رغم الاستياء والتذمر الذي شاع بين المستهلكين من جراء قيام بعض شركات إنتاج الألبان بالتلاعب في أوزان عبواتها من الحجم الصغير وتقليص العبوة من 200 إلى 180 ملليجرام، لم تحرك وزارة التجارة ساكنا تجاه هذا التلاعب الذي يرقى إلى مستويات الغش التجاري، لا بل غضت، حتى إعداد هذا التقرير، الطرف عنها وأخذت موقف المتفرج وكأن أمر المستهلك ليس من اختصاصها، وهذا الموقف أذهل المتسوقين الذين عبروا ل «عكاظ» عن حالة الإحباط التي أصابتهم جراء هذا الصمت الغريب، حيث أكد ردة الحربي، موظف حكومي متقاعد، أنه كان يأمل في أن تتخذ الوزارة، موقفاً حازماً في وجه كل من يتلاعب بقرارات وزارة تمثل الدولة، متسائلا لماذا لم يصدر عنها حتى الآن أي قرار حول هذا الأمر ولماذا لم تتحرك حيال ما حدث. وعبر عن خوفه من أن يكون هذا الصمت بمثابة دعوة صريحة لكل من تسول له نفسه التلاعب بالأسعار وفتح المجال أمامهم لاستنزاف جيوب المستهلكين. سحب العبوات وشاطره الخوف مختار البيتي، طبيب أطفال في مستوصف خاص، حيث قال إنه لم يكن يتوقع هذا التجاهل من قبل الوزارة أو من قبل حماية المستهلك، وأضاف كنت أنتظر أن أقرأ في الصحف أن وزارة التجارة عاقبت الشركات وأجبرتها على سحب تلك العبوات من الأسواق ولكن للأسف هذا لم يحدث إطلاقاً. وتساءل عما سيحدث مستقبلا خصوصا أن رمضان أصبح على الأبواب والناس بدأوا الاستعداد لمواجهة موسم ساخن للتسوق انتظارا للشهر الكريم. ومن جهة أخرى أبدى مروان الزهراني، طالب جامعي، قلقه من أن تلجأ هذه الشركات إلى تقليص مكونات المنتج أو استبدال نوعية العبوات والتي قد لا تتلاءم مكوناتها من نفس المنتج وتكون ضارة للاستخدام الآدمي وذلك بغية تقليص نسبة تكاليف الإنتاج على حساب صحة الإنسان وعافيته. وأهاب بالجهات المعنية أن تتدارك هذا الوضع قبل استفحاله وقال الجشع داء وقد يلجأ صاحبه إلى أي وسيلة حتى لو كانت غير سليمة، فقط لإدراك الغاية وهي كسب المال بأي طريقة كانت. إلى ذلك ورغم مرور أسبوع على قرار وزير التجارة والصناعة، الزام الشركات المنتجة للألبان بإعادة الأسعار السابقة إلى منتجات الحليب والألبان، لم يقتنع المستهلك بالعودة إلى شراء منتجات الشركات التي رفعت أسعارها في خطوة منه لمعاقبتها، حيث بدا واضحا تراجع الاقبال عليها. وأفاد أحد الباعة في أحد الأسواق التموينية الكبيرة في بريدة انه منذ أن رفعت تلك الشركات الأسعار في اليومين الماضيين أحجم جميع المستهلكين عن شراء منتجاتها واتجهوا إلى منتجات شركات أخرى، مشيرا إلى تراجع الإقبال عليها بنسبة 78 في المائة من المستهلكين لدينا. وذكر مستهلكون التقت بهم «عكاظ» أنهم سيستمرون في الابتعاد عمن تلاعب بالأسعار حتى وإن عاد السعر الأول، لإظهار الغضب على أي شركة تجد أن المواطن لا يستحق المراعاة. وطالب مواطن بأن تستمر الرقابة والتفاعل السريع من وزارة التجارة، وأضاف كان لموقف المواطن والإعلام دور أكبر من دور التجارة في عودة السعر حتى وإن صدر القرار من التجارة. كشفت شركة ألبان شهيرة عن تلقي وزارة التجارة والصناعة تأكيدات من شركات ألبان عدة في المملكة بخفض حجم إحدى عبواتها مع الإبقاء على نفس السعر، وأن مسألة تغيير حجم العبوة ذات الوزن 200 مليجرام إلى 180 مليجرام هي خطوة مرتب لها من السابق. إلا أن مصدرا مسؤولا في الوزارة نفى أن يكون هناك أي اتصال بين الوزارة والشركات في هذا الجانب، كاشفا في الوقت ذاته عن خطاب رفعه وكيل وزارة التجارة لشؤون المستهلك عبدالرحمن العبدالرزاق جاء فيه النص: أود الإفادة بأنه لوحظ قيام عدد من المصنعين والتجار والمستوردين بخفض أوزان وأحجام عبوات عدد من السلع الاستهلاكية مع الإبقاء على أسعار هذه السلع كما هي قبل خفض الوزن أو حجم العبوة دون تغيير ولا شك أن في ذلك إضرارا بالمستهلك. واشترط وكيل الوزارة في خطابه ضرورة التنسيق مع وكالة الوزارة لشؤون المستهلك مسبقا قبل تخفيض وزن أو تخفيف حجم العبوة لأي سلعة وأخذ موافقة من الوزارة تسمح بالشروع في هذا الأمر.