أكدت هيئة تأديب موظفي الدولة المخالفين، ضرورة التقيد بإجراءات عملية صارمة من قبل المحققين مع الموقوفين في قضايا إدارية تتعلق بمخالفات صريحة تجاه النظام الإداري الحكومي، وشددت الهيئة على حيادية التحقيق ومنع استخدام وسائل الإكراه والترغيب في التحقيق. وقالت إن «التحقيق قد يستلزم تفتيش المتهم نفسه، أو مقر عمله، أو منزله، وهذه إجراءات خطيرة ينبغي ألا يلجأ إليها المحقق، إلا إذا وجدت دلائل وقرائن قوية ولها فائدة في كشف الحقيقة، أو كانت هناك ضرورة تقتضيها، وقبل ذلك هناك سلطة أقل خطورة وهي الاطلاع على الأوراق والمستندات لدى الجهات الحكومية التي تفيد في مواجهة المتهم أثناء التحقيق». وبينت أن من أولى الخطوات الإجرائية الواجب اتباعها في التحقيق مع الموظف المخالف الاستدعاء، للتحقيق معه في التهم المنسوبة له حسب المادة العاشرة من نظام تأديب الموظفين والتي نصت على «يجري التحقيق بحضور الشخص الذي يجري التحقيق معه ما لم تقتض المصلحة العامة إجراء التحقيق في غيبته». وللمحقق استدعاء الشهود أو أي شخص لديه أقوال في القضية، وقد يكون الاستدعاء بطلب من الموظف المتهم، وقد نصت المادة 13 من نظام تأديب الموظفين على أنه «لا يجوز للمحقق إبداء الرأي قبل استجواب الموظف، سماع الشهود، استكمال جميع عناصر القضية وإقفال المحضر». وألمحت إلى بأن للمحقق الاستعانة بأهل الاختصاصات الفنية لاستيفاء التحقيق، وجاء ذلك في نص المادة 18 من نظام تأديب الموظفين «أن يطلب من مرجعه الاستئناس برأي الجهات الفنية المختصة». ويحق للمحقق الاطلاع على الأوراق والمستندات لدى الجهات الحكومية، وذلك لتوفير أكبر قدر من الأدلة لأن المعلومات المحالة إليه قد لا تكون كافية، وإذا امتنع المسؤول عن إعطاء المحقق ما يحتاجه من معلومات فإنه يحق له أن يعرض الأمر على الوزير أو الرئيس المختص. أما التفتيش فإنه إجراء من إجراءات التحقيق التأديبي، ينفذه موظف مختص وفقا للإجراءات المقررة قانونا، بهدف ضبط أدلة المخالفة موضوع التحقيق، وكل ما يفيد في كشف الحقيقة من أجل إثبات ارتكاب المخالفة أو نسبتها إلى المتهم، ويتركز التفتيش على شخص ومنزل المتهم، وأماكن العمل وغيرها مما يستعمله الموظف الذي يجري معه التحقيق، وهذا النوع من التفتيش يختلف عن التفتيش الإداري الذي يختص بالإشراف على الإدارة، أعمال العاملين بها والاطلاع على الأوراق المتعلقة بالعمل ضمانا لحسن سير العمل، بما يحقق المصلحة العامة، والتفتيش كإجراء من إجراءات التحقيق التأديبي يكون على أماكن عمل الموظف وغير أماكن العمل، ومن صور ذلك تفتيش أماكن العمل: وهي الأماكن التي يزاول فيها المتهم وظيفته مثل مكتبه الخاص، ويجوز للمحقق تفتيشها بعد الاستئذان من جهة العمل، ولا بد من توافر شروط هي حضور الرئيس المباشر للموظف، تحرير محضر بالتفتيش ونتيجته بحضور المتهم أو غيابه وذكر الحاضرين. وجاء في نظام تأديب الموظفين، «على الجهات الحكومية تمكين المحقق من الاطلاع على ما يرى لزوم الاطلاع عليه من الأوراق والمستندات وغيرها، وتفتيش أماكن العمل إذا تطلب التحقيق ذلك، بحضور الرئيس المباشر للموظف، ويجب تحرير محضر بحصول التفتيش ونتيجته، وإذا امتنعت الجهة الحكومية عن تمكين المحقق من الاطلاع أو التفتيش يرفع رئيس الهيئة الأمر إلى رئيس مجلس الوزراء للأمر بما يراه». أما تفتيش غير أماكن العمل، فيكون ذلك برفع تقرير من المحقق إلى مرجعه، يطلب فيه الإذن بالتفتيش، مبينا أهمية ودواعي ذلك، وعندما يتقرر التفتيش ينبغي مراعاة النظام العام في ذلك، فلا بد من توافر شروط هي صدور الإذن من السلطة المختصة قانونا، أن يكون أمر التفتيش صريحا ومكتوبا ومؤرخا، حضور الموظف المتهم المأذون بتفتيشه أو من ينوب عنه. وبينت الهيئة أن كل رفض للتفتيش ينطوي على قرينة خطيرة بالاتهام، بيد أن المحقق لا يستطيع أن يؤسس اعتقاده على مجرد هذه القرينة. ومن الإجراءات حياد التحقيق في الفحص والبحث الموضوعي المحايد والنزيه لاستجلاء الحقيقة بهدف التأكد من صحة وقائع محددة ونسبتها إلى أشخاص محددين لوجه الحق والإنصاف والعدالة، لا يتأتى إلا إذا تجرد المحقق من رأيه وميوله الشخصية تجاه من يحقق معهم، ومن الإجراءات عدم استخدام وسائل الإكراه أو الترغيب، بحيث «لا يجوز للمحقق استعمال وسائل الإكراه أو الضغط أو التهديد في تحقيقه، وعليه أن يقتصر على التحقيق في الأمور المباشرة المتصلة بالتهمة والكاشفة عن حقيقتها، وهذا من مقتضيات الحيدة أيضا، مشيرة إلى أن وسائل الإكراه ترغيبية أو ترهيبية من شأنها أن تدفع الموظف إلى قول ما لا يريد قوله، فلا ينبغي أن يتدخل المحقق بأية صورة من صور التدخل ليؤدي بالإخلال بتلقائية المتهم في الإجابة مما يؤدي به إلى الاعتراف بمخالفات لم تحدث فعلا أو إنكار مخالفات قد وقعت منه