قادت نجلاء حريري سيارتها لمدة أربعة أيام في جدة ولم يضايقها أحد، وكذلك فعلت منال الشريف في المنطقة الشرقية، ولكن اعترضها رجال هيئة الأمر بالمعروف وتمت إحالتها إلى الشرطة وصدر قرار بحبسها لمدة خمسة أيام. دارت اسطوانة قيادة المرأة للسيارة من جديد، وصوت جهاز تشغيل الاسطوانات عال هذه المرة، ويصل حد الإزعاج، بين عويل النساء وصراخ الرافضين يتضح أننا نعاني من مشكلة وانقسام اجتماعي سببه تطرف الأطراف المشتركة في حوار الطرشان. لا أحد ينكر أن من حق المرأة أن تقود سيارتها بنفسها، وليس من حق أي أحد أن يفرض وصايته أو يحدد أولويات المجتمع وهو خارج السلطة المنوط بها ذلك. ومشكلة النساء ومن يتبنى قضيتهن أنهم يختارون الأوقات الملتهبة لطرح القضية وتصعيدها، وكأنهم يتعمدون إحراج السلطات التي ترى أن القضية اجتماعية لا علاقة لها بالتشريعات والأنظمة. أما انتفاضة التيار المتشدد بوجه الداعين لقيادة المرأة للسيارة فهي غير مقبولة ولا مؤدبة، خصوصاً بعد أن قال أحدهم بوقاحة: «إننا سننزل إلى الشارع في حال السكوت عن اللاتي سيقدن السيارات»، ما معنى النزول إلى الشارع؟ هل يريد إيهام المجتمع بأنه ومن على شاكلته حماة الاستقرار في البلاد؟! يبدو أن الدعاة الصغار قدراً أو عمراً من المتشددين اعتقدوا بأنهم يحركون الجمهور، وهذا استفزاز لا يقبله السعوديون الذين حاربوا الفتنة بعقولهم وقلوبهم وبولائهم لوطنهم وقادته الكرام. منال الشريف التي قادت سيارتها وسجنت أخطأت لاستعجالها وإعطاء ما قامت به بعداً إعلامياً يتنافى مع طريقة العرض السليمة للمطالب، ولكن لم تخطئ في قيادتها للسيارة. وأرجو أن لا تتجاهل الجهات المختصة المزايدين الذين يصرحون في وسائل الإعلام وكأنهم حماة الاستقرار في البلاد؛ لأن السعوديين ليسوا متخلفين عقلياً أو جهلة تقودهم إملاءات دعاة لا يمثلون كبار العلماء أو المشايخ المعتبرين. عن قرب: من أقوال الملك عبدالعزيز رحمه الله: «يقولون «الحرية» ويدعي البعض أنها من وضع الأوروبيين والحقيقة أن القرآن الكريم قد جاء بالحرية التامة الكافلة لحقوق الناس جميعاً». [email protected]