تترقب الأوساط القضائية في المملكة خطوات جديدة ومهمة نحو توحيد جهات التقاضي، حيث كشفت ل «عكاظ» مصادر مطلعة أن وزارات عدة بالتنسيق مع هيئة الخبراء ووزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء ومجلس الشورى تدرس إلغاء نحو 92 لجنة قضائية تعمل حاليا تحت مظلات وزارات وتصدر أحكاما قضائية نافذة. وبوجب التعديلات المقترحة، فإن أعمال تلك اللجان ستنقل إلى المحاكم المتخصصة بهدف توحيد القضاء والحد من التداخلات، وذلك في إطار مراجعة شاملة لتوحيد جهات التقاضي. وتوقعت المصادر الإبقاء على عدد محدود من تلك اللجان القضائية أبرزها لجنة النظر في المخالفات الصحفية واللجان الجمركية واللجنة المصرفية ولجان الأوراق المالية. وقالت المصادر إن لجنة مختصة في هيئة الخبراء تدرس عددا من الاقتراحات بشأن هذه اللجان، وأوضحت المصادر أن مختصين في القضاء يرون أهمية رفع عمل هذه اللجان من نظام التنفيذ القضائي، معتبرين أن هذه اللجان ليست من القضاء على اعتبار أن الذين يعملون فيها ليسوا قضاة، إضافة إلى أن النظام القضائي الجديد جاء بتوحيد القضاء. وأبلغت ذات المصادر أن أعضاء في اللجنة القضائية في مجلس الشورى عارضوا استمرار اللجان القضائية وتقدموا بطلب حذف ما ينص على بقاء تلك اللجان، مؤكدين أن اقتران اللجان بالمحاكم المختصة أعطتها صفة القضائية وسميت (اللجان ذات الاختصاص القضائي)، مؤكدين عدم جواز وصف هذه اللجان بالاختصاص القضائي، ومطالبين تحويل أعمالها إلى المحاكم المختصة. وزادت المصادر أنه مما يؤخذ على بعض هذه اللجان أنها تضم في عضويتها بعض أو أحد منسوبي الجهة الإدارية المخولة بضبط المخالفات، فيكون العضو بذلك فاقدا لشرطي الاستقلال والحيدة اللذين ينبغي توافرهما في القاضي أو في أي شخص يتولى عملا قضائيا، كونه يجمع بين صفتين متعارضتين، إحداهما كونه من منسوبي جهة الإدارة المكلفة بضبط المخالفة، والأخرى هي أنه يفصل في نزاع قائم بين الجهة التي يتبعها وظيفيا وبين من تم ضبطه في مخالفة بمعرفة ذات الجهة. وعلق الشيخ الدكتور عيسى الغيث القاضي بوزارة العدل بقوله: موضوع ضم اللجان القضائية تحت مظلة السلطة القضائية مطلب إيجابي ومهم، ولكن هناك أولويات لا بد من مراعاتها، فمن غير المعقول أن نشغل أنفسنا بضم هذه اللجان ونحن لم ننشئ محاكمنا المتخصصة ولم نضم المحاكم المنصوص عليها في الآلية التنفيذية لنظام القضاء ونظام ديوان المظالم وذلك بضم المحاكم التجارية من ديوان المظالم إلى وزارة العدل، وكذلك ضم الدوائر الجزائية من ديوان المظالم إلى المحاكم الجزائية بوزارة العدل، إضافة إلى ضم اللجان العمالية من وزارة العمل إلى المحاكم العمالية بوزارة العدل، إضافة إلى تحويل المحاكم الجزئية بوزارة العدل إلى محاكم جزائية، وتحويل المحاكم الجزئية للضمان والأنكحة بوزارة العدل إلى محاكم أحوال شخصية ونقل قضايا الأحوال الشخصية وإنهاءاتها من المحاكم العامة إليها، إضافة إلى نقل القضاء الجزائي من المحاكم العامة إلى المحاكم الجزائية، وتبقى المحاكم العامة للقضايا المدنية من عقارية ومالية وكذلك شروعها في القضايا المرورية، إضافة للقضاء التنفيذي وغيره مما هو من اختصاصها، وبهذا تكون محاكم وزارة العدل على خمسة أنواع متخصصة هي الجزائية والأحوال الشخصية والتجارية والعمالية والعامة، وينحصر اختصاص ديوان المظالم باختصاصه الأصيل وهو المحاكم الإدارية، وجميع هذه الأمور لن يمكن تطبيقها إلا بعد الانتهاء من تعديل نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية وسريان العمل بهما، وحينما تنتهي السلطة القضائية من هذه المرحلة المهمة إضافة لشروع محاكم الاستئناف بواجبها عبر استئناف المرافعات بمحاكمها ودوائرها المتخصصة، وحينئذ يأتي دور الحديث عن ضم اللجان التي بلغت قرابة المائة لجنة، ولذا فأرى تركيز النظر حاليا في هذه المرحلة المهمة والتي مضى عليها قرابة أربعة أعوام وهي لم تتم بسبب تأخر تعديل النظامين، وعليه فلا فاعلية حقيقية ولا جدوى من طرح هذا الموضوع في هذه المرحلة مع أهميته، إلا أن هناك ما هو أهم حسب ما ذكرته آنفا، وأسأل الله أن يعين المختصين بهذه المهمات على السرعة في هذه الإصلاحات وعدم التأخر فيها.