يستهين بعض الناس بالمال العام وهم يختلسون منه شيئا قليلا أو كثيرا ويظنون أن ما يفعلونه هينا وهو عند الله عظيم، ويرون نتيجة قصور فهمهم وعمى بصيرتهم أن استلاب مال عام أخف وأهون من أخذ مال أحد من الناس وأكله بغير حق، ومع أن الفعلتين جريمتان ووقوع في مال حرام وهي أعمال خسيسة عاقبتها وخيمة في العاجل والآجل، إلا أن من العلماء والفقهاء من يرون أن اختلاس المال العام أشد وأنكى من استلاب المال الخاص، ويبنون رأيهم على أن الذي يخاصم أمام الله المستلب للمال الخاص هو صاحبه المسلوب، أما الذي يخاصم المختلس للمال العام فإنهم جميع أفراد الأمة التي اختلس ذلك المجرم أيا كان مالهم العام وحرم وطنه ومواطنيه من مشاريع أو أجهزة أو أبنية كان من المفروض أن تقام أو تشترى بجزء من المال العام المختلس، ولكن ناهبها فضل اختلاسها ووضعها في جيبه أو رصيده المتخم حارما منها غيره من المواطنين مرددا مع غيره من المنحرفين الذين لديهم ضمائر ميتة وقلوب غلف أن المال العام حلال أو بعبارة شعبية مال الحكومة حلال!؟. أما واقع الأمر فإن الطرق الضيقة التي كان من المفروض توسعتها بجزء من المال العام المختلس فظلت ضيقة لتحصد بعض أرواح سالكيها، فإن الضحايا سوف يكونون خصوم ذلك المختلس في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون ولا أرصدة ولا بنوك ولا وجاهة ولا «مدس مقطوعة» !، وسوف يخاصمونه فيما جناه عليهم نتيجة سلبه مالا عاما حال دون إنفاقه على توسعة طرقهم التي فقدوا فيها أرواحهم، وإن كان المال المختلس قد ضل طريقه نحو بناء مستشفى أو شراء أجهزة طبية للمرضى المحتاجين للعلاج الجيد وذهب إلى جيب أو حساب مختلس فإن كل مريض حرم من العلاج أو تدهورت صحته بسبب ضعف مستواه وعدم توفر الأجهزة والكوادر الطبية المناسبة، ومن لقي وجه ربه وهو يعاني من مرضه، كل أولئك سوف يمسكون يوم القيامة بخناق المختلس الذي اختلس من المال العام ما حرمهم من العلاج الجيد على أيدي أطباء مهرة وعن طرق أجهزة طبية حديثة. وقِس على ذلك كل أمر أو مصلحة حال اختلاس المال العام دون قيامها وتسخيرها للمصلحة العامة، فإن كان الخطر شديدا على من يخاصمه أمام الله فرد واحد مظلوم أكل الظالم حقه، فكيف يكون مصير من تخاصمه الأمة؟!. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة