ضاقت أروقة مطار أبها أمس بتنهيدات الباحثين عن مقعد وزفرات المحبطين من عدم وجود حجوزات والتأجبل المستمر للرحلات.. امتلأت جنبات المطار بمشاعر الغضب والحسرة من حالة الفوضى والمحسوبية في الحجوزات. منظر مؤسف أن تشاهد مسافرا يفترش حقيبته لينام عليها بعد كل نبأ حزين، يتضمن تأخير رحلة أو عدم الظفر بمقعد في قائمة الانتظار التي تمتلئ قبل أن يعلن عنها. بداية معاناة المسافرين يرويها الكفيف محمد خالد، الذي كان يبحث عن المسؤولين ليشكو لهم عن الصعوبات التي يواجهها المسافرون، قائلا: أنا رجل كفيف، أريد السفر إلى الرياض من أجل العلاج وهذا ابن أخي كما تراه يقودني من كاونتر إلى آخر منذ ساعات الصباح الأولى، حيث يتأجل حجز الانتظار الخاص بي من رحلة إلى أخرى، ولم يبق لدي من الأمل سوى في تأكيد حجزي على الساعة الثالثة عصرا أو الساعة العاشرة مساء. ويذكر محمد أنه يرتبط مع هذا المطار بذكريات سيئة، حيث يقول: في يوم من الأيام كنت قادما من مطار الرياض إلى مطار أبها وبعد وصولي إلى أبها فوجئت ببقائي في الطائرة دون أن يحضر أحد المضيفين لإخراجي منها وإيصالي إلى أرض المطار، رغم وصول خطاب لإدارة الخطوط السعودية والمطار، سبق وصول الرحلة، يفيد بوجود رجل كفيف على متن الطائرة ولولا شهامة أحد الركاب المتأخرين في النزول لربما بقيت في الطائرة. وعند سؤالي عن المضيفين أفاد الركاب بأنهم غادروا الطائرة واتجهوا إلى المطار. وزاد محمد: وعندما أردت الشكوى طالبني أحد المسؤولين بإرسال الشكوى عبر البريد الإلكتروني وكأني أنعم بنعمة البصر مثله!. واختتم محمد حيثه بكلمة واحدة هي «الواسطة هي كلمة السر هنا». أما سعد القحطاني: فذكر أنه حضر إلى المطار منذ أمس الأول هو وولده لارتباط ابنه بموعد مقابلة في الرياض، وحاول أن يحجز مقعدين له ولولده لكنهما لم يتمكنا من السفر، وبعد معاودة الكرة أخبرهما الموظفون أن الحجوزات مقفلة. واستغرب القحطاني من عدم توفير طائرات كبيرة تستوعب أعداد المسافرين بدلا من الطائرات الصغيرة التي لا تفي مطلقا بنصف الراغبين في السفر عبر هذا المطار الذي يخدم المئات من المدن والقرى والهجر. وطالب القحطاني المسؤولين بسرعة التحرك لإيجاد حلول جذرية لمأساة مطار أبها التي وصفها القحطاني بالمتكررة. وقال المواطن عمير الشهراني أنه أراد السفر بوالدته المريضة عبر مطار أبها، وكان لديها موعد في اليوم التالي في مستشفى العيون في الرياض ولكنه فوجئ بتأخير الرحلة أكثر من مرة، ما اضطره إلى السفر بوالدته عن طريق البر، حيث وصل إلى الرياض ووالدته في حالة يرثى لها، كونها كبيرة في السن ولكنه قام بذلك من أجل الحضور في الوقت المحدد للموعد، خوفا من إعطائه موعدا جديدا بعد ثلاثة أشهر. أما سالم العلياني فيقول: مانعاني منه في هذا المطار هو تكرار إبلاغنا بتأخير مواعيد الإقلاع للطائرات، دون تحديد وقت لموعد الإقلاع الجديد فنضطر للانتظار لسماع أي أخبار جديدة كثيرا ما تتأخر عن الإقلاع. ويتساءل العلياني: إلى متى ونحن ألعوبة بيد الناقل الوطني، وكأننا بضائع شحن لا يضرها الانتظار، ولسنا ببشر يضنينا تعب الانتظار وأفلام الخطوط العتيقة التي لم أعد اعتبرها تبريرا واقعيا. ووصف نادر السيد الخدمات المقدمة من الخطوط السعودية عند تأخير الرحلات بالسيئة، حيث تأخرت إحدى الرحلات من مطار أبها إلى الرياض سبع ساعات، وكانت تحمل رقم 1658 وافترشنا المطار، ومن الركاب من عاد إلى منزله ثم حضر إلى المطار مجددا دون أن تقدم لنا الخطوط أي خدمة مقابل ذلك التأخير. وعن زيادة الخطوط وزن العفش على درجة الضيافة من 20 إلى 25 كيلو جراما علق جبران عسيري على ذلك القرار بالاحتيالي قائلا: القرار ليس في صالح المسافر مطلقا، حيث إن المسافر أصبح مجبورا على شحن قطعة واحدة فقط، وإذا أراد شحن قطعة أخرى معها فسوف يجبر على دفع مبلغ إضافي. وأضاف جبران: لو أراد شخص أن يشحن لاحقا مع القطعة ولو «تي شيرت» وزنه ضئيل فسوف يدفع ثمن شحنه وهذا استنزاف للركاب من الخطوط بشكل غير مباشر. ويؤكد عبدالرحمن شاهر مسألة تأخير الرحلات أكثر من مرة، وكذلك إغلاق الحجوزات منذ وقت مبكر. وأضاف «لن أنسى موعد المقابلة الشخصية الذي فاتني في كلية المعلمين في الرياض قبل عدة أعوام، حيث حضرت إلى المطار قبل موعد الرحلة بساعة كاملة، وقبل موعد الإقلاع بنصف ساعة أخبرونا أن الرحلة تم تأجيلها وعلينا الانتظار، ثم أعلنوا عن موعد إقلاع جديد عقب ذلك بثلاث ساعات، وبعدها عاودوا التأجيل حتى انتهت ليلة الجمعة وأشرقت شمس السبت ونحن لازلنا في انتظار الاقلاع، وبالتالي لم أتمكن من حضور المقابلة، حيث أقلعت الرحلة في السابعة صباحا بعد أن كان مقررا إقلاعها في الواحدة صباحا. وقال: لن أسافر عبر الخطوط ولكنني سأسافر عبر البر، نعم أعاني من رحلتي عبر البر ويضنيني الإنهاك والتعب ولكنه أرحم بكثير، مما نواجهه من سيناريو تأخير وتأجيل رحلات السعودية الذي لا ينتهي.