استمدت تربة إحدى المدن الصغيرة قديمة المنشأ (180 كيلو مترا في الجزء الشمالي الشرقي من مدينة حائل)، شهرتها من بركة زبيدة زوجة هارون الرشيد التي يعود تاريخها لأكثر من 1300 سنة، حيث شيدت زبيدة هذه البركة لسقيا الحجاج المسافرين من الكوفة قاصدين مكةالمكرمة في ذلك الوقت، فيما تشهد هذه البركة إقبالا كبيرا من الزوار والسياح، إضافة لعين كبيرة في المنطقة تسمى ب(سعة الله) يرجع تاريخها إلى مئات السنين، وتمتاز بوفرة وعذوبة مائها ويرتادها الكثير من البدو الرحل والمارة، ويوجد وسط هذه العين باب صغير، يشير إلى مدخل يؤكد بعض المهتمين بالآثار أن هذا المدخل عبارة عن باب لقصور وبيوت قديمة تحت الأرض، وقد حرصت هيئة السياحة على الاهتمام بها وحمايتها حتى تتم الاستفادة منها مستقبلا. نقشت مدينة تربة اسمها على خارطة المدن الصناعية، بعد أن أعلن عن إنشاء مصنع أسمنت إلى الشمال الشرقي منها بنحو 25 كيلومترا بتكلفة مليار ومائتين مليون ريال، في أرض يتوفر فيها الحجر الجيري الذي يعد من أنقى مواد الأسمنت، ما يوفر عددا من الوظائف لأهالي المدينة، كما اكتشفت شركة التنقيب الصينية (bgb) التابعة لشركة أرامكو مؤخرا بئر بترول في قرية جبلة التي تبعد 45 كيلو شمال تربة، وجار التنقيب من قبل الشركة عن آبار أخرى، ما سيسهم في انتعاش اقتصاد المدينة وازدهارها لتكون من المدن الصناعية المهمة في المملكة. 36 قرية وهجرة يبلغ عدد سكان تربة 14 ألف نسمة وتحدها النفود الكبرى من جميع الجهات لذلك أطلق عليها «عروس النفود» ويتبعها أكثر من 36 قرية وهجرة وتعتبر منذ القدم موردا للبدو الرحل الذي يتنقلون من مكان إلى آخر، حيث تحوي الكثير من الآبار منها بئر تربة المعروف بمائة الحلو الصالح للشرب التي كان يرتادها البدو الرحل آنذاك، ولكن هذه البئر انهارت على سبعة من البدو الرحل عندما أرادوا الشرب منها فماتوا بداخلها، وأهملت منذ ذاك الحين لضعف إمكانيات أهالي البلدة على حفرها مرة أخرى، فأندثرت وبقيت أطلالها، وتم حفر بئر تربة الفوار التي تعد ثاني بئر فوار في الشرق الأوسط من حيث العمق الذي يتجاوز 2400 متر والتي يعود عمرها لأكثر من 40 سنة، إضافة للآبار القديمة الأخرى التي تقع في ضواحي المدينة مثل بركة العرايش وتبعد 50 كيلو مترا شمال المدينة، وبركة الجال، وبركة وسيط، وقليب زرود شرق تربة 55 كيلو مترا، وآبار خضراء الأثرية والتي تبعد عن تربة 25 كيلو مترا، وتحوي أكثر من 30 موردا قديما منها ما اندثر ولم يبق إلا أطلاله، ومنها ما يزال موجودا يقصده المارة والبدو مع سقوط الأمطار فيرتوون منه. مدينة المستقبل وينتظر مدينة تربة مستقبلا مشرقا، فهي محفزة لاستقطاب العديد من المشاريع التنموية، ولكنها في الوقت ذاته تفتقد حاليا للكثير من الخدمات التي يجب توفرها كونها مدينة تلفت نظر الزائر بتطورها العمراني ونظافة أحيائها، وترتيب شوارعها ومجسماتها الجمالية على مداخل المدينة، فيما تبذل البلدية جهودا لتطوير المدينة، وتعمل جاهدة على تطوير السوق التجاري في المنطقة وبناء مجمع تجاري، وتطوير سوق الخميس التجاري، كما تم نقل سوق الأغنام والأعلاف إلى خارج المدينة في مقر مجهز تتوفر فيه الخدمات، وتشييد منطقة صناعية جديدة خارج المدينة ليتم لاحقا نقل الصناعية القديمة إليها. ولكن يظل المستشفى حلم أهالي تربة والمطلب الأول لهم، إضافة لبقية فروع الدوائر الحكومية التي يجب أن تتوافر في المدينة، حيث أشار خلف راشد الشمري أن مدينة تربة تعاني الإهمال وتنقصها الخدمات، وهناك مشاريع تخصص، ولكن تكون من نصيب مدن أو قرى أخرى، معربا عن أمله في إنشاء المستشفى حلم الأهالي، حيث يراجع المرضى مستشفى بقعاء خاصة مرضى الفشل الكلوي الذين يذهبون للغسيل هناك. زحف الرمال ويتوقع سطام عرفان الشمري أن يكون لتربة مستقبل اقتصادي في ظل نهضتها العمرانية، مشيرا أنه رغم الجهود التي يبذلها المسؤولون في توفير الخدمات للمدينة، إلا أنه ينقصها في الوقت نفسه المستشفى، وإيجاد حل نهائي لمشكلة زحف الرمال حيث تحيط الرمال بالمدينة من جميع الجهات، مقترحا وضع حزام أخضر على حدود المدينة لإيقاف زحف الرمال. قروض التنمية وأشار الشمري إلى ضرورة رفع قرض صندوق التنمية العقاري للمدينة لمواكبة الارتفاعات الهائلة في أسعار الحديد ومواد البناء فالقرض المخصص لأهالي تربة 200 ألف ريال، وهو مبلغ لا يفي في الوقت الحالي بقيمة الحديد، حتى أن أغلب المواطنين تنازل عن قرضه بسبب عدم قدراته على تغطية تكاليف البناء مما سينعكس أثره على النهضة العمرانية في المدينة. شبكة المياه ومن جانبه طالب سعود الحيلان بضرورة حل مشكلة شبكة المياه المتعثرة في المدينة, وقال " إستبشرنا خيرا بانتهاء مشروع المياه وبناء الخزان منذ سنتين، ولكن صدمنا بعدم تشغيله حتى الآن دون سبب واضح, مؤكدا أن بعض المنازل يتم تعبئتها بالصهاريج على نفقة المواطنين, فيما هم ينتظرون الماء بفارغ الصبر, لافتا إلى أهمية سفلتة بعض شوارع المدينة الداخلية". مقومات اقتصادية إلى ذلك، يؤكد رئيس مركز تربة نشمي محمد العايد أن تربة مدينة سياحية وأثرية, وينتظرها مستقبل كبير لقيام مصنع الأسمنت فيها لتكون مدينة صناعية لما تتميز به من مقومات كبيرة وموقع استراتيجي, وسيكون لذلك مردوده الاقتصادي على المنطقة, فضلا عن المقومات التي تتمتع بها المدينة من آثار قديمة ومناطق سياحية, فهي تربط بين مناطق الشمال وممر دولي للمتجهين من المناطق الشمالية ودولة الكويت إلى حائل, مشيرا أن تربة تطورت كثيرا عما كانت عليه بفضل جهود البلدية وبالتعاون مع أهله، ولكن تنقصها الكثير من الخدمات التي طالبنا بها لكن دون جدوى، فالمستشفى الحكومي تواجده ضروري في المدينة نظرا لكثافة سكانها، ولأن أقرب مستشفى يقع في محافظة بقعاء التي تبعد عن مدينة تربة بحوالي 90 كيلو مترا , ورغم المطالبات المتكررة لوزارة الصحة بإنشاء المستشفى, إلا إننا لم نجد سوى الوعود, مضيفا أن المدينة بحاجة لمحكمة شرعية وكتابة عدل, بالإضافة لوحدة طوارئ للكهرباء لإصلاح الأعطال في حينه بدلا من أن تأتي فرق الإصلاح من محافظة بقعاء، الأمر الذي يتسبب في أضرار جسيمة للمواطنين والمحلات التجارية. تعبيد الطريق وأضاف رئيس مركز تربة أن هناك دراسة لتعبيد طريق مختصر يربط بين تربة ومحافظة بقعاء بطول 35 كيلو متران ليختصر الطريق الحالي البالغ طوله 60 كيلو مترا, ما سيكون له تأثيره الإيجابي على المدينة, فيما ننتظر الموافقة عليه من وزارة النقل. مؤكدا أن البلدية وبمساعدة الأهالي تقوم بدورها على أكمل وجه, وسنعمل جاهدين لتطوير المدينة للأفضل لتحقيق طموحات وأحلام الأهالي, لافتا إلى أن تربة تحوي 6 مخططات حكومية ونسعى لتخطيط المزيد من الأراضي والتوسع في المدينة من جميع الجهات، ولكن هناك معوقات تقف ضدنا أبرزها الزحف الهائل للرمال، وقد تم عرض هذه المشكلة على هيئة التطوير في حائل, ووزارة الزراعة, والمجلس المحلي وغيرها من الجهات المختصة، لإيجاد حل لهذه المشكلة التي تعيق خططنا وبرامجنا المستقبلية, مشيرا إلى محاولاتهم لصد زحف الرمال بعمل سياج حديدي بديلا عن الرصيف على مدخل المدينة، كأفضل الحلول التي تم التوصل إليها حتى الآن، لوقف زحف الرمال على الشوارع والأرصفة.