نكهة خاصة وطابع مميز لشهر رمضان في صبيا في منطقة جازان، حيث تزداد في الأمسيات حركة البيع والشراء ويشتد الإقبال على الأواني الفخارية التي لا تظهر إلا في هذا الشهر، لارتباطها بقدومه ارتباطا وثيقا، وإقبالهم على الملابس الشعبية التي ما زال يستخدمها كثير من المواطنين خصوصا كبار السن من النساء والرجال. يتذكر العم قاسم الحاج (80 عاما) أحد الذين عاصروا ذلك الزمن الجميل، «كنا نحرص قبل قدوم الشهر الفضيل على طلاء منازلنا بالدهانات والنورة والجبس الأبيض، فيما تطلي النساء الكراسي الشعبية «القعايد» بالبوية الحمراء والسوداء لإضفاء المزيد من البهجة على المنزل، كما يشترين الفل والبعيثران لتفوح رائحته العبقة في أرجاء المنزل». وأضاف: كنا نعرف بقدوم الشهر عن طريق شخص عبارة عن حامل بريد يتكفل بنشر الخبر يسمى «النجاب»، فيسارع أهالي صبيا فور سماعهم لخبر قدومه، إلى زيارة أقاربهم وتهنئتهم به، مشيرا أن محافظة صبيا تتميز بالعديد من الأواني الفخارية المصنوعة من الطين، والتي راجت صناعتها قديما ومازالت تجد رغم المنافسة الشديدة إقبالا من الصائمين كالرجبية أو (الشاطرة)، كما يطلق عليها البعض باللهجة الدارجة وهي أداة تستخدم لحفظ المياه وتبريدها وتحل مقام الثلاجة في الوقت الحاضر. أما (الجبنة) فتستخدم لحفظ القهوة وتشبه الدلة المعروفة، ولكنها تتميز بحفظ حرارة القهوة لمدة طويلة، وتضفي عليها نكهة، وما تزال كثير من الأسر تحتفظ بها وتستخدمها كبديل للدلة المصنوعة من النحاس أو المعدن، فيما تستخدم (الجفرة) المصنوعة من الطين الأسود لطهي اللحم، وتوضع في التنور الفخاري «الميفا» باللغة الشعبية الذي يقوم مقام الفرن الحالي الحديث، إلا أنه يتميز عنه بأنه يضفي على اللحم والخبز نكهة مميزة لا تتوفر في الأفران الحالية. ومن الأواني الفخارية التي تتميز بها محافظة صبيا «الحيسية» وهي إناء أسطواني الشكل مصنوع من الفخار ويستخدم لصنع وجبة الثريد الشعبية التي تتكون من الدخن أو الذرة مع اللبن البقري والسمن البلدي، وهي وجبة يستحسن تناولها ساخنة. أما «البرمة» فهي إناء حجري يستخدم لطهي السمك أو اللحم مع المرق، ويوضع في التنور لهذا الغرض حتى ينضج ثم يتناوله رب الأسرة ساخنا ويسمى مرق السمك المطهي «مرق الهوا». أما «المركب» فهو أداة من الطين الفخاري تستخدم لتحميص البن، وما زالت كثير من الأسر تستخدم «المركب» لهذا الغرض، حيث يعطي البن رائحة نفاذة مميزة ولاتستغني عنه ربات البيوت في الوقت الحاضر. وهناك «المجمر» المصنوع من الفخار والذي يسمى «المبخرة» أيضا، وهو أداة تستخدم لبخور العود والمعسل، وتقتنيه معظم ربات البيوت في المنطقة لاستخدامه في تطييب المنازل وتبخيرها بالعود وسائر أنواع البخور التي تضفي على المنازل رائحة أخاذة، فيما يتحمل المجمر حرارة الجمر ولا يتأثر بها مهما بلغت درجة ارتفاعها إذ أنه مقاوم للنار وللجمر وعادة ما تحتفظ به ربة البيت سنوات طويلة دون أن يتأثر بأي من عوامل البيئة بعكس الأنواع الحديثة المصنوعة من المعادن أو الخشب والنحاس.