أصحاب السمو أمراء المناطق يمثلون ولي الأمر في مناطقهم ويضطلعون بجملة من المهام والصلاحيات القيادية والتنموية والإشرافية في كافة المجالات، ومجالس المناطق برئاسة أمرائها خولت بمناقشة احتياجات مناطقهم وجدولة المشاريع حسب أولوياتها يساهم في ذلك المجالس المحلية والبلدية، ولا شك أن كل تلك المجالس والدور المناط بها والمأمول منها تعكس تطلع القيادة الرشيدة وحرصها على تطوير كل ما يقدم للمواطن والمقيم من خدمات في كافة أوجه الحياة ويحقق طموحات أمراء المناطق في خدمة مناطقهم والرقي بها وسد احتياجاتها من كافة الخدمات وبشكل مدروس ومتوازن ومستدام. إلا أنه لا يخفى أن كل ما يبذل من جهود في أروقة هذه المجالس وما تتمخض عنه من توصيات ترفع لجهات الاختصاص تظل قاصرة عن تحقيق أهدافها بصورة فاعلة وآنية لاسيما في الجوانب ذات الأولوية والحاجة الملحة بسبب ارتباطها بسلسة من الإجراءات والخطوات التي قد تمتد لسنوات ربما ليست قصيرة ريثما يتم اعتمادها وربما لا تعتمد حتى تكون الحاجة قد تجاوزت حجم المشروع المطلوب بمراحل عديدة مما أصبح التفكير بجدية في تطبيق وإطلاق تجربة تقيم مثلا بعد خمس سنوات لتخصيص ميزانية مستقلة لكل منطقة لها العديد من المبررات الواقعية والحاسمة في تفعيل جهود أمراء المناطق وتحقيق رؤاهم وتطلعاتهم وطموحاتهم والإفادة من جهود مجالس المناطق والمجالس المحلية والبلدية ووضعهم في تحدٍ حقيقي في مضمار تطوير وتوفير الخدمات وجهودهم في هذا المجال. وعندما أتحدث عن ميزانية مستقلة أعني بأنها ربما تتشكل من مجموع ما تم اعتماده لكل القطاعات الخدمية إلا أن الفرق هنا أن أمراء المناطق وبحكم قربهم ومعرفتهم بواقع الاحتياج يمنحون الفرصة لتوظيف المبالغ المتوفرة وتوجيهها للمشاريع الأكثر إلحاحا وأولوية تلافيا لتضاؤل الاستفادة من بعض الاعتمادات المالية لبعض المشاريع التي يتأخر تنفيذها بسبب عدم توفر الأراضي أو الاعتراضات أو غير ذلك من الأمور الفنية. نتطلع أن يمنح أمراء المناطق المزيد من الصلاحيات وإعطاء مساحة كافية لكل منطقة للتصرف المباشر بتوجيهات من أميرها في تحديد خارطة الأولويات الإنمائية والمشاريع الخدمية التي تحتاجها والتصرف في تخصيص جزء من الاعتمادات المالية لدعم بعض المشاريع ذات الأولوية. المالية هي الجهة المنسقة سواء بذاتها أو من خلال أفرعها المنتشرة في مناطق المملكة بعد تفعيلها وتزويدها بالكوادر المتخصصة وبما يمكنها من القيام بدور المستشار المالي لأمير المنطقة وأجزم أن ذلك سوف يكون بمثابة نقطة تحول حقيقية في مجال النهوض بالخدمات من حيث الجودة والعدد كما سوف يخلق جوا تنافسيا محموما بين المناطق لاسيما أن كل منها يحتضن الكثير من العقول المبدعة التي ترغب في العمل والمبادرة ولكنها تواجه عقبة سلسة إجراءات الاعتماد للمشروع وتوفر الإمكانيات المباشرة من أمام طموحاتها وتطلعاتها. فكل منطقة في واقع الأمر هي جزء غالي من هذا الوطن الكبير الشامخ باسمه ومكانته وقيادته ورجالاته ووحدته ولحمته التي باتت ولله الحمد مضرب المثل، فلا مكان بيننا للمناطقية ولا للتعصب والتي لا يمكن وصف من يعتقدها أو يمارسها فعليا إلا أنه يسير في الاتجاه المعاكس لمصلحة الوطن ومقدراته ومكتسباته وإن اعتقد واهما أنه فيها تكريس لولائه لمجتمعه الصغير ومطلوب أن يعمل الجميع وفق ما تمليه الأنظمة والتعليمات وما يترتب عليها من مسؤوليات وواجبات، نريد أن تكون مناطق بلادنا مفتوحة للجميع، ومرحب بأي مواطن أو طالب أو موظف أو مستثمر، ولنكن على يقين أنه لا بقاء إلا للأصلح لأن أي منطقة هي مكملة وجزء من المناطق وتطورها تطور لباقي مناطق بلادنا، ويصب ذلك في خانة رفعة وتقدم الوطن، وليس عيبا ولا بدعا من القول ولا مبررات للتهميش أن ينتمي المبدع المتميز لمنطقة، بل لابد أن يكون ذلك حافزا للآخرين على الإبداع ورفعة الوطن.