حرك الخبر الذي أعلنت عنه وزارة العدل بتخصيص ألف وظيفة نسائية في المحاكم وكتابة العدل بدءا من عام 2012م المياه الراكدة، خصوصا في ظل المطالبات المتكررة بضرورة إشراك المرأة في قطاع القضاء؛ لكثرة القضايا الخاصة بالمرأة مثل الحضانة والنفقة والطلاق والخلع وهي أمور تحتاج فيها إلى التعامل مع المرأة. ومن ناحية أخرى فإنها تمثل فرصة لإيجاد وظائف لخريجات الجامعيات السعوديات، سواء في أقسام الشريعة والقانون وخلافها، واللواتي يقدرن بالمئات ويحتجن فرصة لإثبات ذاتهن والمساهمة في مشروع تطوير القضاء الذي سبق وأعلن عنه خادم الحرمين الشريفين. هذا إذا وضعنا في الاعتبار ووفقا لأحدث إحصائيات وزارة التعليم العالي السعودي فإن عدد الفتيات السعوديات اللاتي درسن القانون في خارج البلاد بلغ ما يقارب 15 فتاة في الفترة ما بين 2000 إلى 2005م ما يعني ارتفاع النساء اللواتي يمتلكن خلفيات قضائية وقانونية. والمعلوم أن النساء كثير ما يعانين في التعامل مع الرجال عند متابعتهم للقضايا في المحاكم وكتابات العدل، بل إن المرأة قد تحتاج لمعرف وشهود عندما تذهب للمحكمة للتأكد من شخصيتها، ووجود المرأة في المحاكم قد يسهل كثيرا على النساء في متابعة قضاياهن دون تعقيد. «عكاظ» فتحت ملف تخصيص وظائف نسائية في المحاكم وكتابات العدل، متسائلة عن مدى أهميته والفوائد التي ستجنيها المرأة من خلال وجودها كموظفة في المحاكم والرؤى المستقبلية حيال هذه الخطوة وناقشتها مع نخبة من القضاة والقانونيين والشرعيين رجالا ونساء في سياق التحقيق التالي: بداية, بين المستشار القضائي الخاص المستشار العلمي للجمعية العالمية للصحة النفسية في دول الخليج والشرق الأوسط الدكتور صالح اللحيدان «أن هذه الخطوة هي من صميم توجيهات الدولة»، مؤكدا أن طرح 1000 وظيفة أمر لافت للنظر ومعتبرا كما ثبت في سنن الدراني أن النساء شقائق الرجال، مضيفا «المرأة في الشريعة فتح الإسلام لها المجال أن تبيع وتشتري في خصوصياتها وتأمر وتنهي في خصوصياتها بما خلقه الله فيها من إمكانيات وعطاء»، مشيدا بعملهن الوظيفي الرسمي فهو منطلق جيد وبابه واسع؛ لأنه سوف يسهل القضايا الحقوقية بين النساء خاصة والأسر.. وأضاف «فيما يتعلق في بحث هذه المسائل من تقديم الآراء والاستشارات وفتح مجال الاعتبار لما يمكن أن يوصل إليه، فقد كانت عائشة رضي الله عنها وأم سلمة وميمونة بنت الحارث وكذلك حفصة كن يفتين النساء ويقدمن لهن الاستشارات»، مؤكدا على وجود أمور تحتاج المرأة فيها إلى المرأة ولأن الرجل لا يمكن أن يدخل هذا المجال، خاصة في دقائق عمل المرأة الأسري والزوجي والمالي والنفسي، مفيدا أن المرأة تحسن الاعتبار إذا وضعت الآليات المناسبة في إطار الشريعة. وبين اللحيدان أن تعيين النساء في المحاكم سوف يخفف على المحاكم وعلى القضاه في الكثير من الأمور التي تحتاج إلى طول الوقت والمرافعات والاعتراضات، ولا سيما أن كثيرا من النساء يحتجن إلى النساء في أمور كثيرة لا يعرفها إلا النساء فقط ولو عن طريق التلميح. واستدل اللحيدان على ذلك بما ثبت أيضا في كتاب الشمائل المحمدية للإمام الترمذي في معالجة هذه المسائل الخاصة بالنساء في بعض الآثار الصحيحة. وتمنى اللحيدان أن يطلع شخصيا على بعض الآليات وبعض المناحي ليشارك في وضع أسس وقواعد ما يلزم نحو تطوير العملية القضائية الانتقالية، وكذلك العملية القضائية التجديدة التي لابد منها في هذا المجال الحيوي المهم. تقديم التسهيلات وبين المستشار القانوني المحامي خالد أبو راشد أن قرار تعيين الحقوقيات في المحاكم وكتابة العدل أكثر من ممتاز؛ لأن المجتمع فئتان نساء ورجال، مشيرا إلى أن وجود العنصر النسائي مهم، لافتا إلى كثير من السيدات ليس لهن ولي أمر أو وكيل، فنجدها (المرأة) تراجع بنفسها أو توكل أشخاصا غير أمناء عليها لعدم وجود سيدات فتجد الصعوبة والعقبات في المراجعة والاستفسار، ناهيك عن الإحراج، مؤكدا على أن وجود أقسام نسائية من شأنه تقديم الكثير من التسهيلات للمرأة ويرفع عنها الحرج ويقدم لها الدعم المطلوب والتوعية القانونية في كافة قضاياها كالمطالبة بإرث أو عمل وكالة دعوى طلاق، مشددا على أن المرأة للمرأة تكون أكثر بساطة في التعامل مع بعضهن.. وقدم في نهاية حديثه الشكر للمسؤولين على الاهتمام بالمرأة وشؤونها وفق شريعتنا السمحة. تسريع الإنجاز ورأى المستشار الشرعي علي أحمد المالكي، أن هذا القرار اعتمد من وزارة العدل والجميع أيده لما فيه مصلحة للمجتمع، مؤكدا على أن المرأة عندنا لها خصوصية معينة وفي حاجة لمن يخدمها من بنات جلدتها وتختلف خصوصيتها عن الرجل، مضيفا «كما أن الرجل بحاجة لتسريع معاملته فالمرأة كذلك حين تخدمها المرأة فإن ذلك تسريع لإنجاز المعاملة كالتأكد من هويتها بكل سهولة ومعرفة المرأة على حقيقتها».. وتابع المالكي «التأكد من هويتها وأنها صاحبة المعاملة شيء ضروري وقضائي»، مبينا أن استحداث الوظائف جاء من أجل إيقاف التلاعب بأموال المسلمين وفحص الشخصيات، مفيدا أن المرأة في حال رغبتها في إقامة وكيل لها ربما يستغل الوكيل الوكالة وينيب عنها امرأة أخرى (محجبة) في أمور أكبر من الأمر المعني وهي ليست نفس المرأة، مؤكدا على أن مراجعة المرأة تسهيل للمعاملة والتأكد من هويتها وستقضي على جزء كبير من اللبس الحادث، مشددا على أنه لا مانع شرعا أن المرأة تراجع المرأة في هذا المرفق المهم.. وشدد المالكي على أن المرأة السعودية قد أثبتت جدارتها في عدة وزارات وقطاعات مختلفة ولم يحدث شيء من مخالفة للنظام. توجيه صحيح وعلق المحامي عبدالعزيز نقلي على القرار بقوله «إن تنفيذ الأوامر الملكية في جميع المجالات أمر ضروري، خاصة أن جامعات المملكة تخرج سنويا من قسم القانون أعدادا كبيرة من الطالبات القانونيات المتخصصات، مقارنة بأعداد الطلاب وعلمت أنها ستفتح الدراسات العليا في بعض جامعات المملكة». وأضاف «لذا فمشاركة المرأة في العمل القانوني جيد وتكتسب الخبرة به، خاصة أن المرأة الآن لها عدة معاملات في المحاكم والأحوال الشخصية؛ فتقديم استشارة من امرأة لامرأة يكون بعيدا عن موضوع الحرج فعندما تذكر المرأة شيئا خاصا بها أقرب إليها المرأة في التفاهم والنفسية». وأضاف قائلا «إنني أؤيد عمل المرأة المتخصصة في مجال القانون، سواء محامية أو مستشارة، حتى إنه قبل فترة ذكر وزير العدل أنه بصدد إعطاء ترخيص للنساء لمزاولة المحاماة، وطالما أن المسؤولين رأوا أهمية دور المرأة فلابد أن تشارك الرجل في المحاكم العمالية والجزئية والأحوال الشخصية وسوف يكون دورها قوي وفعال لقربها من بنات جنسها».. واستدرك النقلي «نحن لا نطعن في الرجال، بل إنهم يؤدون عملهم على أكمل وجه وأمانة، لكن قرب المرأة للمرأة أفضل لتوجهها التوجيه الصحيح».