تأتي نهارات رمضان كاختبار حقيقي على صبر باعة سوق الأنعام في حي العزيزية جنوبيالرياض، فإما أن يمارسوا البيع وسط أشعة الصيف اللاهبة أو تأجيله لنسمات الليل، حيث تبدأ درجات الحرارة في الانخفاض تدريجيا. وإذا كان الناس عادة ما يفرحون بهطول المطر، إلا أن سكان أحياء جنوبيالرياض يخشون المطر لما يبعثه من روائح كريهة في سوق الأنعام الواقع في حي العزيزية. «عكاظ» جالت في سوق الأنعام، ولاحظت سيطرة العمالة الوافدة على حركة البيع والشراء في السوق، الذي أصبح مصدرا للتلوث، وتضرر أكثر من 200 ألف من سكان تلك الأحياء، ولم يقتصر الضرر على من هم بجوار السوق، بل امتد ليشمل مستأجري الأحواش داخل السوق، والذين اشتكوا من غلاء إيجاراتها مقارنة بما كانت عليه قبل عدة أعوام. عبد الستار محمد، أحد العاملين في الأحواش يقول إن الشركة المشغلة للسوق رفعت الإيجار بنسبة 100 في المائة، فبينما كان إيجار الحوش 1200 ريال، أصبح إيجاره الآن 3500 ريال في المتوسط ولا تختلف الأسعار من حوش إلى آخر. انبعاث الروائح ومن جهته، أشار عبد الجبار علي العامري (أحد سكان حي العزيزية) أن هذه الروائح الكريهة تشتد تبعا لقانون العرض والطلب بداية شهر رمضان. وقال خالد الدوسري إن السوق تنفث روائحها الكريهة للآلاف من سكان الأحياء المجاورة، وللباعة والمشترين في الأسواق القريبة في كل من حلقة الخضار والفواكه وسوق الطيور الشهيرة ب «سوق الحمام»، وعدد من الطرق الرئيسة القريبة من السوق، مطالبا بنقل السوق من موقعها الحالي إلى موقع بعيد عن الأحياء السكنية. ويتفق محمد السلمي، (أحد سكان الدارالبيضاء وهو أحد الأحياء المتضررة من السوق)، مع الرأي السابق من أنه لا يمكن الحد من الروائح الكريهة المنبعثة من السوق، إلا بنقلها من موقعها الحالي الذي يكتظ بسكان الأحياء المجاورة. تضرر العقار وبسبب الروائح الكريهة المنبعثة من أحواش المواشي، لحق الضرر أصحاب العقار في المخططات الحديثة جنوب سوق الأنعام في العزيزية، حيث أشار أبو عبد الله (مالك مكتب عقار في العزيزية) أن كثيرا ممن يبحثون عن شقق للإيجار أو فلل للبيع، يسألون أولا عن موقعها، وكلما اقترب العقار من سوق الأغنام، قل الطلب حتى أن أصحاب هذه العقارات يضطرون إلى تخفيض أسعار عقاراتهم، حتى يجدوا من يقبل بها، لافتا إلى أن كثيرا من الزبائن يرفض السكن قريبا من السوق. وفي سياق ذلك يروي البشير خالد (مقيم)، سكنت إحدى الشقق القريبة من السوق نظرا لاعتدال إيجارها، إلا أنني لم أستطع الإقامة فيها أكثر من ستة أشهر هي الفترة التي دفعت فيها المبلغ كمقدم، ونظرا لأنني أعاني من أمراض الصدر تضررت بشكل كبير من روائح الأغنام والإبل الموجودة في السوق، الأمر الذي اضطرني للسكن في شقة أغلى منها بعيدا عنه. سيطرة الوافدة ويلحظ كل من يدخل السوق السيطرة شبه المطلقة للعمالة الوافدة على حركة البيع والشراء، حيث يشير سعد العتيبي (أحد زوار السوق) أن بعض العمالة المتواجدة في السوق، خصوصا من شرق آسيا لا تعرف شيئا عن الأغنام وإنما تردد فقط ما يطلبه أصحاب هذه المواشي، بل إن بعضهم يجزم أن هذه الماشية أو تلك أجود أنواع الأغنام وهي على العكس من ذلك، إضافة إلى تلاعبهم بالأسعار وعدم أمانة بعضهم في البيع. أما محمد القحطاني (أحد الباعة في السوق)، فيؤكد أن العمالة الوافدة دائما ما تمارس الإقصاء ضد أبناء البلد، وذلك من حيث التحايل على العميل بجودة المعروض لديهم من أغنام. تحت اللهيب كذلك يلحظ من يزور السوق أطفالا يبيعون تحت أشعة الشمس الحارقة دون رحمة لهذه الطفولة ودون إدراك خطورة إقدامهم على هذه الخطوة، خاصة في رمضان الذي يأتي فيه الصبية إلى السوق وهم صائمون. «عكاظ» طرحت شكاوى المواطنين على نائب رئيس المجلس البلدي في الرياض المهندس طارق القصيبي، فأكد أن سوق الأنعام في العزيزية تعد إحدى الأسواق الرئيسة للمواشي في الرياض المعتمدة رسميا، ولم يرد إلى أمانة المجلس البلدي في الرياض أي شكاوى ضدها.