ثلاثة آلاف موقع إلكتروني حجبتها المديرية العامة لمكافحة المخدرات، حيث استغل تجار السموم والمخدرات التطور التقني الهائل وتعدد الوسائط الإلكترونية في تكثيف أنشطتهم الإجرامية، إذ تغلغل المروجون والمتعاطون إلى عمق مواقع التواصل الاجتماعي وغرف الشات والمنتديات في استهداف واضح للمراهقين والمراهقات، إلا أن المديرية تنبهت إلى تلك الشبكات وتتبعت أصحابها وأسقطتهم واحدا تلو الآخر. وأبلغ «عكاظ» مساعد مدير عام مكافحة المخدرات للشؤون الوقائية المستشار الدولي للأمم المتحدة عبدالإله محمد الشريف أن المديرية استطاعت إغلاق ثلاثة آلاف موقع إلكتروني عالمي وعربي، بينها منتديات ودردشات تورطت في ترويج الحشيش وحبوب الكبتاجون. كما استطاعت المديرية تتبع خيوط عصابتين امتهنتا ترويج المخدرات عبر المواقع الإلكترونية داخل المملكة، ومن ثم الإطاحة بهما، مبينا أن تلك المواقع كانت تقدم «نصائح» حول كيفية تلافي المتعاطي تغطية الآثار النفسية من فعلته، مشيرا إلى أن صيدليات إلكترونية في الإنترنت تولت تسويق السموم وإرسالها عبر البريد العابر للقارات. عمار يا دماغي وحذر مساعد مدير عام مكافحة المخدرات للشؤون الوقائية من مواقع التواصل الاجتماعي مثل «البالتوك»، حيث تعرض صور شباب يتعاطى مادة الحشيش وحبوب الكبتاجون على مرأى ومسمع الزوار المتواجدين في الغرفة، كما حذر من كواليس «الفيس بوك» و«النت لوج» وغيرها من المواقع التي يزيد عدد زوار بعضها على 500 ألف زائر يوميا من كافة أنحاء العالم. وذكر الشريف أن من تلك «القروبات» التي توجد على موقع «البالتوك» (خراب يادنيا .. عمار يا دماغي) وقروب (اشرب مخدرات وضبط دماغك) حيث توجد بهما قائمة بأنواع المخدرات التي يشجع استعمالها وأماكن بيعها وأسعارها. وزاد أن هناك عصابات تستخدم الألعاب الإلكترونية على الشبكة والتي يتنافس من خلالها كثير من المتصفحين حول العالم في اللحظة الواحدة. كما يتم استخدام شخصيات ودمى إلكترونية لتحفيز التعاطي والترويج. وأضاف مساعد مدير عام مكافحة المخدرات للشؤون الوقائية أن المديرية شرعت في اعتماد خطتها للعام الحالي في مجال التوعية بالشراكة مع 15 جهة حكومية، وتتضمن الخطة طرق التواصل مع كافة الفئات ومنها فئة الشباب والفتيات عبر استخدام مواقع التواصل الاجتماعي «الفيس بوك» و «تويتر» و «اليوتيوب». 25 ألف مدرسة واقترح عبدالإله محمد الشريف عدة حلول لمواجهة الهجمات الإلكترونية في مجالي التسويق والتعاطي، منها إيجاد مرصد دولي لكشف مخططات عصابات ومهربي ومروجي المخدرات عبر شبكات الإنترنت، ربط شبكي دولي لسرعة تبادل المعلومات، رصد مواقع تهريب المخدرات وترويجها وإغلاقها، العمل على إغلاق صيدليات الإنترنت، زيادة المواقع الإلكترونية التوعوية، إيجاد موقع دول رسمي للإبلاغ عن تلك المواقع أو المنتديات المشبوهة، وتفعيل دور الأسرة والمؤسسات التربوية والتعليمية. وأوضح أن رؤية الخطة التوعوية هي المساهمة مع أجهزة الدولة المختلفة في تحصين جميع شرائح المجتمع من الوقوع في براثن المخدرات ورفع مستوى الوعي لدى المواطن والمقيم. وأكد الشريف أن خطة المديرية في مجال التوعية والوقاية تضم 18 برنامجا ومشروعا من ضمنها استهداف خمسة ملايين طالب وطالبة ليغطي 25 ألف مدرسة بمختلف المراحل التعليمية الثلاث بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، إلى جانب المشاركة مع وزارة التعليم العالي في البرنامج التوعوي للطلاب والطالبات المبتعثين للخارج. برامج وقاية وحماية وأضاف أن البرامج والمشاريع تضم حملة توعية إعلامية تلفزيونية وإذاعية وعلى مرحلتين، إضافة إلى إنشاء ثلاثة مواقع إلكترونية توعوية تم إطلاق موقعين منها، أحدهما «وقاية»، والآخر «حماية»، فيما يتم الاستعداد لإطلاق الموقع الثالث وتنظيم ورشة العمل الثالثة لمديري إدارة الشؤون الوقائية في إدارات مكافحة المخدرات بالمملكة، ودورات تدريبية للمرشدين الطلابيين والموجهات التربويات بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، وإنشاء ستة معارض توعوية في مناطق المملكة ثابتة ومتنقلة. فخ التشويق والإثارة من جهتها، قالت الأخصائية والباحثة الاجتماعية حنان البقمي إن المجتمع يمر بتغيرات كبيرة سريعة على مختلف الأصعدة، منها ظهور أنماط مستحدثة من الجريمة التي تعد محصلة طبيعية لهذه التغيرات، ومنها الترويج للمخدرات بطرق حديثة تتماشى مع التطور، حيث إن المروج مستمر في ابتكار طرق جديدة يكون فيها شيء من التشويق والإثارة التي تدفع بالمراهقين ومحبي المغامرة والاكتشاف إلى الانسياق وراء تلك الدعاية. وحول الدوافع التي تشجع المروجين لاستغلال الطرق الإلكترونية أبانت البقمي أنه رغم المتابعة الدائمة والتي تشكر عليها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والجهات الأمنية وما تقوم به من جهود في سبيل توفير شبكات بحث أكثر أمانا من الناحية الأخلاقية والدينية، إلا أنه مازالت ثقافة حب الاستطلاع وكل ممنوع مرغوب قائمة، ومازالت هناك أيدي ترغب دائما في هدم بناء المجتمعات بأيدي أبنائها وتسلك كل الطرق الممكنة مهما كانت وعرة في سبيل تحقيق أهدافها. وتضيف البقمي أن المروجين استغلوا هذه الطفرة الإلكترونية نظرا لقلة الرقابة الأسرية من جانب على تلك المواضيع المطروحة وتواجد الشباب بمختلف الأعمار ولفترات طويلة ومتواصلة على الشبكة العنكبوتية من جانب آخر، مما دفعهم إلى استغلال تلك التجمعات لتحقيق أهدافهم. وعن أسباب اندفاع بعض من المراهقين من الجنسين لاستخدام أو شراء تلك المخدرات، أشارت البقمي إلى أن حب الاستطلاع دائما ما يكون الدافع الأقوى والأكبر في هذا الجانب.