لعل يوسف المحيميد هو الروائي السعودي الذي يمكن أن ينطبق عليه لقب (الروائي المحترف)، ولذلك لم يكن من المفاجئ أن يفوز بجائزة أبي القاسم الشابي للرواية العربية، في دورتها الحالية، عن روايته المتميزة: (الحمام لا يطير في بريدة) بعد أن صدرت مؤخرا طبعتها للرابعة، وتجري ترجمتها للغتين الإنجليزية والفرنسية. ولم يكن مفاجئا أيضا حين أكدت لجنة التحكيم، على أن هذه الرواية فازت بالجائزة، لتوفر مستويات اللغة والسرد وإمكانات الحوار فيها، إضافة إلى تداخل الأجناس الأدبية، والمعمار الروائي الفريد، بجانب جرأتها الأدبية على المستوى الاجتماعي والسياسي. منذ (لغط موتى 2002)، و(فخاخ الرائحة 2003)، و(القارورة 2004)، و(نزهة الدلفين 2006)، وهو يسلك مسارا صاعدا في كتابة الرواية، ويطور من أدواته، ويعرف بذكاء كيف يقتنص المضامين، ويختار زوايا النظر، ويكتب بأسلوب جذاب، لا تطغى فيه اللغة على السرد، بقدر ما تخدمه، واتذكر أنني دونت عنه في كتاب (الطفرة الروائية)، ميله إلى اللغة الوسطى بين الفصحى والمحكية، مع الحرص على تجنب الأخطاء اللغوية والأسلوبية، ودقة التعبيرات، بعد أن انتقل بالسرد الروائي من محاولة معرفة ماهية (صورة) المجتمع إلى كيفية ترابط أجزائه، والعلاقة بين هذه الأجزاء، وكيفية عملها مجتمعة، مما جعل أسلوبه يتميز بالسلاسة، والبعد عن استعراض المهارات اللغوية، والتهويمات الشاعرية، فالمسألة ليست رقصا ولا بكاء، في المآل النهائي. عموما لن تكون هذه الجائزة إن شاء الله تعالى إلا مقدمة لجوائز أخرى، نفتخر بها جميعا مع المبدع يوسف المحيميد، الذي لا زلنا ننتظر منه الكثير.