لاشك أن وراء ولادة العمل الأدبي حوافز ومثيرات، وتعدد هذه الحوافز والمسببات في حياة المبدع، حتى يظهر للوجود تلك التجربة الخلاقة والتي كمن خلفها عوامل محفزة للإبداع مابين اجتماعية ونفسية وروحية، ويظهر بعد ذلك السؤال الذي يتردد على كل مبدع بعد قراءتنا للعمل الإبداعي من كان خلف هذا الجمال؟ حتى أن البعض يصرح بالسؤال للشعراء على وجه الخصوص من هي تلك الفاتنة التي أوحت ؟؟؟ تلك بكل هذه القصيدة؟ لتظهر الملهمة «المرأة» كحافز ودافع قوي لعملية الخلق الإبداعي، كما نلحظ في قصائد «هوارس» في كليوباترا على سبيل المثال. ما أثارني لطرح هذا الموضوع هو قراءتي لتلك الرسائل المتبادلة بين «جبران ومي زيادة» وكمية التوهج والجمال الإبداعي الذي كتبت به تلك الرسائل، وتلك الحالة الإبداعية التي كانت تعيشها «مي زيادة» نتيجة حبها «لجبران خليل جبران» وقد ألهما بعد كل ذلك «الحب الورقي» إن صحت التسمية، لأنهما لم يتقابلا ولا مرة واحدة فهي كانت تعيش في القاهرة، وهو هناك في نيويورك ولم تسمح لهما الظروف باللقاء إطلاقا، حتى مات جبران وجنت مي زيادة ! ويتبين لنا أهمية تلك الكلمات في حياة «مي» في أنها عاشت متألقة في حياتها الاجتماعية والأدبية على وقع رسائل جبران، ولم تتدهور حياتها النفسية إلا بعد وفاة جبران (1931) إذ عدت نفسها أرملته، فارتدت السواد عليه واكتشفت أن قرارها بعدم الزواج لم يكن صائبا! فبدأت تحاسب نفسها بقسوة، فقد أحست بمدى الظلم الذي ألحقته بحياتها حين تعلقت بكلمات جبران، ووهبت شبابها لحب سماوي لا علاقة له بالواقع وبطبيعة البشر! هل نستطيع أن نعتبر جبران ملهما في حياة مي زيادة؟ رغم كثرة محبيها وزوارها في صالونها الأدبي؟ فالعقاد والرافعي وغيرهما كثير لماذا لم تطرب مي لهؤلاء القريبين منها؟ واستمتعت بكلمات جبران على الورق؟ رجل كان يحيا بها كما ذكر ذلك في إحدى رسائله عندما كتب لها يقول «أنت تحيين بي، وأنا أحيا بك !» فحافظت على ذلك الحب العفيف الطاهر عبر رسائل هي وثائق لتلك العلاقة الطاهرة، والتي كانت كثيرا ما تصطدم بذلك الواقع الاجتماعي الذي تعيشه «مي زيادة» وانتبه لذلك جبران عندما كتب لها يقول «أهو الخجل أم الكبرياء أم الاصطلاحات الاجتماعية» مستغربا شدة حذرها وترددها فلم تكتب عواطفها له إلا بعد اثني عشر عاما !! قصة حب جبران ومي معروفة، ولكن ما أثارني فيها هي كمية تلك العواطف التي اختزلتها مي زيادة في نفسها فظهرت في إبداعها الأدبي إخلاصا لذلك الرجل الذي لم تره ولو لمرة واحدة في حياتها، فهل نعتبر جبران ملهما في حياة مي زيادة؟ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 269 مسافة ثم الرسالة