لم يشتهر اسم فكاهي في التاريخ العربي مثلما اشتهر اسم (جحا)، واشتهر جحا لأنه يستنطق الابتسامة من رحم الأحداث، فكان كلما سأل عن مكان أذنه يشير بيده اليمنى إلى أذنه اليسرى أو العكس، وما جعلني أتذكر جحا هو موقف وزارة التجارة في معالجتها لمشكلة زيادة الأسعار، سنوات والتجار يسرحون ويمرحون كيفما يريدون دون حسيب أو رقيب، يزيدون الأسعار متى ما سمعوا عن أية زيادة في دخل المواطن السعودي. الحل الجديد الذي ابتدعته وزارة التجارة لمكافحة زيادة الأسعار يدل على أنها لا تنوي فعلا علاج المشكلة، حيث وضعت رقما مجانيا ليتصل عليه المواطنون المتضررون من زيادة الأسعار، ولن يجد التجار فرصة لفعل ما يريدون مثل هذه الفرصة الذهبية، فهو إقرار بشكل غير مباشر من قبل وزارة التجارة وضوء أخضر تمنحه دون أن تدري لكل تاجر بأن يزيد في الأسعار كما يحلو له. إن حكاية الرقم المجاني تنصل من وزارة التجارة عن القيام بدورها الفعلي والحقيقي ورمي المشكلة وحلولها في مرمى وأحضان المواطن المسكين الذي لا يعرف من أين تأتيه نوائب الزمن التي تستهدف امتصاص دخله من جيبه من غير حول منه ولا قوة، جميعنا يعرف جدوى الأرقام المجانية من عدمها، ونعرف كم عانينا من يأس ونحن نهاتف هذه الأرقام المجانية التي هي أحوج من غيرها إلى نظام رقابي، كنا نتمنى لو أن وزارة التجارة أصدرت مجموعة من الحلول الواقعية على أرض الميدان يكون ضمنها هاتفهم المجاني. على وزارتنا الموقرة أن تعرف بأن المواطن أصبح مطلعا وواعيا ويعرف تمام المعرفة ماذا تفعل جميع وزارات التجارة في العالم وكيف تحمي مواطني بلدها من جشع بعض التجار، لا نريد أرقاما مجانية وكأنها جميل على رقابنا تمنحنا وزارة التجارة إياه، نريد من وزارتنا العزيزة أن «تتعب نفسها معنا» قليلا وتصدر قائمة أسعار تنشرها في كل مكان، ترافقها قائمة من العقوبات الصارمة، أما ما تمارسه اليوم وزارتنا الحبيبة فهو تضييع للوقت دون فائدة!. [email protected]