التجربة الإدارية لمجالس المناطق تستحق الوقوف عندها، حيث إن هذه المجالس ساهمت بشكل كبير في تحديد احتياجات المنطقة من المشاريع التنموية والخدمية والاجتماعية ومتابعة تنفيذها في مواقعها الصحيحة، بالإضافة إلى دور هذه المجالس في تحديد أولويات المنطقة من تلك المشاريع، وتقديم العون والرؤى الصادقة لأصحاب القرار في كل ما يخدم الصالح العام، هذه المجالس، وبحكم قربها وقدرتها على تشخيص أوضاع المنطقة الإدارية والاجتماعية والاقتصادية والبشرية وتقييم مستوى الخدمات المقدمة للمواطن، استطاعت تقديم تقارير ميدانية تعكس واقع احتياجات المنطقة الفعلية وهو ما تحقق ولله الحمد خلال المسيرة المباركة لهذه المجالس. إن هذه التجربة الإدارية تحتاج إلى استمرار الجهود من قبل أعضاء المجالس لتحقيق الأهداف والطموحات المؤملة لخدمة وتطوير كافة المجالات التي تنشدها قيادة هذا الوطن في سبيل رفاهية وخدمة المواطن الكريم، والمواطن يلمس الجهود الكبيرة والرغبة الصادقة من أصحاب السمو رؤساء المجالس في تطوير وتفعيل دور هذه المجالس لخدمة وتنمية مناطقهم في مختلف المجالات لتحقيق توجيهات القيادة الرشيدة، ومطلوب أن تحظى هذه المجالس بأعضاء فاعلين من أصحاب الخبرة العملية والتأهيل العلمي تتوافق مع أعمال واختصاصات لجان المجلس، بالإضافة إلى الاستعانة ببيوت الخبرة المتخصصة في بعض المجالات متى دعت الحاجة ، كما أن توصيات المجلس تحتاج إلى آلية عمل للرصد والتقييم والمتابعة وكذلك مطلوب أن تلامس الدراسات والتقارير التي تعدها لجان المجلس واقع الاحتياج ومزايا ومقومات المنطقة وتكامل الرؤى مع الجهات الخدمية، وبالتالي ما يصدر عن هذه المجالس من دراسات وتوصيات تكون أكثر قبولا وواقعية، وبالتالي مطلوب من هذه المجالس بلجانها المتخصصة فتح قنوات اتصال مباشرة مع الجهات الحكومية والجامعات والمواطنين من خلال تكثيف الزيارات الميدانية لمتابعة مراحل سير المشاريع التنموية وكذلك الاستماع للمواطنين والوصول إليهم في المحافظات والقرى والهجر من أجل التعرف عن قرب على واقع الحال، خصوصا أن المواطن هو محور العملية التنموية ويعلقون آمالا كبيرة على هذه المجالس في نقل احتياجاتهم وآرائهم ومشاكلهم إلى أصحاب القرار، ولكي تتحقق الأهداف المرجوة فإن مجالس المناطق ممثلة في أماناتها مطالبة ببناء قاعدة معلومات تشتمل على إحصائيات وتقارير ودراسات كافية ودقيقة عن مشاريع المنطقة ومراحل تنفيذها، بالإضافة إلى تقييم دقيق للمجالات التعليمية والاقتصادية والاجتماعية والصحية... إلخ، ومواكبة المستجدات والمتغيرات على كافة المستويات بشكل مستمر من أجل مساعدة أعضاء مجلس المنطقة على اتخاذ القرار المناسب، وهذا يتطلب توفر قيادات إدارية في أمانات تلك المجالس بدءا من الأمناء أنفسهم ممن تتوفر فيهم مهارات القيادة والتأهيل العلمي والعملي ولديهم الإلمام القائم بكافة مشاريع وأوضاع المنطقة وإجادة مهارة التواصل والتنسيق مع الجهات الحكومية وأن يخصص لهذه الأمانات كادر وظيفي مناسب في الإحصاء وإعداد الدراسات والتقارير وإدخال البيانات. هناك تعاون وزيارات من بعض مجالس المناطق لمجلس الشورى، لكنها لم ترق إلى المستوى المطلوب وتحتاج إلى آليات عمل سعيا لفتح قنوات تعاون وتنسيق بين مجلس الشورى ممثلا بلجانه المتخصصة ومجالس المناطق وتحديد مجالات التعاون الممكنة فيما يخدم الوطن والمواطن حتى تصبح مجالس المناطق أحد الروافد المعلوماتية المهمة لمجلس الشورى لدراسة الموضوعات من قبل أعضاء المجلس، بالإضافة إلى بروز أهمية التنسيق والتعاون بين مجالس المناطق نفسها لتبادل الزيارات والخبرات والدراسات والتقارير والاستفادة من تجارب بعض المجالس في معالجة المشاكل أو الموضوعات المتماثلة، ولا ننسى كذلك أهمية الاستفادة من الدورات السابقة وتقييم أدائها، وهو ما سوف يوفر العديد من المؤشرات التي من شأنها تفعيل هذه التجربة وزيادة الفائدة المرجوة منها.