم وفق الأنظمة واللوائح وبناء على التقرير السنوي بشأن مخالفات ناقلات الصرف الصحي من 1/1/1432 وحتى 30/12/1432ه تم تغريم حوالي 3025 ناقلة صرف صحي بإجمالي قدره 4494132 ريالا، مشيرا إلى أن من أبرز تلك المخالفات هي التفريغ العشوائي في الحدائق والمنتزهات والمزارع العامة إضافة إلى مخالفة الوقوف على الأرصفة في الطرقات العامة» وأضاف: «أصحاب الناقلات ملزمون بتوفير مواقع خارج النطاق العمراني لوقوف معداتهم موضحا أنه سبق أن تم وضع لوحات إرشادية تمنع الوقوف داخل الأحياء السكنية وإغلاق الشوارع الرئيسية وقد وفرت الأمانة موقعين بشمال وجنوبجدة يكون موقعا مخصصا للناقلات يتم إيقاف السائقين فيها. الموقع الأول بطريق بحيرة الصرف الصحي والموقع الثاني بطريق الساحل جنوبجدة ولكن للأسف لم يلتزم أصحاب هذه الوايتات بهذين الموقعين.