نبهت هيئة تأديب موظفي الدولة محققيها، أثناء إجراءات التحقيق، على ضرورة تقصي طرق استخلاص الأدلة، ودراسة الوقائع بتأن وعدم الاستعجال في استصدار الأحكام، أو إثبات التهم أو نفيها أثناء عمليات التحقيق ومباشرته. وبينت أن خطوات تقصي التهم هي تلخيص لكل إجراءات التحقيق، وما أظهر كل إجراء من حقائق يصوغها المحقق من محضر التحقيق مع التركيز على المسائل التي أدى التحقيق فيها إلى نتائج إيجابية في الكشف عن الحقيقة، ويورد أقوال الشهود والذين لم تسمع أقوالهم وكل البيانات التي ساعدت على الوصول إلى الحقيقة. وألمحت بأنه ينبغي أن يتضمن العرض في التحقيق تحديد المستندات بتوضيح تاريخها وموضوعها مع بيان الجهة أو الشخص الذي صدرت عنه والتركيز في العرض على كل ما له دلالة تهم التحقيق في إثبات أو نفي التهمة. وأرشدت الهيئة المحققين إلى دراسة الأدلة التي يستخلص منها المحقق عناصر تحقيقه، ومنها الاعتراف بحيث يستلزم على المحقق التأكد من سلامة الاعتراف، وأنه صادر من المتهم عن رغبة في أقوال الصدق، فقد يكون دافعه الفرار من جريمة أخرى يريد كتمانها، أو إفلات الفاعل الحقيقي لسبب معين وذلك بالمناقشة والمطابقة بينه وبين باقي الأدلة. كذلك من طرق الاستخلاص الشهادة حيث يجب على المحقق وزن الشهادة بأخذها أو رفضها، وذلك بالمراجعة بين الشهادات والأقوال، فإذا تناقضت فله أن يستخلص الحقيقة بكل حرص وواقعية دون أن يحرف الشهادة عن مواضعها، وللمحقق حرية الاستدلال وبناء اقتناعه على الدليل من حيث صحة الواقعة وحقيقتها وسندها الرسمي. ومن الطرق أيضا رأي ذوي الخبرة، بحيث يؤخذ للاستئناس به، فللمحقق تقدير قوة الدليل المستمد من رأي الخبير ولكن يحرص على أن تكون وسيلة استخلاص الرأي سليمة لا يشوبها الخطأ. ويضاف لذلك أدلة المحررات بحيث يكون المحقق ذا قناعة بالأخذ بها أو عدم الأخذ بناء على أسباب سائغة لها ما دام الدليل غير مقطوع على صحته. ومن الصور المعمولة في ذلك القرائن، وهي استخلاص أمر مجهول من أمر معلوم فظهور ثراء فاحش على المخالف مثلا يؤخذ قرينه على اختلاسه للمال العام وشرط الأخذ بهذه القرائن، أن يعجز المخالف عن تعليلها تعليلا مقنعا يفيد عدم ارتكابه المخالفة. وعليه فقد أكدت أن نتيجة التحقيق من حيث الوقائع تندرج في عدة عناصر، يجب على المحقق إدراكها، منها وقوع المخالفة أو عدم وقوعها وأدلة ذلك، أو ثبوت ارتكاب الموظف المخالفة أو عدم ثبوتها والأدلة على ذلك، والظروف المخففة أو المشددة المستخلصة من الوقائع. فالظروف المخففة مثلا ضغط العمل، حسن نية الموظف المخالف، حداثة عهد الموظف بالخدمة، عدم وجود سوابق، وأما الظروف المشددة فهي السوابق وسوء نية الموظف المخالف. بينما تكون نتيجة التحقيق من الناحية النظامية مشتملة على بيان الواجب النظامي الذي وقعت المخالفة انتهاكا له والسند النظامي لهذا الواجب ثم تحديد الوصف النظامي للمخالفة المنسوبة للموظف إذا كانت ثابتة في حقه أو تقرير عدم وجود مخالفة لأي من واجبات الوظيفة.