يعرف أهل اللغة أن هناك مجموعتين مهمتين في اللغة هما كان وأخواتها، وإن وأخواتها، ولكل من المجموعتين شروط تتحكم بكل الكلمات والجمل التي تلي واحدة من أفراد العائلتين، فكان تحتاج لاسم وخبر، وهي ترفع اسمها وتنصب خبرها، وعلى عكسها إن التي تحتاج لاسم وخبر هي الأخرى، ولكنها تنصب الاسم وترفع الخبر. وحين تغيب فلسفة الواجبات والحقوق أو تضعف تنتشر مجموعة أخرى من الأدوات يصلح أن نسميها: (تكفى وأخواتها)، ومن أشهرها: تكفى، طول الله عمرك، لا عدمناك. وهذه الأدوات يستخدمها كل من كانت له حاجة في دائرة حكومية، لسبب وجيه أن الجهات الخاصة لا يحتاج المواطن فيها لاستخدام هذه الأدوات كثيرا، وربما في بعض الجهات هي من يحتاج لاستخدامها مع المواطن، وذلك لتسويق بضائعها، بل ربما دفعت هي الرشاوى بطرق ذكية كما هو حاصل مع مسابقات بعض الفضائيات التي يبدو كرمها الحاتمي في الجوائز في حين أن المواطن ينسى أنه يدفع قيمة الرسالة أحيانا مبلغا يصل إلى 15 ريالا ليعطي الفرصة للجهة صاحبة المسابقة لتجمع منه ومن غيره عشرات الملايين عبر مشاركة الكثيرين في مثل هذه المسابقات. وإذا عدنا للجهات الحكومية فسنجد في بعض الأحيان أن المواطن يستخدم واحدة من أخوات تكفى في استجداء الموظف لتقديم الخدمة له علما بأن الدولة تتحمل مبالغ طائلة تدفعها للموظف كراتب وبدلات وغيرها كي يقدم هذه الخدمة للمواطن، وبالتالي فتحليل بسيط للعلاقة بين المواطن والموظف والدولة يوصلنا إلى أن ما يقدمه الموظف للمواطن ليس منة منه حتى يضطر المواطن لهذا الاستجداء، وإنما هو حق لهذا المواطن تكفلت الدولة بدفع ثمنه لهذا الموظف كي يقوم به، ولتصبح واجبا عليه وهي في الوقت نفسه حق مشروع مكفول للمواطن، ولكن الملاحظ أن بعض الموظفين يشعرون المواطن أنهم يمتنون عليه إن هم قدموا له الخدمة، وأنه ليس من حقه أن يحاسبهم إن هم قصروا في أدائها، بل وعليه أن يستخدم تكفى أو واحدة من أخواتها، أو ينتظر ما يمكن أن يلحق به من تأخير أو تعطيل أو خسارة. وأعتقد أن مكافحة الفساد تقتضي إيجاد آليات تجعل المواطن قبل أن يتوجه لأية جهة تقدم له الخدمة أن يعرف بالضبط واجباته، وحين يؤديها وتقصر الجهة في تقديم الخدمة له، أي حين تقصر في إعطائه حقه فمن واجبه عندها أن يحاسب هذه الجهة، وعندها سيستغني هذا المواطن عن اللجوء لمن يعرف له أحدا في هذه الجهة أو تلك كي يوصيه بمساعدة هذا المسكين للحصول على حقه، ولن يحتاج أحد عندها إلى تحمل الجمايل من فلان أو من علان لأن فلانا هذا أو علانا سيطلب من الواسطة خدمة أخرى مقابل تلك الخدمة التي أداها لصديقه أو قريبه أو جاره. إن تبيان واجبات المواطن وحقوقه ينبغي أن يجعله باعتباره طالبا للخدمة هو والموظف الذي يقدم هذه الخدمة على قدم المساواة في المحاسبة، وعندها لن يكون مضطرا للبحث عن واسطة تساعده في تسهيل أموره لدى هذه الجهة أو تلك، وسيسهل على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد عملها، وسيكون بمقدور الجميع حماية هذا الوطن الغالي من الداخل، ذلك أن حمايته من الداخل لا تقل أهمية عن حمايته من الخارج، وأعداء الداخل أكثر تدميرا من أعداء الخارج لاعتبارات كثيرة؛ أن عدو الخارج واضح وتسهل مواجهته مهما كانت التضحيات، أما عدو الداخل فيفتت قوى التماسك الاجتماعي، ويعمل على احتقان النفوس التي تشعر بأنها لم تحصل على حقها أو لم تجد من ينصفها حين تشعر بظلم موظف وجبروته ولا يجد المواطن من يشتكي له، وإن وجد يجد نفسه تائها في سراديب اللوائح غير الواضحة أحيانا أو الواضحة وغير المعلنة أحيانا أخرى، ويصبح من حق كل مواطن أن يسأل الموظف الذي يمتنع عن خدمته عن المستند القانوني الذي يجعله يحرمه من خدمة ما، ويستطيع المواطن أن يدافع عن حقه حين يعرفه ويعرف ما يتوجب عليه أداؤه للحصول على هذا الحق، وتنتفي مبررات استخدام تكفى وأخواتها عند ذلك. للتواصل ارسل رسالة نصية sms الى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 146 مسافة ثم الرسالة او عبر الفاكس رقم: 2841556 الهاتف: 2841552 الإيميل: [email protected]