حولت قوى العمل داخل نطاق المنطقة المركزية في مكةالمكرمة الكثافة والازدحام إلى مناطق جديدة خلقتها هذه المشاريع لتصبح منطقة مركزية أولى وثانية وثالثة في الوقت الذي تزداد فيه أعمال التطوير داخل المركزية الأولى المتحولة إلى ورشة عمل تسابق الزمن في تنفيذ هذه المشاريع التطويرية مع استمرار تفاقم أزمة السير كلما زاد توسع المنطقة المركزية. ولا تزال الحلول البسيطة لفك الاختناقات المرورية في مكةالمكرمة خجولة إذ لم تستطع إنهاء معاناة قاطني العاصمة المقدسة وتحولت المشكلة من موسمية إلى دائمة إذ أصبحت سيناريو على المكيين أن يعايشوه ويتأقلموا معه. سعيد الجعر أحد سكان المنطقة المركزية ذكر أنه يعمد في حال تفاقم أزمة الحركة المرورية في العاصمة المقدسة بشكل عام والمنطقة المركزية بشكل خاص إلى إيجاد حلول فردية يستطيع من خلالها ممارسة مهماته اليومية دون حدوث مشاكل على مستوى العمل والمنزل ومنها ركوب الدراجات النارية في الوقت الذي تسجل فيه طرق النقل المختلفة في مكة حالة الفشل في مواجهة الازدحام. ويشير صالح الشغاغة من سكان بطحاء قريش إلى أن اتساع رقعة المنطقة المركزية شكلت زحفا هائلا على المناطق المجاورة لها ما أربك الحركة المرورية وزاد من تكدس المركبات. ويضيف طلال الكناني: الأجدر بالجهات المسؤولة عن النقل والتخطيط في مكة الاطلاع على حقيقة مستقبل المنطقة التي تشهد في كل عام كثافة من معتمرين وزوار وخاصة في المواسم وتنبي على ذلك المشاريع الجديدة. ونبه إبراهيم غرم الله من سكان حي الرصيفة إلى عنصر الهجرة المتزايدة من قبل سكان الهجر والمحافظات المجاورة إلى مكة بدافع التعليم أو الوظيفة أو غير ذلك من المسببات، وقال «على الجهات ذات العلاقة التنبه إلى هذا الخطر الكبير والبدء في دراسة أوضاع الهجرة من القرى إلى المدينة والتي تعطل من حركة لتنمية التوسعية وتوفير القدر الممكن من المسببات التي يمكن أن تجعل سكان القرى يعدلون عن فكرة الهجرة». وأوضح رئيس اللجنة العقارية في الغرفة التجارية الصناعية في مكةالمكرمة منصور أبو رياش أن ما تشهده المنطقة المركزية في الوقت الراهن من مشروعات تطويرية مهمة ستنعكس بدورها في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والجغرافية على مكة بأكملها، إذ أن المشروعات المنفذة حاليا ممثلة في تطوير جبل عمر وتطوير الساحات الشمالية للحرم المكي وجبل خندمة وكذلك أجياد المصافي وغيرها من المشروعات ساهمت في نقل الحركة السكانية والاقتصادية للمنطقة المركزية إلى مناطق جديدة مجاورة لها ليصبح لدينا مركزية ثانية محددة بالدائري الثاني وفي ظل التوسعات وزيادة المشروعات جاءت المركزية الثالثة المحددة بالدائري الثالث. وبين أبو رياش أن النقلات لم تمثل أي جوانب سلبية وذلك لحاجة المركزية القديمة إلى التفتيت لتقليل الكثافة داخلها وأن تصبح المنطقة الأكثر تنظيما لأهمية وجود الحرم المكي فيها وتضطلع هذه المهمة بفريق التخطيط في الجهات المسؤولة عن حركة النقل والسير في مكةالمكرمة، حيث أن وسائل النقل الحديثة سواء القطارات أو طريقة النقل الترددي هي الأقدر على توزيع الكثافة السكانية وحركة الازدحام على جميع أحياء مكةالمكرمة. وأشار رئيس اللجنة العقارية إلى ضرورة إيجاد الحوافز الاستثمارية خارج المنطقة المركزية وذلك لتكون الدافع نحو تهيئة مناطق استثمارية جديدة ومنع حصرها داخل نطاق المركزية، مؤكدا أن هناك دراسات جديدة تطويرية وشاملة لكافة أحياء مكة يشرف عليها خبراء هيئة تطوير مكة والمشاعر المقدسة وعلى الهيئة أن تسارع لإخراج هذه الدراسات إلى حيز الوجود. من جهته أوضح أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة البار أن أزمة النقل الحالية في مكة والتي تكثر غالبا في المواسم ستكون من الماضي بعد أن تستكمل جميع المشروعات مثل إنشاء مجموعة من شبكات النقل عبر السكك الحديدية. وأضاف البار أنه يجري حالياً تنفيذ مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتوسعة المسجد الحرام (جهة الشامية) لتصل سعته الإجمالية إلى 1.6 مليون مصل، والذين لا يمكن إسكانهم جميعهم في المنطقة المركزية ضمن مسافة مشي مقبولة. وهذا يشير إلى الحاجة إلى تطوير مجمعات سكنية خارج المنطقة المركزية مع توفير سهولة الوصول منها إلى المسجد الحرام من خلال نظام نقل عالي السعة (بالقطارات). وأبان الدكتور البار أن التقديرات تشير إلى ضرورة أن يتمكن نظام النقل في المنطقة المركزية من تلبية أعلى تدفق في ساعة الذروة، المتمثل في خروج حوالي 1.1 مليون مصل من المسجد الحرام بعد انقضاء صلاة التراويح خلال شهر رمضان . وبين أمين العاصمة المقدسة أن الزحام الشديد الذي تعاني منه المنطقة المركزية يحتاج إلى معالجة شاملة لتوفير بيئة مناسبة للمشي من وإلى المسجد الحرام مع المحافظة على روحانية المكان وهذا يؤكد على الحاجة إلى توفير نظام نقل عام عالي الجودة لخدمة المنشآت القائمة والمشاريع التطويرية الجديدة في المنطقة المركزية، وعلى وجه الخصوص لتسهيل وصول سكان مكة والحجاج والمعتمرين الذين يسكنون خارج المنطقة المركزية إلى المسجد الحرام. وقال أمين العاصمة المقدسة أنه يجري حالياً تنفيذ مشروعين هامين للسكك الحديدية على أطراف مكةالمكرمة، أحدهما قطار الحرمين السريع (القادم من المدينةوجدة) والذي تقع محطته في الجهة الغربية من مكة، والآخر هو قطار المشاعر المقدسة، والذي ينتهي عند محطة الجمرات شرقاً، فإن ربط هذين القطارين مروراً بالمسجد الحرام أصبح أمراً ملحاً وإدراكاً من شركة البلد الأمين للتنمية والتطوير العمراني (شركة مملوكة بالكامل لأمانة العاصمة المقدسة) إلى أن تسهيل نقل الحجاج والمعتمرين داخل مدينة مكةالمكرمة هي مسألة ملحة وبقوة، فقد انتهت الشركة مؤخراً من الدراسة الفنية لإنشاء شبكة للنقل العام بالقطارات (مترو) في مكةالمكرمة لخدمة الحجاج والمعتمرين، وأيضاً لخدمة قاطني المدينة. هذه الدراسة ستكون حجر الزاوية في توفير شبكة كافية للنقل العام لمكةالمكرمة على مدار العام. من جهته أوضح الناطق الإعلامي لإدارة مرور العاصمة المقدسة الرائد عبدالمحس الميمان أن قضية الازدحام المروري الذي تشهده مكةالمكرمة وكافة منافذها ومنطقتها المركزية بالتحديد لم تغفل عن دراسات الإدارة التي توصلت مع بقية الجهات ذات العلاقة إلى وضع الحلول على مستويين القريب والبعيد وذلك بطرح طرق النقل الترددي حاليا إلى أن يتم إنجاز مشروعات نقل القطارات المعلن عنها من قبل وزارة الشؤون البلدية والقروية إضافة إلى النقلة النوعية التي ستصبح عليه المنطقة المركزية في مكةالمكرمة بعد إزالة عدد من الأحياء العشوائية لصالح المشروعات التطويرية مما أسهم في تنظيم الحركة وتوسعة الطرق بشكل قلل من أزمة الاختناقات، إضافة إلى وجود الطرق الدائرية التي ينجز البعض منها حاليا والتي تخترق جميع الأحياء الأكثر كثافة في مكةالمكرمة وتوزعها بشكل منتظم.