تعودت موسكو أن تظهر في سياساتها الخاصة بالشرق الأوسط «بوجه مراوغ» منذ أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها حتى تاريخ كتابة هذه السطور!، فهي صديق مراوغ لا يعتمد عليه عند الشدة كما حصل لمصر معها في حرب 1967م عندما اعتمد قادتها السياسيون والعسكريون على نصائح موسكو بألا تكون الضربة الأولى من القوات المصرية حتى تحرج موسكو فلا تستطيع الدفاع عن مصر، مؤكدة أن احتمال قيام الصهاينة بضربة عسكرية خلال تلك الفترة أمر مستبعد فنام المصريون في العسل على حد قولهم ليصحوا على الغارات الصهيونية التي دمرت سلاحهم الجوي عن بكرة أبيه فكانت الهزيمة الساحقة التي سميت فيما بعد بنكسة عام 67م، وهي نكسة لم تزل آثارها قائمة ماثلة للعيان يراها باللمس حتى العميان! وقد واصلت موسكو دورها النفاقي «الهايف» فهي دائمة المعارضة لأي قرار أممي يعد للصدور ضد دولة محكومة بأنظمة فاشية ديكتاتورية؛ لأنها لا تريد أن تخسر تلك الأنظمة ومصالحها معهم، فإن وجدت نفسها وحيدة في ساحة المعارضة انصاعت للأمر الواقع ومررت القرار، وقد يكون تمريرها له بعد «قبض الثمن!» ولكن المراقبين السياسيين يجدونها بين الحين والآخر «ترغي وتزبد» بحجة أن العمليات على الأرض قد تجاوزت نطاق القرار الأممي في مجال استخدام القوة ضد هذا النظام الفاشي أو ذاك، ولعلها بتلك المواقف تريد قبض المزيد من أجل السكوت على ما يجري فإن وجدت أن الدائرة أوشكت أن تدور على الأنظمة الفاشية فإنها تركض للحاق بالركب وتبدأ في التنازل عن مواقفها السابقة المراوغة لتصف تلك الأنظمة المترنحة بما تستحقه من صفات زاعمة أنها سوف تكون في صف الشعوب المقهورة الثائرة على الظلم والقمع والاستبداد، دون أن تسأل نفسها عن مواقفها التي كانت ضد تلك الشعوب لماذا اتخذتها من قبل ولماذا غيرتها فيما بعد، مع علمها بأنها كانت مدعمة للظلم والاستبداد، ولكنها وقفتها استجابة لنداء مصلحتها فلما تغيرت موازين القوى والأحوال غيرت هي مواقفها بطريقة انتهازية، ومع ذلك كله فإن العالم المتحضر ماض فيما قرره نحو الشعوب المضطهدة، غير مبال بالمواقف الزئبقية الصادرة عن موسكو، لأنه يعلم مسبقا أنها لا موقف ثابتا لها من أي قضية إنسانية أو سياسية. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة