تتصاعد زفة من الغبار المليء برائحة الجلد المحروق في مشهد لوسم قطيع من الإبل تعود ملكيته لأحد المواطنين في أحد الأودية خارج النطاق العمراني في محافظة تربة. بين رغاء الإبل الموسومة تجد رجالا مفتولي العضلات يؤدون طقوس الوسم ويعد سيناريو الوسم شاهدا على هذا الطقس الذي كان يمارسه القدماء منذ العهد الجاهلي كدلالة لملكية الحيوانات والآبار وحدود المرعى، حيث إن لكل قطعان قبيلة وسما معينا لا تتجاوزه واستمرت هذه العادة حتى الوقت الحاضر. وفي الوقت الراهن فإن الوسم الذي يمارسه أصحاب قطعان المواشي يعد بمثابة صك ملكية عند أفراد القبائل وهو يحل محل الصك والتوقيع في هذا الزمان ولكن بطريقة أخرى مكتسبة بالعرف والتقاليد. والوسم يتمثل في مجموعة من الرموز والدلالات التي ترسم على أجساد الحيوانات بواسطة الكي والشرق أو الجرف أو الطلاء أو المغر. وفي الماضي كانت أصول الوسم تخضع لمجموعة من الاعتبارات المتعارف عليها بين البدو الذين يحرصون على العمل ببعض الأحاديث النبوية التي تنص على وسم الغنم في آذانها والإبل والبقر في أفخاذها ورقابها؛ لأنها ذات عضلات قوية. يشار إلى أن البدو تفننوا في تسمية أنماط الوسم فمنها المفتاح، الهلال، المغزل، والقلادة، ومنها ما يحمل أسماء المواضع التي توسم عليها في جسم الحيوان. وتجرى عملية وسم الإبل لدى قبائل البدو حينما تبلغ سنا معينا وهو سن المفرود أي الشهر السادس حتى 12 شهرا وتتم عملية الوسم وسط احتفالية يجتمع فيها أفراد القبيلة في يوم محدد.