مع ارتفاع عدد الذين تم إيقافهم في حملة التوقيفات وفقاً للتحقيقات التي تقوم بها لجنة تقصي الحقائق في كارثة سيول جدة، والتي شملت عددا من كبار المسؤولين ورؤساء الأقسام بالأمانة، أوضح قانونيون ل " المدينة " أن اللجنة بمجرد الانتهاء من التحقيقات سترفع تقريرها لخادم الحرمين الشريفين، لاتخاذ اللازم بشأن من تثبت مسؤوليته عن تلك الكارثة، ذلك أن دورها يقتصر على التحقيق وتقصي الحقائق، وهي ليست لجنة قضائية، بمعنى أنها لن تحاكم المقصرين، مشيرين إلى أنه ليس بلازم أن تكون المسؤولية جنائية فحسب، فمن المتصور أن يكتفي بإحالة البعض إلى المحاكمة التأديبية، دون الجنائية، بحسب ما تسفر عنه التحقيقات. وفي ما يتعلق بالعقوبات التي من الممكن أن تصدر بحق الأشخاص الذين تم إيقافهم أكدوا أنه يتعذر تحديدها أو الحديث عنها لحين انتهاء التحقيقات ورفع دعوى الحق العام حسب التهم التي توجه لهم فهناك جرائم تتعلق بالوظيفة العامة، مثل الرشوة أو الاختلاس أو خيانة الأمانة، وهذا النوع من الجرائم تختص بنظره الدوائر الجزائية بديوان المظالم، ومن المتوقع أيضاً أن تكشف التحقيقات عن مخالفات إدارية جسيمة بإسناد أعمال لشركات خاصة بالمخالفة لنظام تصنيف المقاولين، أو نظام المنافسات والمشتريات الحكومية، وفي الجملة فإن جرائم الفساد الإداري منتشرة في أكثر من نظام، ولا تشملها مدونة عقابية واحدة، وهي ترتب عقوبات جنائية تصل في بعض الأحيان إلى السجن عشرين سنة، بالإضافة إلى عقوبات الغرامات". جرائم موجبة للتوقيف المحامي دخيل الله الجدعاني يقول: ينبغي الإشارة إلى أن لجنة تقصي الحقائق، الخاصة بالتحقيق في كارثة السيول والتي تم تشكيلها بموجب أمر ملكي سام، قد أعطيت صلاحيات واسعة للوصول إلى الحقيقة كاملة، من ضمنها الحق في استدعاء أي شخص له علاقة بالموضوع والتحقيق معه، وجاء إيقاف بعض الأشخاص على ذمة التحقيق استناداً إلى أن بعض هذه الجرائم يعد من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف بناء على أمر سمو وزير الداخلية رقم (1900) وتاريخ 9/7/1428ه ، والصادر بناء على الصلاحيات الممنوحة لسموه بموجب المادة الثانية عشرة من نظام الإجراءات الجزائية السعودي، والتي تنص على " يحدد وزير الداخلية بناء على توصية رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام ما يعد من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف". وأضاف: " المقصود بالإيقاف هنا هو سلب حرية المتهم مدة من الزمن تحددها مقتضيات التحقيق ومصلحته وفق ضوابط قررها نظام الإجراءات الجزائية، والغاية منه ضمان سلامة التحقيق الابتدائي من خلال وضع المتهم تحت تصرف جهة التحقيق وتيسير استجوابه أو مواجهته كلما استدعى التحقيق ذلك وللحيلولة دون تمكين المتهم من الهروب أو العبث بأدلة القضية أو التأثير على الشهود، وهو مرتبط بمدة زمنية حددها النظام بشرط ألا تتجاوز في مجموعها الستة أشهر من تاريخ القبض على المتهم، والتي يتعين بعدها مباشرة إحالة المتهم إلى المحكمة المختصة نظاما بنظر القضية أو الإفراج عنه، وفقا لما جاء للمادة الرابعة عشرة من نظام الإجراءات الجزائية. العقوبة حسب الجرم وعن العقوبات الجنائية التي من الممكن أن تصدر بحق الأشخاص الذين تم إيقافهم قال: " العقوبات مرتبطة بالجرائم التي ثبت ارتكابهم لها من واقع الأدلة المؤيدة لذلك، وهي تختلف باختلاف الجريمة المنسوبة لكل منهم وحتى يمكن تحديد العقوبة التي من الممكن إيقاعها على المتهم ينبغي ابتداء معرفة الجريمة المنسوبة له، والثابت أنه متى ثبتت إدانة أي من هؤلاء الأشخاص بارتكاب جريمة يعاقب عليها سيتم إصدار حكم ابتدائي في مواجهته ، إلا أن هذا لا يمنعه من الاعتراض عليه بموجب لائحة اعتراضية مقدمة منه أو من محامية لجهات الاستئناف المختصة ". التوقيف ضرورة للتحقيق وعن مراحل حملة التوقيفات التي شملت بعض المسؤولين بأمانة جدة وسير التحقيقات المتبعة في حالة إدانتهم أو عدم إدانتهم، أشار الجدعاني إلى أن الإيقاف هنا هو إيقاف على ذمة التحقيق وهو ضرورة من ضرورات التحقيق ويتم تجديده وفقاً لمجريات التحقيق ، ففي حال اتضح عدم إدانة الشخص بالجرم المنسوب له فإن لجهة التحقيق أن تأمر بإخلاء سبيله لعدم ثبوت الجريمة بحقه، أما في حال ثبتت إدانة أي منهم فإن الإجراء المتبع هو إحالته للقضاء وهو ما يسمى مرحلة المحاكمة وذلك للنظر في ثبوت التهمة وإصدار حكم بحقه. براءة الذمة من جهته يقول المحامي حامد فلاته : "ظهر للجنة التحقيق التي تشكلت وكما يبدو لها من خلال الاطلاع والبحث والتحقيق المبدئي تورط أو اشتباه مبني على قرائن قوية ضد من تم القبض عليهم في بعض المخالفات النظامية وربما الجرائم التي توجب التوقيف فوفقاً لنظام الإجراءات الجزائية يتم إيقاف المتهمين بناء على المواد 103- 113- 114 من النظام الذي قضى أن للمحقق ايقاف المتهم إذا كانت ظروف التحقيق تستلزم ذلك فهناك حالات موجبة للتوقيف كأن يكون وجود المتهم مطلق السراح يؤثر سلبا على التحقيق أو يخشى هروبه أو اختفاؤه على أن لا تزيد المدة عن خمسة أيام من تاريخ القبض ، ثم عالجت المادة 114 حالة، أما إذا رأى المحقق أو جهة التحقيق تمديد هذه المدة، يستلزم ذلك بعض الإجراءات والموافقات للتمديد مدة أو مدد متعاقبة بحيث لا تزيد في مجموعها على ستة أشهر يتعين بعد ذلك إحالة المتهم إلى المحكمة المختصة لمحاكمته أو الإفراج عنه، وعند إحالته إلى القضاء يكون للقاضي ناظر القضية تحديد إطلاق سراح المتهم أو تمديد فترة إيقافه ". ويضيف: " معنى ما سبق قوله إنه بعد إجراء التحقيقات اللازمة يتم إطلاق سراح المتهم أو إحالة ملف القضية للمدعي العام لرفع دعوى الحق العام أمام الجهة المختصة للمحاكم الشرعية أو ديوان المظالم أو المحاكم الجزئية وفقاً للتكيف الذي يقرره المدعي العام. وأشار إلى أن إيقاف احد المسؤولين على ذمة التحقيق أو استدعاءه أو استجوابه يبقى عليه صفة براءة الذمة لحين ثبوت التهمة تطبيقاً للقاعدة الشرعية الأصل "براءة الذمة " أو القاعدة القانونية المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته ". أما فيما يتعلق بالعقوبات التي من الممكن أن تصدر بحق الأشخاص الذين تم إيقافهم فيرى فلاته أنه يتعذر تحديدها أو الحديث عنها في الوقت الراهن لحين انتهاء التحقيقات الجارية ورفع دعوى الحق العام بتكيف التهم فربما توجه لهم تهم بالاختلاس أو خيانة الأمانة أو الرشوة أو غيرها، لكن القاعدة انه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص فعندما يعرض الفعل الذي ارتكبه المتهم يتم تكييفه بجريمة منصوص عليها نظاماً، وبناءً على ذلك تحدد العقوبة وهذا منوط بالجهة القضائية المختصة وما يرفعه المدعي العام عند تكييفه لدعوى الحق العام. الصورة غير واضحة وتحدث المحامي تركي عبد العزيز الكريدا عن سير التحقيقات المتبعة في حالة وجود أو عدم وجود إثباتات على إدانته الموقوفين قائلاً : " حتى الآن الصورة غير واضحة، نظراً لأن التحقيقات لا تزال في مرحلة السرية، بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة، ومن المؤكد أن اللجنة بمجرد الانتهاء من التحقيقات سترفع تقريرها لخادم الحرمين الشريفين، لاتخاذ اللازم بشأن من تثبت مسؤوليته عن تلك الكارثة، ولا يفوتنا التأكيد على أن اللجنة دورها يقتصر على التحقيق وتقصي الحقائق، وهي ليست لجنة قضائية، بمعنى أنها لن تحاكم المقصرين، ولكنها تبحث عنهم، لتقدمهم لجهات العدالة، لمحاكمتهم وفقاً للأنظمة، ومن ذلك نظام تأديب الموظفين، ونظام ديوان المراقبة العامة، ونظام البلديات والقرى، وغيرها من الأنظمة التي أشار إليها الأمر الملكي الصادر بتشكيل لجنة تقصي الحقائق، وتجدر الإشارة هنا إلى أنه ليس بلازم أن تكون المسؤولية جنائية فحسب، فمن المتصور أن يكتفي بإحالة البعض إلى المحاكمة التأديبية، دون الجنائية، بحسب ما تسفر عنه التحقيقات. محاربة الفساد الإداري وعن العقوبات الجنائية التي ستصدر بالموقوفين في حالة إدانتهم يقول الكريدا : " مما لا شك فيه أن من تسفر التحقيقات عن مسؤوليته جنائياً، فإنه سيحال إلى الجهة القضائية المختصة، والتي ستختلف بحسب الجريمة المسندة، فثمة جرائم تتعلق بالوظيفة العامة، مثل الرشوة، وهذا النوع من الجرائم يختص بنظره الدوائر الجزائية بديوان المظالم، ومن المتوقع أيضاً أن تكشف التحقيقات عن مخالفات إدارية جسيمة بإسناد أعمال لشركات خاصة بالمخالفة لنظام تصنيف المقاولين، أو نظام المنافسات والمشتريات الحكومية، وفي الجملة فإن جرائم الفساد الإداري منتشرة في أكثر من نظام، ولا تشملها مدونة عقابية واحدة، وهي ترتب عقوبات جنائية تصل في بعض الأحيان إلى السجن عشرين سنة، بالإضافة إلى عقوبات الغرامات". أما عن وضع القضاء بالنسبة للجناة في حالة وجود أدلة فيقول: “القضاء يلعب دوراً بارزاً في محاربة الفساد الإداري، وذلك بتصديه للعابثين بالمال العام، والمفرطين في الأمانات، حيث أنه سيطبق الشرع والنظام بكل حزم تجاه المتورطين الذين تثبت إدانتهم لينال كل مقصر جزاءه ويتحقق الردع العام تأكيداً لمنطوق الأمر الملكي الكريم بشأن محاسبة كل مقصر أو متهاون”.