فاجأ الأديب عبدالله الدريس (الشخصية المكرمة في مهرجان الجنادرية الأخير) حضور حفل تكريم منتدى بامحسون الثقافي لشخصية عبدالله بن خميس بحضوره معلناً انتهاء خلافه الشهير مع الأديب ابن خميس. وقال الإعلامي إدريس الدريس إن والده أصر على أن يحضر التكريم، وليس هناك خلاف بل اختلاف في وجهات النظر، والآن انتهى كل شيء بين رمزي الفكر والثقافة. ويعود خلاف الأديبين عبدالله الدريس وعبدالله بن خميس إلى قضية الشعر العامي، حيث يرفض ابن إدريس نشر هذا النوع من الشعر في وسائل الإعلام، بينما يؤيد ابن خميس نشره. وقد بدأ السجال بينهما حول هذه المسألة حينما نشر ابن إدريس مقالاً صريحاً في صحيفة الجزيرة في ذي القعدة من عام 1403، بعنوان "طغيان الشعر العامي على وسائل الإعلام"، أوضح فيه أنه ليس ضد كتابة هذا الشعر، فكل واحد منا حر في التعبير عما في نفسه بأية وسيلة، ولكنه ضد (طغيانه)، والتوسع في نشره، وخاصة أن أغلبيته تدور حول غرضين هما (الشحاذة) و(المراهقة) الشبابية. وفي الأسبوع التالي لنشره عقب عليه ابن خميس بمقال عنوانه "أتدري على مَنْ استعديت يا ابن إدريس؟". وقال الدريس: عقبت على مقال ابن خميس بمقال عنوانه "إنك لم تفهمني يا ابن خميس" أوضحت فيه له بجلاء موقفي وكل غيور على اللغة الفصحى، واحتدم النقاش الذي استمر قرابة سنتين، وكُتبت فيه عشرات المقالات، وقد قام أحد الأساتذة في جامعة الملك سعود بجمع خلاصة هذه السجالات وأصدرها في كتاب. وكان تكريم منتدى بامحسون الثقافي لشخصية العام 2009 - 2010 للأديب عبدالله بن خميس قد انطلق بكلمة من صاحب المنتدى الدكتور عمر بامحسون قال فيها: إننا أمام أستاذ وشيخ وضع بصماته في شتى المجالات التي طرقها، ونختم موسمنا الثقافي بأحد الرجال العظماء الذين خدموا في شتى المجالات في العلم والأدب والثقافة والمجتمع، وأثرى المكتبة بكثير من المؤلفات، وشكر وزير الثقافة والإعلام على إتاحة الفرصة لهم لتكريم ابن خميس بمركز الملك فهد الثقافي. وشددت هيا السمهري، التي أعدت أطروحة رسالة الماجستير عن عبدالله بن خميس ناثراً، وقامت بتوزيع كتابه على حضور المنتدى، شددت على أن حياة ابن خميس المبكرة أثّرت في الأدب بالمملكة عبر ثماني محطات منها مولده في قرية الملقى إحدى قرى وادي حنيفة، وتعلمه مبادئ القراءة والكتابة والعلم والعمل في صباه، وسفره إلى حائل وهو صغير، وقالت السمهري في ورقتها إن عمله في الزكاة جعلته يتجول في الصحراء مما أثرى معلوماته الجغرافية، معرجة على التحاقه بالدراسة النظامية بدار التوحيد 1364، والتعليم الأكاديمي بكلية الشريعة واللغة العربية وإشرافه على متابعة طباعة مجلة اليمامة بتكليف من علامة الجزيرة حمد الجاسر. وتحدث الدكتور محمد بن عبدالرحمن الربيع عن (ابن خميس أدبياً)، وقال: كيف لي أن أتحدث عن عملاق في الشعر والأدب، بدا حب الأدب لديه مبكراً حينما كان يردد والده أبيات الشعر فيحفظها ويرددها، وانكب على قراءة ديوان الشعر العربي حتى بلغ مكانة كبرى، وصنفه النقاد على أنه من شعراء العالم العربي، ويظهر عشقه للجزيرة العربية بسهولها ورباها وجبالها. وأوضحت أميمة الخميس أن (ابن خميس الإنسان) شاعر انبثقت قصائده من إنسان شغوف بحب الناس والصحراء، مستحضرة ما أحاط بوالدها من تجليات روح إنسانية جمعت تربية الأبناء ومتابعة شؤون الأسرة والأبوة الحانية بالكلمة الشعرية تارة، وبالثقافية تارة أخرى، في جو منزلي يعبق بدفء الأسرة ويفوح برائحة أوراق المؤلفات التي تنبعث من مستودع خلفي في المنزل، مستذكرة العديد من جلسات الأسرة تحت شجرة الليمون لمراجعة كتاب حينا، وتدوين قصيدة أو استماع إلى أخرى حيناً آخر، وقالت: كان والدي بعثة جغرافية كاملة وليس رجلاً واحداً حينما كنا نرافقه إلى مصيفنا بالطائف. ثم اختتم الدكتور عبدالرحمن الشبيلي ندوة التكريم بالكشف عن إهداء ابن خميس وهو في قمة نضجه الذهني 800 عنوان لمكتبة الملك فهد، لا يوجد لها مثيل في المكتبة، ولم تتبعثر بأيدي الورثة وهي أفضل مكتبة أهديت لها حيث يوجد بها مخطوطات نادرة حتى إنها تتفوق على ما لدى المكتبة من مقتنيات أدباء كبار كالزركلي. وبين الشبيلي في حديثه عن (ابن خميس إعلامياً) أن المنطقة الوسطى ستظل تعترف بالفضل لحمد الجاسر وعبدالله بن خميس في نشأة الصحافة والطباعة. وتطرق الشبيلي إلى جهود ابن خميس وكتاباته وإنتاجه الشعري المبكر الذي كانت تنشره له صحيفة أم القرى، وإصداره العدد اليتيم من مجلة هجر عام 1376، حينما كان مديراً للمعهد العملي بالأحساء، وتكحلت عيناه حينما كان في مكة بقراءة الصحف المصرية والكتب، وساهم في إصدار صحيفة الجزيرة، كما تحدث عن عضويته بالمجلس الأعلى للإعلام، وبرنامجه الإذاعي الشهير (من القائل)، وقال: لم يكن ابن خميس ناقداً اجتماعياً وسياسياً وأدبياً فحس، بل كان منظراً اجتماعياً يدعو لقيام صحافة ناضجة تسيرها الأفكار المستنيرة. وفي مداخلة للكاتبة الدكتورة عزيزة المانع قدمت الشكر لصاحب المنتدى على اهتمامه بالثقافة ورموزها، وإفساحه المجال للنساء، وقالت: معرفتي بابن خميس كانت في سن المراهقة، في ليلة صيفية كان يتحدث عبر الإذاعة، شدني صوته وأسلوبه في الحديث حينما سأله أحد المستمعين عن سماعه شيئاً من الأغاني؟، فأجاب بأنه إذا وجد شعراً عذباً وصوتاً رخيماً فإنه يستمع، هذا نبهني إلى أنني أمام شخصية مختلفة بفكره وسماحته ومرونته، وهو رمز للثفافة في نجد. وقد شهدت أمسية التكريم عرضاً مسجلاً للقاء أدبي مع عبدالله بن خميس أجراه الدكتور عبدالرحمن الشبيلي، وعرضاً مصوراً عن مسيرة ابن خميس العلمية والعملية، إلى جانب رحلته مع القلم والثقافة والتأليف.. إلى جانب مداخلة لأمين دارة الملك عبدالعزيز سابقا عبدالله الحقيل، وقصيدة لعمر الحبشي، وأخرى لمنيرة بنت طارق الخميس، ثم كلمة لعصام الخميس، بينما ألقى ابن خميس المحتفى به قصيدته (طويق).