«هيئة الطرق»: مطبات السرعة على الطرق الرئيسية محظورة    هل اقتربت المواجهة بين روسيا و«الناتو»؟    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    أرصدة مشبوهة !    حلول ذكية لأزمة المواقف    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    فعل لا رد فعل    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    خبر سار للهلال بشأن سالم الدوسري    حالة مطرية على مناطق المملكة اعتباراً من يوم غدٍ الجمعة    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    عسير: إحباط تهريب (26) كغم من مادة الحشيش المخدر و (29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    أمير القصيم يستقبل عدد من أعضاء مجلس الشورى ومنسوبي المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذئاب يتحرشون.. نساء ضحايا ومتهمات

يعرف التحرش بأنه كل سلوك غير لائق له طبيعة جنسية يضايق المرأة أو يعطيها إحساسا بعدم الأمان، ويتضمن مجموعة من الأفعال من الانتهاكات البسيطة إلى المضايقات الجادة التي من الممكن أن تتضمن التلفظ بتلميحات جنسية أو إباحية، وصولا إلى النشاطات الجنسية.
ومن وجهة النظر الاجتماعية يتخذ التحرش عدة صور، إما لفظيا أو التحرش جسديا أو بالإشارة، وأحيانا يظهر بصورة فاحشة، ليصل لحد الإزعاج للطرف الآخر، فيما يحدث التحرش بالنساء بعدة طرق إما بالكلام أو بالفعل أو بمتابعة المرأة من مكان لآخر. ولم يعد التحرش من القضايا المسكوت عنها فهو يزداد في الشارع وفي الأماكن التي يختلط فيها الرجال بالنساء كالأسواق وأماكن العمل المغلقة، حيث تم رصد حالات عديدة للتحرش من سائقي الباصات والأجرة العامة الذين يتولون نقل الفتيات والنساء، والشباب الذين يتسكعون في المراكز والأسواق التجارية، كما أن المواسم والإجازات هي من أكثر الفترات التي تكثر فيها مشاكل التحرش خاصة في المراكز التجارية والأماكن العامة والمتنزهات التي تكثر فيها الأسر.
البعض ينحي باللائمة على الفتيات بأنهن سبب ارتفاع حالات التحرش بسبب تفريطهن في الحجاب، مما يدفع بعض الشباب إلى ملاحقتهن والتحرش بهن، فيما يرجع البعض الآخر زيادة حالات التحرش إلى الوعي المجتمعي؛ لأن هذه الحالات كانت في السابق لا تعلن خوفا من «الفضيحة والعار»، فضلا عن الانفتاح التكنولوجي من خلال الإنترنت والقنوات الفضائية، مما ساهم أيضا في ظهور مثل هذه الحالات. وأجمعت الدراسات الاجتماعية التي أجريت لبحث السلوك العام للمجتمعات على خطورة التحرش الجنسي وأثاره المأساوية في حياة الفرد وسلوكياته كما أكدت نتائجها البحثية على اعتبار هذه الظاهرة من أشد الآفات التي تواجهها وحدة النسيج الاجتماعي وأقواها فتكا في خلخلة المجتمعات وتدميرها في العصر الحالي إذا لم يتم الانتباه لها عاجلا ومواجهاتها من خلال إنشاء مؤسسات اجتماعية تعنى بدراسة أسباب التحرش حسب السمات الخاصة لكل مجتمع بالطرق العلمية التي تمكن من تصحيح السلوك الشخصي للفرد، وصولا لبناء مجتمع صحيح أخلاقيا، كما رأت الدراسات ضرورة إدراج مواد متخصصة ضمن المناهج التعليمية في مختلف المراحل تحديدا الابتدائية لمعالجة جوانب الجهل في مشكلات التحرش لدى الأطفال لتحفيزهم على امتلاك القوة التي تعينهم على اللجوء في حال تعرضهم لهذا الداء لمن يساعدهم إذا ما دعت الحاجة.
وزارة الصحة من جانبها سجلت عددا من واقعات التحرش ضد ممرضات وطبيبات في المستشفيات والمستوصفات والمراكز التابعة لها، وقد تم التعامل معها بإحالتها للجهات المعنية في التحقيق والإدعاء العام والشرطة، ومن بين الحالات التي تم ضبطها محاولات للتحرش عن طريق استخدام أجهزة المحمول بإرسال رسائل مصورة ومقاطع خليعة للعاملات تحت ستار الغزل، فيما تم الكشف عن البعض الآخر من خلال متابعة سلوكيات بعض المراجعين من فئة الشباب. وكانت الباحثة في الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان الاختصاصية أمل الدوخي، قد كشفت عن تعرض 40 في المائة من الفتيات للتحرش الجنسي في عمر أقل من 18 عاما، مطالبة أهمية الخروج من دائرة العيب والخوف من الفضيحة وفي نفس الوقت مواجهة الأمر وعلاجه.
«عكاظ» رصدت بعض حالات التحرشات، حيث تروي الدكتورة ر . ب أخصائية أسنان في تبوك، قصة تعرضت لها قبل فترة وقالت: فيما كنت أعالج أسنان أحد المراهقين، لاحظت عليه بعض السلوكيات التي جعلتني أحيله إلى الطبيب النفسي، وبعد عدة جلسات اتضح أنه مريض نفسي وكان في حاجة إلى تدخل طبي.
أما الممرضة في المدينة المنورة، مها، فقد أشارت إلى تعرضها وتعرض بقية زميلاتها من الممرضات في بعض الأحيان إلى بعض المضايقات من قلة من المراجعين، ويلجأن إلى الإدارة التي تتدخل وبقوة، لكنها في نفس الوقت تشير إلى أن جميع العاملين في المرافق الصحية ينظرون إلى بعضهم ذكورا وإناثا أنهم إخوة وأنهم يبادلون بعضهم البعض الاحترام والتقدير.
معلمة الفنية
وتقول معلمة التربية الفنية في جدة، إنها تعمل في المجال التعليمي منذ خمسة أعوام، وكغيرها من النساء قد تتعرض في بعض الأحيان إلى عنف من بعض الآباء من خلال تلفظهم بألفاظ غير مقبولة نتيجة عدم رضاهم عن نتائج بناتهم في المدرسة، لكن ما يثلج صدورهن تلقيهن عبارات الشكر من بعض أولياء الأمور حتى أنها تتلقى أحيانا خطابات شكر من بعض الآباء أو تأتي أم لتشكرها على مجهودها تجاه تعليم ابنتها، وهذا ينسيها ما تتلقاه بين الحين والآخر من عنف تصفه أنه أحد أنواع التحرش.
سائق الأجرة
وتضيف زميلتها معلمة اللغة الإنجليزية سارة في جدة، أن ظروفها تجبرها في بعض الأحيان على استخدام سيارة أجرة، كونها تعيش في أسرة كلهن من البنات ولا يوجد لديهن سائق خاص، وتقول: ذات مرة ركبت سيارة أجرة بغرض الذهاب إلى السوق، ونتيجة هدوء السائق في قيادته وحرصه أثناء سيره، طلبت منه رقم هاتفه حتى اتصل به كلما احتجت إلى مشوار، وبعد عشرة أيام تفاجأت برنين جوالي في منتصف الليل، وإذا المتصل سائق الأجرة، يقول أنه معجب بي ويطلب مني أن أصبح صديقة له، وأغلقت الهاتف في وجهه ومع تكرار اتصالاته، اضطرت إلى تغيير رقم جوالي وإلى إخبار خالها الذي هدد سائق الأجرة أن لم يبتعد عني سيبرحه ضربا وسيبلغ عنه الجهات الأمنية، ومن يومها امتنعت من إعطاء رقم جوالي لأي سائق خشية أن تتكرر مشكلتي.
إغلاق الهاتف
وتتذكر سعاد موظفة في أحد القطاعات الخاصة، كيف نجت من مصيبة كادت على حد وصفها أن تقضي على كل مستقبلها، حيث قالت: عملي يتطلب مني الاتصال بالعملاء هاتفيا وتقديم منتجات الشركة حتى يسارعوا في اقتنائها وذات مرة اتصلت بأحدهم وفيما كنت أعرض عليه خدمات الشركة التي أعمل فيها طلب مني أن التقي به خاصة أنه عرض شراء كميات كبيرة من منتوجات الشركة وأغراني طمعي في الحصول على العمولة، ولأول مرة أفقد فيها وعي واعرض منتوجات شركتنا خارج نطاق الهاتف، لكن حال وصولي إلى الموقع أوجست خيفة خاصة أن الشارع كان خاليا من المارة وفي مكان منزو وعلى الفور طلبت من السائق العودة بي من حيث أتيت، وما هي إلا لحظات حتى تلقيت اتصالا منه يستفسر عن سر تأخري، وأخبرته أن بإمكانه إرسال مندوبة من عنده إلى شركتنا لكنه أغلق الهاتف في وجهي وبعد يومين اتصل بي معتذرا وطلب مقابلتي؛ لأنه معجب بي ووجدتها فرصة فأغلقت الهاتف في وجهه.
تصرف متهور
وتقول: سمية من أبها، فيما كنت أجلس في سيارتنا إذ بأحد الشباب المتهور يميل بسيارته ويجبر السائق على إيقاف السيارة وينزل منها ويكتب رقم جواله على زجاج السيارة ثم ركب سيارته وانطلق.
رعب وضرب
وتضيف فوزية في جازان، قائلة: فيما كنت أسير على قدمي متوجهة إلى منزل أحد أقاربي الذي لا يبعد عن مسكننا إلا دقائق، إذ بشاب يقترب مني ويحاول أن يتحدث معي ويعرف رقم هاتفي، حينها ارتجف جسمي وتملكني الخوف والرعب ولازمني حتى رأيت ابن عمي، حينها رفعت صوتي على ذلك الشاب الذي اعتقد أنه تلقى في ذلك اليوم ضربا لم يتلقاه في عمره ولم يفكه من تلك اللكمات إلا تدخل المارة وكاد أن يذهب به إلى الشرطة لولا تدخل أحد كبار السن الذي تعرف على الشاب وطلب مسامحته في مقابل أن يخبر والده بتصرفه، وفي المساء جاء والد الشاب إلى بيتنا والتقى بوالدي واعتذر منه عن تصرفات ابنه المرفوضة والتي لا يقبلها بتاتا.
تقول أماني موظفة في مستوصف في تبوك، «لم يسبق أن تعرضت لأي أذى ولم أسمع عن أي شكوى من أي زميلة وفي حال تعرضي لأي مضايقات سأواجه الأمر ولن التزم الصمت.
الالتزام بالحشمة
وفي نفس السياق تضيف زميلتها أشواق، الإدارة تحرص على أن تلتزم كل واحدة منا الاحتشام الكامل ومنع التبرج لتفويت أي فرصة لأي ضيف قد تسول له نفسه الإقدام على أي تصرف مشين.
دور الآباء
أم أحمد في جدة، قالت رغم أنني أنكر تصرفات بعض الشباب الذين لا يحترمون أنفسهم أولا ولا يحترمون النساء سواء كن في الأسواق أو في أي مكان، أجد في بعض الأحيان أنهن سبب في تعرضهن للتحرش والأذى نتيجة لبسهن وتصرفاتهن وحتى مشيتهن، وهنا يأتي دور الأب والأم في متابعة بناتهن وأيضا دور الزوج في عدم السماح لزوجته بالخروج من المنزل وهي في كامل زينتها وبروائحها النفاثة.
وتقول منى في أبها، أن من يقوم بهذه التصرفات الشاذة هومعتل نفسي وتجب معالجته وعقابه ليكون عظة لغيره.
أما سعود من المدينة المنورة، فقد اعتبر اختلاء الرجل بالمرأة في أي موقف هي من الأمور التي قد تتسبب في حدوث مضايقات ليس للمرأة فقط وإنما حتى للرجل فالتحرش ليس فقط يحدث من الرجل للمرأة ففي بعض الأحيان قد يتعرض الرجل للتحرش من المرأة تحت أي ظرف.
التعرض للعنف
إلى ذلك أكدت الباحثة في العلوم الصحية في تبوك فوزية المولد أن الدراسات التي عملت في المملكة في 2010 تحت عنوان «تقييم مدى انتشار العنف في المستشفيات السعودية ضد الممرضين / الممرضات» أظهرت أن ما يقارب من نصف العينة التي شاركت في الدراسة (47.2 في المائة) قد تعرضوا بشكل أو آخر للعنف في مكان العمل سواء لفظي أو نفسي أو جسماني.
الترسبات النفسية
وفي المقابل بينت معيضة الغامدي المحاضر في الكلية الصحية للبنات في جامعة تبوك، أن العنف بأنواعه سواء كان لفظي أو نفسي أو جسماني (جنسي) يشكل خطرا كبيرا على المجتمع، فضلا عن الترسبات النفسية التي بدورها تؤثر على الفرد.
قاتل للقيم
أما الاختصاصي الاجتماعي، الدكتور عبد الرحمن الزهراني فقد وصف التحرش الجنسي بالداء القاتل للقيم الأخلاقية والبناء المجتمعي، مرجعا أهم الأسباب المؤدية لهذه المشكلة السلوكية إلى ضعف الوازع الديني وتدني أدوات الضبط الاجتماعي والثورة المعلوماتية التي سهلت الإطلاع على المشاهد السيئة في أي وقت، مضيفا أن الاقتراب من الأبناء ومشاركتهم في همومهم ومشكلاتهم منذ سن مبكرة يعد من أهم المراحل الأولية لضمان عدم الوقوع في هذا الخلل السلوكي، بشرط أن يكون المنطلق الأول في التعامل معايشة تطلعاتهم لكسب ثقتهم مع الابتعاد عن الأسلوب السلطوي، لافتا أن الدين الإسلامي كان رائدا في إيجاد الوسائل الاحترازية التي بإمكاننا من خلال تطبيقها تكوين جيل سليم من الناحية السلوكية، حيث نصت الأحاديث النبوية على الطريقة المثلى لتعليم الأطفال مكانة الصلاة ومحاسبتهم في سن العاشرة وإلى ضرورة التفريق بين الأبناء في المضاجع، مؤكدا على أهمية العمل منذ وقت مبكر في إيجاد أسلوب يضمن سهولة الاتصال بين البنت ووالدتها والابن وأبيه وصولا إلى الدرجة التي يمكن فيها كسب الثقة بما يضمن عدم إخفاء الأبناء لأي مشكلة مهما كانت عن آبائهم اضطراب عقلي
وفي المقابل يرى أخصائي اجتماعي في عسير، الدكتور محّمد الماوي، أنّ مرتكب مثل هذه السلوكيات يعاني من بعض الاضطراب العقلي وقد يكون قد فشل في النجاح في مواصلة علاقته العاطفية الناضجة، ولذلك فهو يجد متعة في البحث عن تلك العلاقة بعيدا عن علاقته المباحة، لافتا أن هناك عوامل نفسية واجتماعية وبيئية قد تؤدي إلى ظهور مثل هذه السلوكيات الشاذة، نافيا أن يكون هناك برامج متكاملة حتى الآن لعلاج المتحرّش من سلوكه المشين.
تحرشات لفظية
فيما تؤكد الإخصائية الاجتماعية في صحة جازان نوره السلمي، أن هناك حالات تحرش تحصل في جميع الأماكن وليست في الأماكن المغلقة وهي عادة ما تكون تحرشات لفظية أو حسية بحسب الموقف والمكان.
وفي أبلغ شهادة من نوعها تؤكد الدكتورة خديجة محمد الصغير أخصائية أطفال وطبيبة مساعدة في قسم الطوارئ في مستشفى الملك خالد في تبوك، أن المرأة هي من تستطيع تجنب وقوع مثل هذه المشكلات، وذلك بالحفاظ على الزي المحتشم وعدم التبرج المبالغ فيه؛ لأن القوانين هنا تحمي المرأة وتحافظ على حقوقها كاملة وعلى العكس مما شاهدته في مستشفيات فرنسا وأمريكا، حيث عملت هناك لعدت سنوات فكثير من الممارسات والتجاوزات التي تخدش وتهين كرامة العاملات تحدث في غياب القوانين التي تحميهن.
ثقافة المجتمع
وشددت الباحثة الاجتماعية في تبوك مها محي الدين بخاري، على ضرورة نشر ثقافة الوعي المجتمعي لتبيان المخاطر المترتبة على تلك التصرفات المحرمة شرعا، وتشديد الرقابة على تصرفات الأبناء وزرع الوازع الديني في قلوبهم مع أهمية أن تكون تصرفات الأب والأم تصرفات سليمة حتى يقتدى بها أبناؤهم.
الوازع الديني
وفي إطار الحلول المقترحة للتصدي لمشكلة التحرش يعود الدكتور علي القرني ليؤكد، أن الوازع الديني من أقوى الأسلحة التي يمكن بواسطتها مواجهة ظاهرة التحرش، فعندما تنشئ الأسرة أبناءها على مكانة الفضيلة ومحاربة الرذيلة بدءا من غض البصر والابتعاد عن رفقة السوء، واعتبار أن الجميع في المجتمع إخوة وأخوات لنا لا يجوز الإساءة لهم بالقول والعمل، نستطيع غرس اللبنة الأولى لبناء شخصية قوية أخلاقيا، لافتا أنه لابد من الانتباه لوسائل الإعلام والطفرة المعلوماتية التي يشهدها العالم من خلال كثرة أعداد القنوات الفضائية، كما يجب أن تؤدي الحكومات دورها في مكافحة القنوات السيئة وإيجاد وسائل صد تمكن من إيقاف الهجمة التغريبية، مشددا على أهمية معاقبة المخالفين ومرتكبي جريمة التحرش، والرجوع إلى ما ورد في الكتاب والسنة في هذا الخصوص، لافتا إلى أهمية الإسراع في محاربة المواقع الإباحية وخصوصا في الشبكة العنكبوتية والأخذ بزمام المبادرة بإطلاق حملة مضادة في جميع الوسائل المعلوماتية والإعلامية لمحاربة الغزو الفكري الذي يعتبر العامل الرئيس لظهور آفة التحرش الجنسي.
سرية التعامل
وبينت معيضة الغامدي المحاضر في الكلية الصحية للبنات في جامعة تبوك، أن التعامل مع مثل هذه المشكلات يبدأ بنشر الوعي بين أفراد المجتمع عن هذه الظاهرة، ومعاقبة كل من يمارس هذا العنف، وفي نفس الوقت تنصح جميع من يتعرضن لأي مضايقات لابد أن يخبر بها الأهل في البيت والمسؤولين في العمل حتى يتدخلوا ويعالجوا الأمر.
ضحيّة التحرّش
وأوضحت الأخصائية النفسية في عسير سلمى برهان، أن ضحية التحرش يحتاج إلى وقت كبير لكي ينسى ما حدث له حيث يظهر عليه بعض الاضطرابات مثل الشعور المبالغ عليه في الخوف وتجتاحه أحيانا صور ذهنية تصور له أنه ضحية عنف أو هجوم جنسي، منوهة أن من أبرز مراحل العلاج النفسي لمثل تلك الحالات هو استمرار ضحية التحرش في بناء حياته ومستقبله، إضافة إلى الدعم النفسي والاجتماعي من أسرته والمجتمع المحيط به.
عقوبات رادعة
ويقر مدير مستشفى بيش العام علي وافي، عن تعرض بعض العاملات في المستشفى لبعض المضايقات من قبل زملائهم أو من قبل المراجعين والتي ما أن يتلقوا أي معلومات عنها يتدخلون ويعاقبون مرتكب ذلك التصرف المرفوض اجتماعيا وقانونيا.
الاختلاء بالمريضات
الناطق الرسمي للشؤون الصحية في منطقة عسير سعيد النقير قال: شددت وزارة الصحة في عدد من التعاميم على كافة القطاعات الطبية بمنع الأطباء والممرضين من الاختلاء بالمريضات أثناء الكشف عليهن، والسماح لمحارمهن بالحضور أثناء عملية الكشف، وشددت الوزارة على ضرورة تواجد الممرضة عند كشف الأطباء على النساء ومحاسبة المتهاونين والمخالفين، وللحد من هذا التصرف فإن صحة عسير، أجرت الكثير من الإجراءات المهمة ومنها إنشاء إدارة للشؤون الدينية في كل مستشفى لإلقاء المحاضرات وتوزيع الأشرطة الدينية التي تحث على الالتزام بالوازع الديني والابتعاد عن أي تصرف غير مقبول، وتوزيع الكتيبات، إضافة إلى إعادة طباعة كتيب يحتوي على الضوابط الإدارية والإجرائية للحفاظ على عورات المرضى الذي أصدرته وزارة الصحة والذي يحتوي على كثير من التعليمات ومنها عدم الكشف على المريضة بدون محرم وعدم الكشف إلا بتواجد ممرضة والمحافظة على السرية والخصوصية، والمحافظة على ستر العورة والأجزاء الأخرى من الجسد وعدم السماح للآخرين من ممرضين أو عمال بدخول غرفة الكشف وعدم دخول الأطباء إلى أقسام تنويم النساء إلا بعد الاستئذان من هيئة التمريض، وأن تتواجد الممرضة مع الطبيب أثناء الكشف وأن تحرص على ستر عورة المريضة حسب الأصول الشرعية.
دوائر الشرطة
إلى ذلك أكد الناطق الإعلامي في شرطة المنطقة جازان النقيب عبد الله القرني، أنه ترد إلى الشرطة بلاغات تحرش، تتم مباشرتها والتحقيق فيها وإحالتها إلى المحكمة الشرعية للنظر فيها كل بحسب نوع القضية المخالفة المرتكبة.
مسؤولية الأسرة
من جهته، أعتبر مدير عام الشؤون الاجتماعية في منطقة مكة المكرمة عبدالله آل طاوي الأسرة المسؤول الأول عن سلوكيات أبنائها في أي مكان، حيث يجب على الأسر تكوين علاقة جيدة مع الأبناء تضمن الاطلاع على همومهم واحتياجاتهم لحمايتهم من الأخطار والسلوكيات التي قد تتهددهم، مشيرا أن الشؤون الاجتماعية استقبلت في العام الماضي 131 حالة طلبت الحماية الاجتماعية وقد تنوعت الشكاوى فيها بين الإيذاء الجسدي والتحرش الجنسي وتم التعامل معها عدا حالات محدودة تم الرفع بها إلى الجهات القضائية حسب الاختصاص للفصل فيها.
العادات والتقاليد
نائب رئيس النادي الأدبي في جازان محمد علي النعمي، أشار إلى أن المجتمع السعودي هو مجتمع محافظ تحكمه عادات وتقاليد، تجعل من المجتمع مجتمعا متماسكا وغيورا لا يمكن لتجاوزات بعض الأفراد أن تصل إلى درجة أذى الغير إلا بعض الحالات التي نعتبرها حالات فردية، وهي نتيجة ضعف الوازع الديني وعدم تلقي الفرد لأي رقابة من الأهل وأيضا تنشأته في ظروف وبيئة غير صحية وتأثره ببعض تصرفات البعض غير المسؤولة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.