حدد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينةالمنورة رئيس هيئة تطوير المدينة اليوم موعدا لإلغاء الأنشطة التجارية حول الحرم النبوي الشريف، مع انطلاق مشروع تهيئة الأسواق التجارية المطلة على الساحة الجنوبية للمسجد النبوي (أسواق الحرم) للاستفادة منها لصالح خدمات المسجد النبوي. وشدد الأمير في توجيه وزعته بلدية الحرم البارحة الأولى على إخلاء السوق بالكامل وكل محتوياته المتضمنة 400 محل تجاري، في موعد أقصاه نهاية عمل البارحة، وفصل التيار الكهربائي عن السوق، بعد أن انتهت العقود المبرمة بين الشركة المستثمرة للمحال والمستأجرين، وسط إلحاح التجار بالبقاء لتحقيق منافعهم ومصالح أسرهم. وخلا الإشعار الذي وزعته بلدية الحرم للمرة الثالثة من أي شعارات رسمية تدل على مصدره، سواء البلدية أو الأمانة، وجاءت خانتا اسم مراقب البلدية وتوقيعه فارغتين فيه، مقابل خلو خانات اليوم والتاريخ والساعة، ومذيلا بعبارة «شاكرين حسن تعاونكم لخدمة الصالح العام»، فيما رفعت هيئة تطوير المدينة لوحة أعلى السوق تضمنت عبارة «مشروع تهيئة المباني لصالح المسجد النبوي وما يحتاجه من خدمات». وأعلن أمين عام هيئة التطوير المهندس محمد بن مدني العلي عن كسب الهيئة للقضية المرفوعة ضدها أمام المحكمة الإدارية من قبل تجار السوق، بعد الحكم الصادر عنها بتاريخ 5/6/1432ه بصرف النظر عن الدعوى، وفق ما رأته الدائرة الثالثة برئاسة الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد طه، وعضوية عبدالله بن محمد الأحمدي ونايف بن سعد النفيعي. وتقدم للدعوى ضد هيئة التطوير كل من التجار: محمد طه صقر، إبراهيم عاتق الترجمي، محمد بن عبد العال الترجمي، فاطمة بنت سالم الترجمي، وأحلام بنت أحمد العمري، بالطعن بإلغاء إجراءات قرار هيئة التطوير، القاضي بإخلاء المحال التجارية للسوق؛ بحجة أنه ليس من حق الهيئة التدخل في ذلك. وحددت المحكمة الإدارية الثلاثاء المقبل الموافق 5/7/1432ه كآخر مهلة للاعتراض على الحكم وطلب الاستئناف، في المقابل تنظر المحكمة دعوى جديدة ضد هيئة التطوير في اليوم نفسه؛ أملا في إعادة النظر في القضية. وحصلت «عكاظ» على وثائق ومعلومات تكشف قصة المشروع بالكامل؛ منذ صدور أمر إنشائه من قبل الملك فهد بن عبدالعزيز عام 1417ه وحتى وقت تحويل نشاطه اليوم من أسواق تجارية إلى مجمع لخدمات المسجد النبوي والزائرين والحجاج؛ إذ أمر بإنشاء مجمع تجاري في المساحة المتاخمة للساحة الجنوبية للمسجد النبوي، وجعلها وقفا لوجه الله تعالى، يعود ريعه إلى المسجد النبوي. عندها شرعت الجهة المعنية بشؤون المنطقة المركزية آنذاك، وهي اللجنة التنفيذية لتطوير المنطقة المركزية بإبرام عقد مع رئيس مجموعة وقف الحرم شركة محمد بن لادن لاستثمار الموقع، وبعد 7 أشهر صدر أمر سام بإسناد مهام الإشراف على أوقاف الحرمين على وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، فيما استغرق بناء المشروع حوالى 4 أعوام، ليبدأ تشغيل نشاطه التجاري وتأجيره نهاية سنة 1420ه. ونص عقد استثمار الوقف على مدة زمنية تنتهي في 1439ه، أي بعد 7 أعوام، بينما تنازل المستثمر عن المدة المتبقية لصالح أوقاف الحرم، بموجب خطاب صادر منه برقم 566/ج بتاريخ 14/07/1431ه، وزود المحكمة العامة في المدينة بصورة من التنازل، لدى مكتب القاضي الشيخ عبد الله المخلف. وأبرمت عقود استئجار المحال التجارية بين المستثمر والتجار في بنود تناثرت على 4 صفحات، وبأسعار متفاوتة يحددها الموقع والمساحة، ما بين 50 ألفا إلى حوالى 200 ألف ريال في العام الواحد، إلا أن العقد جاء سنويا وقابلا للتجديد، وهذا مكمن نقطة الضعف لدى التجار ملتمسي الحاجة للاستمرار في الموقع دون إخلائه، حيث لم ترتبط العقود بزمان طويل المدى كعامين أو أكثر، بل كان كل عام على حدة ويتجدد بنهاية العام أو يفسخ. وانطلقت رؤية الأمير عبدالعزيز بن ماجد من تقديس المسجد النبوي وإبعاد كل ما يعكر أجواء العبادة فيه، وتحويل جميع الأسواق التجارية المحيطة به إلى خدمات يستفيد منها الحاج وزائر الحرم، وجاءت أولى هذه الخطوات بإنهاء عقود المستأجرين في أسواق البقيع من الناحية الجنوبية الشرقية من الحرم، وتحويله إلى مركز رعاية أولية، باسم «مركز صحي جبريل»، حيث تبرع أمير المدينة في شهر رجب 1427ه بمبلغ 300 ألف ريال لتأسيسه وإنشائه، فكانت أواخر نتائجه إفادة 600 ألف حاج من خدماته في موسم حج العام المنصرم. وفي نهاية المطاف لجأ التجار إلى الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، بطلب الكتابة لوزارة الشؤون الإسلامية عن الوقف ومنع تدخل هيئة التطوير، بجانب الكتابة للمقام السامي بإيقاف تصرف هيئة التطوير، إلا أن الجمعية ضمر موقفها أمام حكم المحكمة.