سوق الإعلان في المملكة والمنطقة بشكل عام، سوق لها أهميتها الكبرى في العمل الإعلامي وموسم المشاهدة الرمضانية الذي تتحرك فيه سوق المشاهدة التلفزيونية والفضائيات ويعمل قبل ذلك بنحو ستة أشهر القائمون على الإنتاج التلفزيوني بإنشاء ورش عمل مشتركة وخاصة لمحاولة الحصول على أكبر نسبة ممكنة من كعكة الإعلان في شهر التسوق الفعلي في المملكة والمنطقة «رمضان» الذي ينتظره كل بطريقته الخاصة.. المستهلك والتاجر والوسطاء «رجال السوق الإعلانية» الذين يعدون المسيرين الفعليين لحركة السوق وتحرك الأموال، وللظروف التي اعترت الحركة الإنتاجية الفنية في رمضان والتي تبنى عليها الحركة التجارية الإعلانية التقينا بالخبير في هذا المنحى الدكتور عبدالله بانخر الذي سألناه بداية عن قدر حركة الاستثمار الإعلامي في المنطقة فقال: قدر حجم الاستثمار في وسائل الإعلام التقليدية في المنطقة العربية بشكل عام كان في العام الماضي 2010م من تقرير لإحدى كبريات الشركات العالمية في مجال الاستشارات بما قيمته 200 بليون دولار أمريكي وبعوائد إجمالية إعلانية سنوية لا يرقى إلى 10% من قيمة هذه الاستثمارات، تحصل الوسائل على 33% منه كصافي دخل في معظم الأحوال أي ما يقارب 7 بلايين دولار أمريكي. • ماهو حجم استثمار الوسائل مرئية كانت أومسموعة لاسيما بعد دخول إذاعات ال fm الديجيتال بقوة في سوق المنطقة وحصول تصاريح بث بما يقارب الثمانين مليونا، وهل أثر توافر الفضائيات المفتوحة على المشفرة ؟ يشكل الاستثمار في الوسائل المسموعة المرئية وخصوصا الفضائيات العربية ما قيمته 95% من إجمالي الاستثمار في وسائل الإعلام بصفة عامة والتي تجاوز عددها 700 قناة غير مشفرة وهذا وضع استثنائي بكل المقاييس فلا يوجد مشاهد في العالم يحصل على هذا الكم الهائل من القنوات المتاحة ومعدل مشاهدة يوميا لا يتجاوز 4 ساعات. فعلى سبيل المثال لا الحصر لا يحصل على 10% من هذه القنوات المتاحة مجانا وبمعدلات مشاهدة قد تصل إلى 6 ساعات يوميا وفي ذلك تفتيت لمعدلات المشاهدة الجماهيرية على ساعات معدودة ومحدودة. • هل من عدل ملحوظ في توزيع كعكة الإعلان بين فضائيات المنطقة ؟ تحصل 10% من القنوات الفضائية العربية على نسبة 90% من معدلات المشاهدة وبالتالي 90% من معدلات الدخل الإعلاني وتتهافت 90% من القنوات الفضائية على 10% من معدلات المشاهدة وبالتالي الدخل الإعلاني أيضا وهذا أمر مثير للتعجب لقدرة هذه القنوات ليس فقط على الاستمرار بل لمجرد التواجد أو البقاء في الفضاء. • دعني أسألك هل كل تلك الحسابات للفضائيات في تجارة الإعلان معلنة بالفعل أم منها ما يتم إخفاؤه ؟ وفي رأيك كخبير في هذا الاتجاه هل من ربط بين مكانة هذه القنوات الإعلانية ومن خلال نسبة المشاهدة وبين ماتضمه من محتوى ؟ يفترض أن تتراوح ميزانيات الإنتاج البرامجي (المحتوى) لهذه الفضائيات من 30 إلى 40 % من إجمالي الميزانيات التشغيلية السنوية لهذه الوسائل والمقدرة في حدود 20 بليون دولار عام 2010م، إلا أن العالمين بالأمور وحتى على المطلعين على الميزانية غير المدققة وغير المعلنة بالطبع يعلمون جيدا أن القلة والقلة فقط وربما نتحدث هنا عن أقل من 10% من تلك القنوات هي التي تلتزم بهذا الإنفاق على المحتوي وربما فقط في رمضان أكثر شهور العام رواجا للمشاهدة وللإعلان، حيث تزيد المشاهدة والإعلان بنسب تصل إلى 30% عن معدلاتها في الشهور الأخرى. • ما تحققه الفضائيات في رمضان من أرباح إعلانية، هل ترى أن فيه التعويض لأحد عشر شهرا أخرى في العام ؟ أحجام الحركة الإنتاجية للتلفزيونات والفضائيات يمكن أن تتحقق فقط لموسم رمضان في كل عام فقط وتستمر هذه المنتجات في التداول للمشاهدة طوال العام على بقية القنوات، والحديث هنا عن ميزانيات إنتاجية لا ترقى إلى بليون دولار ( فعلى سبيل المثال لا الحصر يحاكم الآن وزير الإعلام المصري السابق ورئيس قطاع التلفزيون على إهدار قرابة 300 مليون دولار لإنتاج مسلسلات حققت دخلا إعلانيا في رمضان المنصرم 90 مليون دولار على اعتبار ذلك هدرا للأموال العامة). • هل ترى أن هذه الفضائيات تقوم بدراسات جدوى فعلية قبل وضع ميزانيات أعمالها الكبيرة الجالبة للمعلن ؟ قد يكون التشبيه مع الفارق ولكن ربما من ذكر أن أغلب الإنتاج البرامجي التلفزيوني الذي يتجاوز ملايين الدولارات يبنى على مقومات اقتصادية رصينة وضوابط تسويقية سليمة فعندما بلغ إنتاج الحلقة التلفزيونية الواحدة في المسلسل الشهير غرفة الطوارئ مليون ونصف دولار للحلقة كانت تحقق مشاهدة وإعلانا أضعاف هذا المبلغ للعرض الأول، ولعله من الفارق هنا أن النسخة العربية إنتاجا بعنوان لحظات حرجة وهي بالمناسبة منتجة على أعلى درجات الجدوى إلا أنها لم تحقق القدر نفسه من النجاح لإنتاج النسخة الأصلية، مع العلم أن أغلب البرامج التلفزيونية العالمية تضمن حدا أدنى للمشاهدة والإعلان لا يتحقق كثيرا في العالم العربي إلا في برامج المسابقات مثل من سيربح المليون عند إنتاجه في بيروت وليس في أوروبا كما حدث في أول مواسمه، وبالمناسبة أيضا فإن آخر أفلام جيمس بوند الذي تجاوزت ميزانيته الإنتاجية 75 مليون دولار أمريكي تم تغطيتها بالكامل قبل العرض الأول للفيلم الذي تجاوزت قيمة مبيعات بطاقات المشاهدة للفيلم 100 مليون دولار. ويظل السؤال المطروح هنا: لماذا المشاريع الإبداعية في الخارج تقوم وفقا لمقومات اقتصادية رصينة وأساليب تسويقية سليمة. • ألا ترى أن التعامل الاقتصادي في المنشآت الإعلامية يختلف عما في سواه ؟ ولا بد هنا من الحديث عن الاقتصاد المعرفي أو الإبداعي ومدى ارتباط ذلك بآليات السوق المبنية على قواعد بيانات صحيحة ومدققة وهي وللأسف الشديد آفة الأثافي كافة في مشاريعنا الإبداعية بالإضافة إلى إهدار حقوق الملكية الفكرية قبل المقدرات المالية المتاحة على ضعفها، والتكرار للمواد المقدمة والاستعجال في تحقيق النجاح دون الأخذ بالمسببات والوسائل الكفيلة لتحقيقه، علاوة على جشع من يطلق عليهم أنهم نجوم أو أشباههم دون قياسات دقيقة لذلك الوهج المدعي. • تعرف بطبيعة الحال تفاصيل إنتاج الدراما العربية وأن البطل يستأثر بميزاية العمل الضخمة. فكيف يكون هناك عمل إبداعي ناجح يعتمد على نجم واحد يختص بنصف قيمة ميزانية هذا العمل ومع المؤلف والمخرج يتم استنزاف 75% من القيمة الإجمالية لإنتاج العمل ليتبقى 25% لبقية العناصر الإنتاجية الأخرى ويتوقع لهذا العمل النجاح. على افتراض أن النجم الأوحد يحقق النجاح الموعود فلماذا لا يقوم هو بالإنتاج من حر ماله أو على الأقل بالمشاركة في الربح والخسارة. وأغلب الأعمال المنتجة على تلك الشاكلة غالبا ما تكون بأموال غير ذوي العلاقة بالإبداع أو في الأغلب ضحايا سماسرة الإبداع أو من يتقوتون بظلال ذلك. والأمثلة هنا أيضا كثيرة لنجوم ونجمات يطلون بل يفرضون في أغلب الأحيان على المشاهد في رمضان بموضوعات ممجوجة ولا لها أي علاقة بقدسية وجلال الشهر الكريم. وبدون ذكر أسماء أو أمثلة محددة فمنهم من استطاع أن يختص لنفسه قرابة 10 ملايين دولار أمريكي في العمل الواحد ومنهم من استطاعت في ثلاثة أعوام متتالية رفع أجرها عن العمل الواحد والمكرر لأعمال قديمة من 100 ألف دولار أمريكي إلى مليون دولار في العام الذي يليه إلى 2 مليون دولار لهذا العام. • مرئياتكم على ما أصاب الإنتاج الفني العربي قبل رمضان من تعطيل في التصوير بسبب الثورات العربية. ولعل من النتائج الإيجابية إن وجدت لأغلب الثورات والقلاقل في بعض الدول العربية وخصوصا مراكز الإنتاج الفني في مصر وسوريا والبحرين هو الإجهاز على عدد من تلك المشاريع الفنية المبالغ في تكلفتها الإنتاجية أما بالتخفيض في العدد أو التكلفة أو بالإلغاء التام أو التأجيل انتظارا لظروف سياسية واقتصادية أخرى أكثر ملاءمة من الوضع الحالي لبلادهم. ولعله من الجدير بالذكر هنا أنه بخلاف الأوضاع السياسية غير المستقرة أو قوائم المحسوبين على الأنظمة البائدة فإن الإنفاق الإعلاني في مصر وحدها قد انخفض إلى النصف تقريبا منذ بداية العام في انخفض في البحرين إلى قرابة الربع تقريبا عن نفس الفترة. أما في سوريا التي أصلا محدودة الإنفاق في الإعلان إلا أن الإنتاج الفني التلفزيوني يتوقع انخفاضه إلى النصف تقريبا، ناهياك عن الأعمال المرحلة عن الأعوام السابقة في كل تلك المراكز الإنتاجية. في تقديري المتواضع وكما ذكرت سابقا فإن حجم الاستثمار في برامج رمضان لهذا العام يتوقع أن تصل إلى 1 بليون دولار مقسمة بنسبة 80% تقريبا على المسلسلات و 20% على البرامج التلفزيونية الأخرى. كما يقسم هذا الإنتاج على المراكز الرئيسة كالتالي: مصر في حدود 300 مليون دولار أمريكي ودول الخليج 400 مليون دولار وسوريا 200 مليون دولار وباقي المراكز في حدود 100 مليون دولار وفي تقدير بعض الخبراء أن هذه الأرقام قد تمثل ميزانية 6 أشهر كاملة. • هل من مدهش يقف أمامكم كباحث ومتخصص في سوق الإعلان في الفضائيات ؟ من الطرائف أن الفارق بين تكلفة العرض الأول الحصري (غير المطبق عمليا في أغلب الأحوال لكونه حصريا محليا وخليجيا وفضائيا وأرضيا ومشفرا وغير مشفر) يمثل من 40 50 % من قيمة الإنتاج في حين العرض الثاني لا يرقى إلى 10% من قيمة الإنتاج، قيمة العمل قد تسدد بعد 5 إلى 6 عروض منهم عرض حصري وإن لم يتوفر يحتاج العمل إلى 10 عروض عادية على الأقل.. • من تعتقد من رجال الإعلام الذين نستطيع بحث قضايا الإعلان في الإعلام المحلي معهم ؟ هم كثيرون، ويمكن الاستئناس بآراء مجموعة من الخبراء السعوديين الذين يقدمون أنفسهم كنماذج في هذا الطرح مثل أسعد أبو الجدايل الرئيس التنفيذي لشركة كريتيف إيديج وتركي شبانة رئيس قناة خليجية، ومحمد كابلي مدير شركة (أيه. آر. تي)، ثم وسام قطان مدير التسويق لقناة (إم. بي. سي. 1).