في قمة أصحاب الفضل علي، يأتي أستاذي الجليل الأديب الكبير عبدالله عبدالجبار، درست على يديه في الثانوية في مدرسة تحضير البعثات، كان أستاذا متميزا يختلف عن غيره من الأساتذة، واستكمالا لذلك الدور المتميز أنشأ جمعية أدبية سماها «جمعية المسامرات الأدبية»، وجعل أستاذنا المرحوم السيد حسين فطاني لرئاستها، ولكنه كان يحضرها كل يوم خميس، وتفضل وجعلني سكرتيرا لتلك الجمعية، وكان يراقب أداء كل طالب ثم يستدعيه فيما بعد ليناقشه وينصحه، وكان من حسن حظي أنه شملني برعاية خاصة بعد أن ابتعثت إلى مصر للدراسة الجامعية وجاء لمراقبة الطلبة المبتعثين، كنت أزوره في سكنه بل كنت أطبخ له طعامه، وكنت أحضر جميع الندوات والمحاضرات الأدبية التي كانت في القاهرة تكتظ بها للقمم من الأدباء أمثال: الشريف عبدالله فراج ومحمد سعيد طيب، وجدوا شيئا من تلك الكتابات محفوظة عنده ويذيلها بقلمه بأنها جاءت من التلميذ أحمد زكي يماني. واستمرت صلتي بزعيم الأدب في الحجاز، ولو شئت أن استرسل في كتابتي عنه لملأت صفحات كثيرة ولكان ما تميز به من خلق وإباء وشمم صورة نادرة غير معروفة في مجتمعنا. سمعت بخبر وفاته فذرفت دمعة للفاجعة، وآلمني أني خارج وطني، إذ كنت أقول لنفسي دائما أني سأقف مع أهله الذين يتلقون العزاء فيه، فأنا ابن من أبنائه رباني وعلمني فكان أبا روحيا وأبوة الروح لا تقل عن أبوة النفس. أحمد زكي يماني