كانت تلك الرثائية الرائعة التي صاغها الأديب الشاعر عبدالله بن إدريس عن قرينه الشيخ عبدالله بن خميس (رحمه الله) مؤثرة مبكية تضمنت اعتذارا وبكاء وتاريخا وثناء. امتزجت خلالها مشاعر صادقة لم تدفعها شفاعة أو يطوعها موقف. رثائية صفاء القلوب ومواقف الكبار. سوف أتوقف عند عبارة واحدة رواها الشيخ عبدالله بن إدريس حين قدم شكره لابن خميس حيث أتاحت له حظوظه كما يقول التنافس مع هذا العملاق في ساحة الإعلام، ونحن في ذات الوقت نشكرك يا شيخنا عبدالله بن إدريس حين قدمت مع الشيخ عبدالله بن خميس (رحمه الله) صورة من الحراك الأدبي والنقدي الكبير في بلادنا الغالية في لون من ألوان الأدب تمثل في تلك المعارك التي خضتماها معا في سجال علمي عظيم لم تخل الجوانب الشخصية فيه من لمز وغمز ثم دفن ذلك كله في رثائيتك الرائعة لقرينك ابن خميس. العلاقة الأدبية المتوترة بين الأديبين الكبيرين عبدالله بن خميس وعبدالله بن إدريس كانت شرارتها الشعر العامي حيث دارت رحاها في عدد من الصحف. ويشير الشيخ عبدالله بن إدريس إلى قصة وبداية تلك المعركة بأنه قام بنشر مقال صريح في جريدة الجزيرة في شهر ذي القعدة سنة 1403ه بعنوان «طغيان الشعر العامي على وسائل الإعلام» أوضحت فيه أنني لست ضد كتابة هذا الشعر فكل واحد منا حر أن يعبر عما في نفسه بأي وسيلة ولكني ضد طغيانه والتوسع في نشره وبخاصة أن أغلبيته تدور حول غرضين هما «الشحاذة» و«المراهقة» الشبابية. وفي الأسبوع التالي لنشره عقب علي الشيخ ابن خميس بمقال عنوانه «أتدري على من استعديت يا ابن إدريس» وعقبت على مقاله بمقال «إنك لم تفهمني يا ابن خميس» أوضحت له بجلاء موقفي وكل غيور على اللغة الفصحى واحتدم النقاش قرابة السنتين في ردود ومساجلات بين الاثنين غدت إثر ذلك من أشهر المعارك الأدبية في الصحافة السعودية وكانت تلك بلا شك المعارك الأدبية التي سادت تلك الفترة وقبلها بسنين بين عدد من رموز الأدب والنقد السعودي كالشيخ حمد الجاسر وعبدالقدوس الأنصاري وأحمد عبدالغفور عطار وغيرهم. وامتدادا للمعارك الأدبية التي خاضها كبار الأدباء العربي أمثال طه حسين والرافعي والعقاد وعبدالرحمن شكري والمازني والتي دامت خصومتها سنوات انتهت كما انتهت خصومة ابن إدريس وابن خميس إلى ود ووئام طهرت فيه النفوس ولم ينتقل أحدهما إلى الدار الآخرة إلا وهو قد برأ ذمة الآخر وزكت نفسه. لقد ودع الشيخ ابن خميس الناس جميعا وخص منهم الشيخ ابن إدريس بتلك الابتسامة الجميلة التي طغت عليه في كل مناسبة يمسح بها كل موقف أو خصومة نهض بعفوية تامة يملؤها الاحترام والتقدير للشيخ ابن إدريس متناسيا خصومة القلم مستحضرا صفاء النفوس وروح المؤمن الصادق الذي لا يحمل في نفسه غلا ولا حقدا ولا ضغينة على مسلم. أما الشيخ عبدالله بن إدريس فقد ماثله النقاء بتلك الأريحية البيضاء التي صورت لوحة نقاء صافية لمجتمعنا خصوصا بين أعلامه وكباره ورموزه. الشكر لهذين الكبيرين اللذين أثرا المشهد الثقافي بتلك المعركة الشهيرة التي كسبت فيها اللغة العربية دفاعا عنها من اثنين من كبار المنافحين المخلصين الصادقين. [email protected] فاكس : 014645999 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 253 مسافة ثم الرسالة