ضمن سلسلة الحوارات التلفزيونية التي أصدرها الدكتور عبدالرحمن الشبيلي، تضمن الإصدار الخامس للسلسلة حوارا تلفزيونيا مع الشاعر والأديب والمؤرخ الراحل عبدالله بن خميس، والذي يعد علما بارزا من مثقفي ومؤرخي المملكة، ومرجعا مهما من مراجع التاريخ الوطني، وممن تم تكريمهم في عدة مناسبات من أعلى المستويات. وتنوعت مادة هذا الحوار، والذي نشر في كتاب توثيقا لمادته وتأكيدا على أهميته، بين السياسة، الأدب، اللغة، التأريخ، الجغرافيا، الفقه، الاجتماع، والمسؤوليات الإدارية العليا في الدولة، حيث افتتح المؤلف كتابه بمقدمة بين فيها أنه سجل هذا الحوار تلفازيا في السبعينيات، ولأهمية ما تضمنه من معلومات وحقائق في مختلف جوانب الحياة جرى توثيقه ونشره. واستعرض المؤلف نص الحوار التلفازي مع عبدالله بن خميس من دون تدخل في النص، حيث اكتفى بالشرح والتعليق بين قوسين لما يحتاج لذلك، نظرا لبعد العهد أو لضرورة تدعو له. وتضمن الحوار شيئا عن أسرة الضيف تاريخيا، وعن وادي حنيفة، إقليم اليمامة، طويق والعارض، وعرج الحديث إلى كشف كنه العلاقة بين طسم وجديس، ثم التعريف بمنفوحة التي ولد فيها الشاعر الفحل الأعشى، ليتحدث الضيف بعد ذلك عن بعض الأسر من العارض، وحملة الراية السعودية، وليتوقف عند الحديث عن بعض الأعلام في التاريخ الوطني، مثل الملك عبدالعزيز، عثمان المضايفي، آل سويلم، آل عريعر، عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ، الأمير محمد بن عبدالعزيز، ومحمد بن هندي، وليلقي الضوء على بعض الأحداث المهمة تاريخيا واجتماعيا، مثل معركة أم العصافير، وحرب الدرعية، وبداية التعليم في مدينة الرياض، مستطردا إلى الكلام عن مدينة الرياض القديمة، حتى استطاع الدكتور الشبيلي بشيء من الفطنة أن يغترف من الضيف حديثا شيقا عن الشعر الشعبي (النبطي) وموقفه منه، ثم التعرف على شاعرية ابن خميس نفسه. ويعود الدكتور الشبيلي مرة أخرى فينشط ذاكرة الضيف عن قصة أهل (هل) العوجاء، والعرضة النجدية (السعودية فيما بعد)، وفي نهاية الكتاب تحدث الدكتور الشبيلي عن الجهود الإعلامية لعبدالله بن خميس، مشيرا إلى أن المنطقة الوسطى تدين بكثير من الفضل في مجال الصحافة والطباعة للشيخين حمد الجاسر، الذي أسس وأصدر مجلة «اليمامة» التي صدر عددها الأول عام 1372ه، حتى أصبحت فيما بعد مؤسسة اليمامة الصحفية، وعبدالله بن خميس الذي أسس وأصدر مجلة «الجزيرة» التي صدر عددها الأول عام 1960 حتى أصبحت فيما بعد مؤسسة الجزيرة للصحافة والنشر. وبعد أن استعرض المسار التاريخي لهاتين المطبوعتين، أوضح الدكتور الشبيلي أهم ملامح الجهود الإعلامية لعبدالله بن خميس وحصرها في سبعة عناصر، العنصر الأول: كتاباته المبكرة في الجريدة الرسمية «أم القرى»، وفي جريدة «البلاد» السعودية أواخر الستينيات الهجرية، وفي مجلة «اليمامة» بعد تأسيسها، كما نشرت له مقالات وقصائد في مجلات وصحف سعودية أخرى، العنصر الثاني: تجربة ابن خميس في الكتابة من خلال مجلة «هجر» في الأحساء، والتي كان يصدرها المعهد العلمي في الأحساء، ويشرف عليها مدير المعهد، الذي هو ابن خميس نفسه، وذلك قبل صدور مجلة «الجزيرة» بثلاث سنوات، العنصر الثالث: إصداره مجلة أدبية تاريخية ثقافية، فبعد أن استقر في الرياض عين مديرا لكليتي الشريعة واللغة العربية، ثم مديرا عاما لرئاسة القضاء، فعاوده الحنين إلى حلمه القديم بإصدار مجلة ثقافية تاريخية أدبية، فأصدر من دارته في شارع الخزان بالرياض مجلة «الجزيرة». العنصر الرابع: عضوية ابن خميس في المجلس الأعلى للإعلام في المملكة، كانت منذ أن شكل بهذا الاسم، حتى قدم اعتذارا عن عدم الاستمرار بسبب ظروفه الصحية، وكان للشيخ ابن خميس جهود واضحة في رسم مشروع السياسة الإعلامية السعودية التي أقرت 1982م، العنصر الخامس: أحاديثه الإذاعية والتلفازية، حيث ارتبط ابن خميس ببعض البرامج المتميزة التي تستقطب كثيرا من المستمعين والمشاهدين نظرا لقوة مادتها، وما فيها من تشويق وجاذبية، ولأنها مبنية أساسا على التواصل مع الجمهور مباشرة، ويعد برنامجه الشهير (من القائل؟) مثالا على نجاح ابن خميس إعلاميا، ولذا فقد طبعت مادة هذا البرنامج في كتاب من أربعة مجلدات، تزيد صفحاته على 2500 صفحة، كما جرى إعداده للبيع بتسجيلات بصوته، العنصر السادس: إنشاؤه مطابع الفرزدق عام 1977م، حين أخذ على عاتقه طباعة مؤلفاته ومؤلفات الشباب تشجيعا لهم على النشر، العنصر السابع: كتاباته ومؤلفاته نثرا وشعرا وتأليفا، حيث بلغت الكتب التي ألفها 24 عنوانا، يتكون بعضها من عدة أجزاء، وبعضها في موضوعات تخصصية تعد مرجعا علميا للباحثين والمؤرخين لجزالتها، وما بذل فيها من جهد، فمثلا كتبه (تاريخ اليمامة) المكون من سبعة أجزاء، و(معجم جبال الجزيرة) المكون من خمسة أجزاء، و(معجم أودية الجزيرة) المكون من جزءين، لا يكاد يستغني عنها باحث في تاريخ وجغرافية المملكة.